فبطل قول من قال : «إنّ اللّه تعالى خلق محمّدا ، و فوّض إليه خلق الدنيا ، فهو الخلّاق لما فيها» ، و قول بعضهم : «فوّض ذلك إلى عليّ عليه السلام » ، و قول آخر : «إنّ اللّه تعالى فوّض الأمر إلى سلمان و أبيذرّ و المقداد و عمّار و عمرو بن اُميّة» . ۱
و لم يقل بالتفويض إلّا المعتزلة في قولهم : إنّ اللّه فوّض أفعال العباد إليهم .
و في المجمع :
و من القدريّة المعتزلة ؛ لأنّهم شهروا أنفسهم بإنكار ركن عظيم من الدين ، و هو كون الحوادث بقدرة اللّه تعالى و قضائه ، و زعموا أنّ العبد قبل أن يقع منه الفعل مستطيع تامّ ؛ يعني لا يتوقّف فعله على تجدّد فعل من أفعاله تعالى ، و هذا معنى التفويض. ۲
هذا قوله في مادّة الجبر . و قال في «قدر» :
في الحديث ذكر القدريّة ، و هم المنسوبون إلى القدر ، و يزعمون أنّ كلّ عبدخالق فعله ، و لا يرون المعاصي و الكفر بتقدير اللّه و مشيّته ، فنسبوا إلى القدر ؛ لأنّه بدعتهم و ضلالتهم.
و في شرح المواقف : قيل : القدريّة هم المعتزلة ؛ لإسناد أفعالهم إلى قدرتهم. و في الحديث : «لا يدخل الجنّة قدريّ ، و هو الذي يقول : لا يكون ما شاء اللّه ، و يكون ما شاء إبليس. ۳ انتهى .
فقد عُلم أنّ المفوّضة هم المعتزلة و من قال بمقالتهم ، كما أنّ الجبريّة هم الأشاعرة .
و أمّا الثاني ؛ أي الذي يقتضيه العقل ، و يوجبه البرهان ، فهو : أنّ اللّه تعالى جعل العالم عالم الأسباب ، و أبى أن يجري الاُمور إلّا بأسبابها ، و أسباب العالم ستّ ؛ إذ علمه من المعلوم أنّ الفاعل المختار لو لم يعلم شيئا لم يمكن له أن يفعله ، و صدوره الجزافي ليس صدورا عنه ، و ترتّبه القهري عليه مثله ، ثمّ مشيّته لصحّة سلب صدوره عنه إذا لم يشأ عرفا و عقلاً .
1.لا يخفى أنّ هذه الأقوال منتسبة إلى الشيخيّة ، و المصنّف قد تبرّأ منها و منهم هنا.
2.مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۲۴۱ (جبر).
3.مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۴۵۱ (قدر).