الحديث
۳۹۱.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :خَمسٌ لا يَجتَمِعنَ إلّا في مُؤمِنٍ حَقّا يوجِبُ اللّهُ لَهُ بِهِنَّ الجَنَّةَ : النّورُ فِي القَلبِ ، وَالفِقهُ فِي الإِسلامِ ، وَالوَرَعُ فِي الدّينِ ، وَالمَوَدَّةُ فِي النّاسِ ، وحُسنُ السَّمتِ فِي الوَجهِ. ۱
۳۹۲.الإمام عليّ عليه السلامـ في كِتابِهِ إلى مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ وأهلِ مِصرَ ـ :عَلَيكُم بِتَقوَى اللّهِ ؛ فَإِنَّها تَجمَعُ مِنَ الخَيرِ ما لا يَجمَعُ غَيرُها ، ويُدرَكُ بِها مِنَ الخَيرِ ما لا يُدرَكُ بِغَيرِها ؛ مِن خَيرِ الدُّنيا وخَيرِ الآخِرَةِ ، قالَ اللّهُ عز و جل : « وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَ لَدَارُ الْاخِرَةِ خَيْرٌ وَ لَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ » . ۲
اِعلَموا يا عِبادَ اللّهِ، أنَّ المُؤمِنَ يَعمَلُ لِثَلاثٍ مِنَ الثَّوابِ : إمّا لِخَيرِ ( الدُّنيا ) فَإِنَّ اللّهَ يُثيبُهُ بِعَمَلِهِ في دُنياهُ ؛ قالَ اللّهُ سُبحانَهُ لإِِبراهيمَ : «وَ ءَاتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا وَ إِنَّهُ فِى الْاخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ »۳ ، فَمَن عَمِلَ للّهِِ تَعالى أعطاهُ أجرَهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، وكَفاهُ المُهِمَّ فيهِما . وقَد قالَ اللّهُ عز و جل : «يَاعِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ »۴ ، فَما أعطاهُمُ اللّهُ فِي الدُّنيا لَم يُحاسِبهُم بِهِ فِي الآخِرَةِ . قالَ اللّهُ عز و جل : «لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَ زِيَادَةٌ»۵ ، فَالحُسنى هِيَ الجَنَّةُ ، وَالزِّيادَةُ هِيَ الدُّنيا .
( وإمّا لِخَيرِ الآخِرَةِ ) فَإِنَّ اللّهَ عز و جل يُكَفِّرُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَيِّئَةً ؛ قالَ اللّهُ عز و جل : «إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ »۶ ، حَتّى إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ حُسِبَت لَهُم حَسَناتُهُم ، ثُمَّ أعطاهُم بِكُلِّ واحِدَةٍ عَشرَ أمثالِها إلى سَبعِمِئَةِ ضِعفٍ ؛ قالَ اللّهُ عز و جل : «جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا » ، ۷ وقالَ : «أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَ هُمْ فِى الْغُرُفَاتِ ءَامِنُونَ » . ۸ فَارغَبوا في هذا ـ رَحِمَكُمُ اللّهُ ـ وَاعمَلوا لَهُ ، وتَحاضّوا ۹ عَلَيهِ .
وَاعلَموا يا عِبادَ اللّهِ، أنَّ المُتَّقينَ حازوا عاجِلَ الخَيرِ وآجِلَهُ ؛ شارَكوا أهلَ الدُّنيا في دُنياهُم ، ولَم يُشارِكهُم أهلُ الدُّنيا في آخِرَتِهِم ؛ أباحَهُمُ اللّهُ مِنَ الدُّنيا ما كَفاهُم وبِهِ أغناهُم ؛ قالَ اللّهُ عَزَّ اسمُهُ : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْايَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»۱۰
سَكَنُوا الدُّنيا بِأَفضَلِ ما سُكِنَت ، وأكَلوها بِأَفضَلِ ما اُكِلَت ؛ شارَكوا أهلَ الدُّنيا في دُنياهُم ، فَأَكَلوا مَعَهُم مِن طَيِّباتِ ما يَأكُلونَ ، وشَرِبوا مِن طَيِّباتِ ما يَشرَبونَ ، ولَبِسوا مِن أفضَلِ ما يَلبَسونَ ، وسَكَنوا مِن أفضَلِ ما يَسكُنونَ ، وتَزَوَّجوا مِن أفضَلِ ما يَتَزَوَّجونَ ، ورَكِبوا مِن أفضَلِ ما يَركَبونَ ؛ أصابوا لَذَّةَ الدُّنيا مَعَ أهلِ الدُّنيا ، وهُم غَدا جيرانُ اللّهِ ، يَتَمَنَّونَ عَلَيهِ فَيُعطيهِم ما تَمَنَّوهُ ، ولا يَرُدُّ لَهُم دَعوَةً ، ولا يَنقُصُ لَهُم نَصيباً مِنَ اللَّذَّةِ . فَإِلى هذا ـ يا عِبادَ اللّهِ ـ يَشتاقُ إلَيهِ مَن كانَ لَهُ عَقلٌ ، ويَعمَلُ لَهُ بِتَقوَى اللّهِ ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ . ۱۱
1.كنز الفوائد : ج ۲ ص ۱۰ ، بحارالأنوار : ج ۱ ص ۲۱۹ ح ۴۹ .
2.النحل : ۳۰ .
3.العنكبوت : ۲۷ .
4.الزمر : ۱۰ .
5.يونس : ۲۶ .
6.هود: ۱۱۴ .
7.النبأ: ۳۶ .
8.سبأ : ۳۷ .
9.الحَضّ على الشيء : الحثّ على الشيء (النهاية : ج ۱ ص ۴۰۰ «حضض») .
10.الأعراف : ۳۲ .
11.الأمالي للمفيد : ص ۲۶۱ ح ۳ ، الأمالي للطوسي : ص ۲۵ ح ۳۱ كلاهما عن أبي إسحاق الهمداني ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۳۸۶ ح ۱۱ وراجع : الغارات : ج ۱ ص ۲۳۴ ونهج البلاغة : الكتاب ۲۷ .