319
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

وقال بعض المعاصرين: وذلك لأنّ الوصيّة إنّما ينتقل ممّن له التقدّم.۱
وقال برهان الفضلاء سلّمه اللَّه تعالى:
«ولكنّه كان مستودعاً للوصايا» يعني بإيداع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إيّاها عنده قبل البعثة، فدفعها إليه عند الإشراف على البعثة، ثمّ قال: ومعنى «على أنّه محجوج به» على أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله محجوج بأبي طالب ظنّاً من السائل أنّ من كان عنده وصيّة الأنبياء، فبمجرّد ذلك يصير حجّة حاكماً وإن كانت عنده عاريّة، فقال الإمام عليه السلام ما قال، يعني لو كان يصير النبيّ صلى اللَّه عليه وآله بمجرّد دفع أبي طالب الوصيّة إليه محجوجاً بأبي طالب، ما دفع النبيّ صلى اللَّه عليه وآله الوصيّة قبل البعثة إلى أبي طالب وديعة. قال: وحاصله أنّ صيرورة الرجل مستودعاً للوصيّة لا ينافي كونه محجوجاً محكوماً بمن أودعه عنده، كما أنّ الحسين عليه السلام أودعها عند اُمّ سلمة.
أقول: لا ينحلّ هذا الحديث كما ينبغي إلّا بأن يُقال: لعلّ من خصائص خاتم الأنبياء صلى اللَّه عليه وآله أنّه مستثنى من كليّة ما ثبت عند الإماميّة أنّ كلّ أحد من لدن آدم عليه السلام إلى شهادة القائم - صلوات اللَّه عليه - إمّا حجّة معصوم، أو محجوج معصوم، أو غيره؛ فكان صلى اللَّه عليه وآله قبل البعثة غير محجوج بمن دفع إليه الوصيّة من أوصياء عيسى عليه السلام بواسطة أبي طالب أو بوسائط وكان هو بردة كان بعد رفع الوصيّة إلى الواسطة حجّة ناطقاً حيّاً غائباً كالمهدي عليه السلام إلى زمان البعثة، وكان غيره من الوسائط حجّة صامتاً مستودعاً للوصيّة. وقد ثبت عندنا أنّ سلمان وعبد المطّلب وأبا طالب كلّهم من الأوصياء. وفي حديث مقاتل عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا ، وأوصى آصف بن برخيا إلى زكريّا، ودفعها زكريّا إلى عيسى‏ بن مريم، وأوصى عيسى بن مريم إلى شمعون بن حمّون الصفا، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريّا، وأوصى يحيى بن زكريّا إلى منذر، وأوصى منذر إلى سليمة، وأوصى سليمة إلى بردة، ثمّ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: ودفعها إليّ بردة وأنا أدفعها إليك يا عليّ»، الحديث.۲

1.الوافي ، ج ۳ ، ص ۷۰۲ ، ذيل ح ۱۳۱۱.

2.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۱۷۶ ، ح ۵۴۰۲ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ۴۰۲ ، المجلس ۶۳ ، ح ۳ ؛ كمال الدين، ج ۱ ، ص ۲۲ ، باب ۲۲ ، ح ۱.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
318

«صدع به» كمنع: أظهره.
في بعض النسخ - كما ضبط برهان الفضلاء - : «منائر» مكان (منازل) جمع منار، وعلى هذه المراد ب (أعلامها): أبنيتها.

الحديث التاسع عشر

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ ،۱عَنْ دُرُسْتَ : أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ عليه السلام : أَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مَحْجُوجاً بِأَبِي طَالِبٍ ؟ فَقَالَ : «لَا ، وَ لكِنَّهُ كَانَ مُسْتَوْدَعاً لِلْوَصَايَا ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ صلى اللَّه عليه وآله».
قَالَ : قُلْتُ : فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصَايَا عَلى‏ أَنَّهُ مَحْجُوجٌ بِهِ ؟ فَقَالَ : «لَوْ كَانَ مَحْجُوجاً بِهِ ، مَا دَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصِيَّةَ».
قَالَ : فَقُلْتُ : فَمَا كَانَ حَالُ أَبِي طَالِبٍ ؟ قَالَ : «أَقَرَّ بِالنَّبِيِّ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ ، وَ دَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصَايَا ، وَ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ» .

هديّة:

المراد ب «الوصايا» هنا ميراث الأنبياء من الكتب وغيرها، كالجفر الأبيض، وعصا موسى، وخاتم سليمان.
(كان مستودعاً) يعني بإيداع حجّة معصوم من أوصياء عيسى‏ عليه السلام وهو بردة كما في حديث مقاتل بن سليمان عن الصادق عليه السلام، رواه في الفقيه أيضاً في باب الوصيّة من لدن آدم عليه السلام.۲(على أنّه محجوج به) يعني مع أنّ أبا طالب محجوج والنبيّ صلى اللَّه عليه وآله حجّة عليه، فقال بناءً على أنّ الوصيّة تلزمها أن تدفعها الحجّة إلى الحجّة بواسطة، كاُمّ سلمة وفاطمة بنت الحسين عليه السلام، أو بغير واسطة لو كان أبو طالب محجوباً به صلى اللَّه عليه وآله ما دفع إليه الوصيّة.

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى ، عن سعد بن عبد اللَّه ، عن جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن هلال، عن أميّة بن عليّ القيسيّ».

2.الفقيه ، ج ۴ ، ص ۱۷۴ ، ح ۵۴۰۲.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 117588
صفحه از 612
پرینت  ارسال به