قُلْتُ : فَإِنَّ النَّاسَ تَكَلَّمُوا فِي أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، وَ يَقُولُونَ : كَيْفَ تَخَطَّتْ مِنْ وُلْدِ أَبِيهِ مَنْ لَهُ مِثْلُ قَرَابَتِهِ وَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ ، وَ قَصُرَتْ عَمَّنْ هُوَ أَقْصَرُ۱ مِنْهُ ؟
فَقَالَ : «يُعْرَفُ صَاحِبُ هذَا الْأَمْرِ بِثَلَاثِ خِصَالٍ لَا يَكُونُ۲ فِي غَيْرِهِ : هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِالَّذِي قَبْلَهُ وَ هُوَ وَصِيُّهُ ، وَ عِنْدَهُ سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَ وَصِيَّتُهُ ، وَ ذلِكَ عِنْدِي لَا أُنَازَعُ فِيهِ».
قُلْتُ : إِنَّ ذلِكَ مَسْتُورٌ مَخَافَةَ السُّلْطَانِ ؟
قَالَ : «لَا يَكُونُ فِي سِتْرٍ إِلَّا وَ لَهُ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ ؛ إِنَّ أَبِي عليه السلام اسْتَوْدَعَنِي مَا هُنَاكَ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، قَالَ : ادْعُ لِي شُهُوداً ، فَدَعَوْتُ أَرْبَعَةً مِنْ قُرَيْشٍ ، فِيهِمْ نَافِعٌ مَوْلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : اكْتُبْ : هذَا مَا أَوْصى بِهِ يَعْقُوبُ بَنِيهِ : «يا بَنِىَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» ، وَ أَوْصى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى ابْنِهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَ أَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِي بُرْدِهِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ الْجُمَعَ ، وَ أَنْ يُعَمِّمَهُ بِعِمَامَتِهِ ، وَ أَنْ يُرَبِّعَ قَبْرَهُ ، وَ يَرْفَعَهُ أَرْبَعَ أَصَابِعَ ، ثُمَّ يُخَلِّيَ عَنْهُ» ، فَقَالَ : «اطْوُوهُ» . ثُمَّ قَالَ لِلشُّهُودِ : «انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ» .
فَقُلْتُ بَعْدَ مَا انْصَرَفُوا : «مَا كَانَ فِي هذَا يَا أَبَتِ ، أَنْ يُشْهِدَ۳ عَلَيْهِ ؟»
فَقَالَ : «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ تُغْلَبَ ، وَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يُوصَ ، فَأَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لَكَ حُجَّةٌ ، فَهُوَ الَّذِي إِذَا قَدِمَ الرَّجُلُ الْبَلَدَ ، قَالَ : مَنْ وَصِيُّ فُلَانٍ ؟ قِيلَ : فُلَانٌ» . قُلْتُ : فَإِنْ أَشْرَكَ فِي الْوَصِيَّةِ ؟ قَالَ : «تَسْأَلُونَهُ ؛ فَإِنَّهُ سَيُبَيِّنُ لَكُمْ» .
هديّة:
(الحقّ واللَّه) يعني هذا الحديث.
(لم يسعه ذلك) على الاستفهام، يعني أليس هو معذوراً في عدم معرفته الإمام.
(حجّة وصيّه)، في بعض النسخ: «حجّة وصيّته» أي الوصيّة الظاهرة لأهل البلد.
(وحقّ النّفر) أي وجب.