«يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا»۱ .
فَلَمَّا بَلَغَ عِيسى عليه السلام سَبْعَ سِنِينَ ، تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ وَ الرِّسَالَةِ حِينَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِلَيْهِ ، فَكَانَ عِيسَى الْحُجَّةَ عَلى يَحْيى وَ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ ، وَ لَيْسَ تَبْقَى الْأَرْضُ - يَا أَبَا خَالِدٍ - يَوْماً وَاحِداً بِغَيْرِ حُجَّةٍ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عليه السلام ، وَ أَسْكَنَهُ الْأَرْضَ».
فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَ كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام حُجَّةً مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ عَلى هذِهِ الْأُمَّةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ؟
فَقَالَ : «نَعَمْ ، يَوْمَ أَقَامَهُ لِلنَّاسِ ، وَ نَصَبَهُ عَلَماً ، وَ دَعَاهُمْ إِلى وَلَايَتِهِ ، وَ أَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ».
قُلْتُ : فَكَانَتْ۲ طَاعَةُ عَلِيٍّ عليه السلام وَاجِبَةً عَلَى النَّاسِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ؟
فَقَالَ : «نَعَمْ ، وَ لكِنَّهُ صَمَتَ ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَ كَانَتِ الطَّاعَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله عَلى أُمَّتِهِ وَ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَ كَانَتِ الطَّاعَةُ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ لِعَلِيٍّ عليه السلام بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَ كَانَ عَلِيٌّ عليه السلام حَكِيماً عَلِيماً۳» .
هديّة:
في التفسير: (إنّي عبد اللَّه) في سورة مريم، يعني لا ابن اللَّه كقول النصارى فيه، واليهود في عزير، ولا عين اللَّه، كقول الصوفيّة القدريّة في كلّ موجود.
(وأسكنه الأرض) يؤيّد ما في الحديث أنّ خطبة آدم عليه السلام كانت قبل قيامه حجّة في الأرض.
(ولكنّه صمت) كنايةٌ عن عدم القيام بالأمر.
(بقوّة) في آية سورة مريم فسّر بِعلْمٍ من اللَّه، لا برأي من عندك.
(حكيماً عليماً) ناظرٌ إلى قوله تعالى في سورة الزخرف: «وَإِنَّهُ فِى أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ»۴، في التفسير عنهم عليهم السلام: «وأنّه - أي الصراط المستقيم في سورة فاتحة الكتاب -