سبحانه محال أن يكون ممّا هو كُفر في شرعه، وأنّ السرّ الذي أظهرتم لكلّ قلندر وفَهِمَه كلُّ من سمع لا يكون هو سرّ اللَّه، وأنّ العارف بأسرار اللَّه لا يكون إلّا المعصومون المحصورون المعيّنون عدداً الممتازون حسباً ونسباً من لدن آدم إلى القائم عليهما السلام، وأنّ سلمان كان معه علمٌ من العلوم دون أبي ذرّ بذلك الشأن، كما للخضر عليه السلام دون موسى عليه السلام من اُولي العزم، أليس حقّاً حكْم موسى قبل المعرفة بوجهِ قتلِ الطفل بقتل قاتله؟ أليس عِلْم اللَّه لا نهاية له؟ أليس لما لا نهاية له لا نهاية لعجائباته؟ أليس لو اُعطي ممّا لا يتناهى كلّ ذرّة من ذرّات العالم ما لا يحصى كان الجميع مالك قطرة من البحر الذي لا ساحل له متحيّراً في عجائباته ومتولّهاً في غرائباته؟ أليس سرّكم ذائعاً شائعاً في الأسواق؟
سبحان اللَّه هل بقي سرٌّ أعظم من سرّكم المسموع المفهوم لكلّ أحد من الناس، فتدّعون أنّ عندنا سرّاً أو أسراراً، سبحان اللَّه هو اللَّه الذي لا إله إلّا هو، دَبَّرَ قبل تدبير الخواطر وأحكم، ومَكَرَ قبل مكر الماكرين وأبرم، وبمقتضى عظمته جلّت عظمته أخبر بتوسّط المعصوم، وهو الذي لا يشكّ في إخباره بضروريّات الدِّين بحيث يكون اعتقاد الجميع بها على السواء كالشمس بالنظر إلى جميع الأنظار.
سمعتم في سنّ الصبا من آبائكم ومعلّميكم أنّ جهنّم مثلاً وهدة وسيعة عظيمة مملوّة من نار كذا وحيّات كذا وعقارب كذا، فويلٌ للذي لم يعتقد في أراذل العمر كما تصوّره واعتقد به في سنّ الصبا أيّ من كان، وهكذا في جميع ما جاء به النبيّ صلى اللَّه عليه وآله من المغيبات كنكير ومنكر وتسوية الأرض بالزلزلة للحشر والنشر الجسماني وانشقاق السماء وطيّها والميزان والصراط وتطائر الكتب وتجسيم الأعمال، إن خيراً فخيراً، وإن شرّاً فشرّاً، واللَّه العظيم لن يسمع في سلطان عظمته تَعالى إخبار عباده بضروريّات دينه إلّا هكذا.
فهل عرفت سرّ الاهتمام في القرآن بكون ذكر الإيمان باللَّه قريناً لذكر الإيمان باليوم الآخر على ما أخبر به المعصوم العاقل هو في البشر عن اللَّه تبارك وتعالى، فتعوّذ باللَّه من عدوّك المبين المخفي الطامع بقوّة وساوسه في الأنبياء عليهم السلام.