183
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

رَحْمَتِهِ الَّتِي صَنَعَ مِنْهَا مُحَمَّداً وَ ذُرِّيَّتَهُ ، فَبَلَّغْنَا عَنِ اللَّهِ مَا أَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ ، فَقَبِلُوهُ وَ احْتَمَلُوا ذلِكَ ، فَبَلَغَهُمْ ذلِكَ عَنَّا ، فَقَبِلُوهُ وَ احْتَمَلُوهُ ، وَ بَلَغَهُمْ ذِكْرُنَا ، فَمَالَتْ قُلُوبُهُمْ إِلى‏ مَعْرِفَتِنَا وَ حَدِيثِنَا ، فَلَوْ لَا أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ هذَا لَمَا كَانُوا كَذلِكَ ؛ لَا وَ اللَّهِ ، مَا احْتَمَلُوهُ» .
ثُمَّ قَالَ : «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَقْوَاماً لِجَهَنَّمَ وَ النَّارِ ، فَأَمَرَنَا أَنْ نُبَلِّغَهُمْ كَمَا بَلَّغْنَاهُمْ ، فَاشْمَأَزُّوا۱ مِنْ ذلِكَ ، وَ نَفَرَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَ رَدُّوهُ عَلَيْنَا وَ لَمْ يَحْتَمِلُوهُ ، وَ كَذَّبُوا بِهِ ، وَ قَالُوا : سَاحِرٌ كَذَّابٌ ؛ فَطَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ، وَ أَنْسَاهُمْ ذلِكَ ، ثُمَّ أَطْلَقَ اللَّهُ لِسَانَهُمْ بِبَعْضِ الْحَقِّ ، فَهُمْ يَنْطِقُونَ بِهِ وَ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ ؛ لِيَكُونَ ذلِكَ دَفْعاً عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَ أَهْلِ طَاعَتِهِ ؛ وَ لَوْ لَا ذلِكَ مَا عُبِدَ اللَّهُ فِي أَرْضِهِ ، فَأَمَرَنَا بِالْكَفِّ عَنْهُمْ وَ السَّتْرِ وَ الْكِتْمَانِ ، فَاكْتُمُوا عَمَّنْ أَمَرَ اللَّهُ بِالْكَفِّ عَنْهُ ، وَ اسْتُرُوا عَمَّنْ أَمَرَ اللَّهُ بِالسَّتْرِ وَ الْكِتْمَانِ عَنْهُ» .
قَالَ : ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ وَ بَكى‏ ، وَ قَالَ : «اللَّهُمَّ ، إِنَّ هؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ، فَاجْعَلْ مَحْيَانَا مَحْيَاهُمْ ، وَ مَمَاتَنَا مَمَاتَهُمْ ، وَ لَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً لَكَ ؛ فَتُفْجِعَنَا بِهِمْ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أَفْجَعْتَنَا بِهِمْ لَمْ تُعْبَدْ أَبَداً فِي أَرْضِكَ ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيماً» .

هديّة:

الفاء في (فلم نجد) بيانيّة.
و«الحمالة» كسحابة: الدابّة يحمّلها قوم، وما تتحمّله عن القوم من الدية والغرامة. وقرأ برهان الفضلاء بالتشديد ، قال : على صيغة المبالغة، والتأنيث باعتبار الجماعة.
(ونفرت قلوبهم) عطفُ تفسيرٍ لاشمأزّوا.
و«الشرذمة»: الجماعة.
و«الإفجاع»: الإيجاع.
قل للصوفيّ القدريّ: فهل سرّ هنا مع الإمام سوى أجزاء الاسم الأعظم الخاصّ بهم عليهم السلام والإمامة والأمر بطاعة الإمام وعلم اُصول التشيّع وخصائصه على ما مرّ آنفاً؟

1.في الكافي المطبوع : «و اشمأزّوا».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
182

قال برهان الفضلاء: وحاصل الجواب: أنّ عدم الاحتمال هنا متعلّق بترك الإظهار، وفي الأخبار السابقة بتصديق المستصعب من حديثهم عليهم السلام.
أقول: ومحصول حاصل الجواب - كما بيّناه في بيان الحديث الأوّل - : أنّ عدم الاحتمال في الجميع متعلّق بأمر واحد، وهو طغيان حرارة الشوق بالاهتداء إلى ما هو الحقّ اليقين والصراط المستقيم، كالمحتاج الواجد كنزاً لا يفنى؛ على أنّه يدفع المنافاة أيضاً - كما يظهر من الخبر التالي - أنّ المراد بالعلم والسرّ هنا أجزاء الاسم الأعظم المخصوصة بهم عليهم السلام، فالمعنى لا يحتمله على فرض الاحتمال وعدم القول بالاختصاص إلّا أن يخرجه.
وفي الأخبار السابقة علم اُصول التشيّع المعلوم من المعصوم حسب، من القول بوجوب وجود المعصوم العاقل عن اللَّه تعالى لهذا النظام العظيم دائماً، ووجوب طاعته على من سواه، وكونه أفضلهم حسباً ونسباً، وكونه مخصوصاً بالنصّ، محصوراً عدده، معيّناً زمانه، وأمثال ذلك من اُصول التشيّع.

الحديث الخامس‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ ابْنِ مُسْكَانَ ،۱عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ وَ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «يَا بَا مُحَمَّدٍ ،۲ إِنَّ عِنْدَنَا - وَ اللَّهِ - سِرّاً مِنْ سِرِّ اللَّهِ ، وَ عِلْماً مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ، وَ اللَّهِ مَا يَحْتَمِلُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، وَ لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَ لَا مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ ، وَ اللَّهِ مَا كَلَّفَ اللَّهُ ذلِكَ أَحَداً غَيْرَنَا ، وَ لَا اسْتَعْبَدَ بِذلِكَ أَحَداً غَيْرَنَا ، وَ إِنَّ عِنْدَنَا سِرّاً مِنْ سِرِّ اللَّهِ ، وَ عِلْماً مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ، أَمَرَنَا اللَّهُ بِتَبْلِيغِهِ ، فَبَلَّغْنَا عَنِ اللَّهِ - عَزَّ وَ جَلَّ - مَا أَمَرَنَا بِتَبْلِيغِهِ ، فَلَمْ نَجِدْ لَهُ مَوْضِعاً وَ لَا أَهْلًا وَ لَا حَمَالَةً يَحْتَمِلُونَهُ ، حَتّى‏ خَلَقَ اللَّهُ لِذلِكَ أَقْوَاماً خُلِقُوا مِنْ طِينَةٍ خُلِقَ مِنْهَا مُحَمَّدٌ وَ آلُهُ وَ ذُرِّيَّتُهُ صلى اللَّه عليه وآله ، وَ مِنْ نُورٍ خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ مُحَمَّداً وَ ذُرِّيَّتَهُ ، وَ صَنَعَهُمْ بِفَضْلِ صُنْعِ

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسين ، عن منصور بن العبّاس ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد اللَّه بن مسكان».

2.في الكافي المطبوع : «يا أبا محمّد».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 105404
صفحه از 612
پرینت  ارسال به