و«الظلامة» بالضمّ وتخفيف اللام: ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما أخذ منك كالظليمة على فعيلة، والمظلمة بالميم المفتوحة وكسر اللام.
قيل : «فهل رأيت» تعجّبٌ منه عليه السلام في صيرورة الظلم عليهم نعمة لهم. وقال برهان الفضلاء: يعني فهل رأيت ظلماً على المظلوم صيّره اللَّه نعمة عليه إلّا ظلم أعدائنا علينا، قال: بمعنى أنّ نعمتنا هذه أفضل نِعَم جميع الخلق.
أقول: ولعلّ المعنى إلّا نِعَم أعدائنا التي هي حقّنا.
الحديث الثالث
۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ؛۱وَالعِدَّة، عَنْ أَحْمَدَ ، وَ غَيْرِهِمَا، بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ : فِي احْتِجَاجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَلى عَاصِمِ بْنِ زِيَادٍ حِينَ لَبِسَ الْعَبَاءَ ، وَ تَرَكَ الْمُلَاءَ ، وَ شَكَاهُ أَخُوهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ قَدْ غَمَّ أَهْلَهُ ، وَ أَحْزَنَ وُلْدَهُ بِذلِكَ ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام :«عَلَيَّ بِعَاصِمِ بْنِ زِيَادٍ». فَجِيءَ بِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ عَبَسَ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ لَهُ : «أَ مَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ أَهْلِكَ ؟ أَ مَا رَحِمْتَ وُلْدَكَ ؟ أَ تَرَى اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَخْذَكَ مِنْهَا ؟ أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذلِكَ ، أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ : «وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ * فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ» ؟ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ : «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ * بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ»إِلى قَوْلِهِ «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ» ؟ فَبِاللَّهِ ، لَابْتِذَالُ نِعَمِ اللَّهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : «وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»».
فَقَالَ عَاصِمٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَعَلى مَا اقْتَصَرْتَ فِي مَطْعَمِكَ عَلَى الْجُشُوبَةِ ، وَ فِي مَلْبَسِكَ عَلَى الْخُشُونَةِ ؟ فَقَالَ : «وَيْحَكَ ، إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَ جَلَّ - فَرَضَ عَلى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ». فَأَلْقى عَاصِمُ بْنُ زِيَادٍ الْعَبَاءَ ، وَ لَبِسَ الْمُلَاءَ .