211
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

هديّة:

(وغيرهما) بالجرّ، عطفٌ على كلّ واحد من (صالح) و(أحمد). والضمير لهما.
(حين) ظرف للاحتجاج مضاف إلى جملة (لبس) إلى (ولدك). ومضمون الاحتجاج قوله عليه السلام: (أترى اللَّه) إلى آخره، وإشارة إلى الآيات، منها: قوله تعالى في المائدة: «يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ»۱، وقوله عزّ وجلّ في الأعراف: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ»۲ الآية.
و(الملاء) بالضمّ والمدّ والتخفيف: جمع ملاءة كذلك بعلامة الوحدة: الناعم الليّن من الأثواب.
«عليَّ به» من أسماء الأفعال، يعني جي‏ء أو جيئوا به.
(يلتقيان) فسّر بشطّ العرب وعمان.
(لا يبغيان) أي لا يغلب أحدهما على الآخر.
(فباللَّه) قرئ بباء القسم. وقرأ برهان الفضلاء بحرف النداء، يعني فيا قوم تفكّروا أو افهموا للَّه سبحانه.
و«ابتذال النعم بالفعال»: صرفها في مصارفها متوسّعاً، و«بالمقال»: إظهار الغنى بها باللسان، وهو شكرها. وقال برهان الفضلاء: و«ابتذالها بالمقال» عبارة عن مذمّتها ومنع الناس منها.
«فعلى ما» و«فعلى م» بمعنى.
(يقدّروا أنفسهم): يقيسوها، أو المعنى أن يضيّقوا على أنفسهم في المطعم والملبس بحسب حال ضعفة الناس.
و«التبيّغ» بالمفردة والغين المعجمة: الهيجان والغلبة وشدّة الهلاك والباء للتعدية، أي كيلا يهلك الفقر الفقير.

1.المائدة (۵): ۴.

2.الأعراف (۷): ۳۲.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
210

و«الظلامة» بالضمّ وتخفيف اللام: ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما أخذ منك كالظليمة على فعيلة، والمظلمة بالميم المفتوحة وكسر اللام.
قيل : «فهل رأيت» تعجّبٌ منه عليه السلام في صيرورة الظلم عليهم نعمة لهم. وقال برهان الفضلاء: يعني فهل رأيت ظلماً على المظلوم صيّره اللَّه نعمة عليه إلّا ظلم أعدائنا علينا، قال: بمعنى أنّ نعمتنا هذه أفضل نِعَم جميع الخلق.
أقول: ولعلّ المعنى إلّا نِعَم أعدائنا التي هي حقّنا.

الحديث الثالث‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ؛۱وَالعِدَّة، عَنْ أَحْمَدَ ، وَ غَيْرِهِمَا، بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ : فِي احْتِجَاجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَلى‏ عَاصِمِ بْنِ زِيَادٍ حِينَ لَبِسَ الْعَبَاءَ ، وَ تَرَكَ الْمُلَاءَ ، وَ شَكَاهُ أَخُوهُ الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ إِلى‏ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ قَدْ غَمَّ أَهْلَهُ ، وَ أَحْزَنَ وُلْدَهُ بِذلِكَ ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام :«عَلَيَّ بِعَاصِمِ بْنِ زِيَادٍ». فَجِي‏ءَ بِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ عَبَسَ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ لَهُ : «أَ مَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ أَهْلِكَ ؟ أَ مَا رَحِمْتَ وُلْدَكَ ؟ أَ تَرَى اللَّهَ أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وَ هُوَ يَكْرَهُ أَخْذَكَ مِنْهَا ؟ أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذلِكَ ، أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ : «وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ * فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ» ؟ أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ : «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ * بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ»إِلى‏ قَوْلِهِ «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ» ؟ فَبِاللَّهِ ، لَابْتِذَالُ نِعَمِ اللَّهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ ، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : «وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»».
فَقَالَ عَاصِمٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَعَلى‏ مَا اقْتَصَرْتَ فِي مَطْعَمِكَ عَلَى الْجُشُوبَةِ ، وَ فِي مَلْبَسِكَ عَلَى الْخُشُونَةِ ؟ فَقَالَ : «وَيْحَكَ ، إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَ جَلَّ - فَرَضَ عَلى‏ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ». فَأَلْقى‏ عَاصِمُ بْنُ زِيَادٍ الْعَبَاءَ ، وَ لَبِسَ الْمُلَاءَ .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 105316
صفحه از 612
پرینت  ارسال به