269
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

هديّة:

(قول الناس) يعني اختلافهم في مسألة استطاعة العبد بالاستقلال في الأفعال على أقوال شتّى، أو المراد بالناس القدريّة الذين قالوا: إنّ العبد قادر بالاستقلال على المكلّف به، وأنّ الكافر قادر على الإيمان وتعلّق مشيّة اللَّه تعالى بإيمانه ومشيّة الشيطان بكفره، فقد لا يؤثّر مشيّة اللَّه ويؤثّر مشيّة الشيطان، وأمثال قوله تعالى «لا رادّ لمشيّته» و«يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ»۱ ردٌّ عليهم.
(فقال :) يعني الإمام عليه السلام، (وتلا) حاليّة، فالتقدير: وقد تلا هذه الآية من سورة هود، وهي هكذا: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»۲.
(يقول) في المواضع الثلاثة على الغيبة، يعني يقول اللَّه تعالى، واللام في (لطاعة)مكسورة، ويحتمل الفتح. و(الرحمة) على الأوّل بالجرّ نعت الإمام، وعلى الثاني خبرٌ، ويحتمل أن يكون بدلاً عن «رحمته» في (لرحمته)، في سورة الأعراف هكذا: «قَالَ عَذَابِى أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِىَّ الْأُمِّىَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ»۳.
قوله عليه السلام: (يقول: علم الإمام، وسع علمه الذي هو من علمه كلّ شي‏ء هم شيعتنا)، «علمه الذي» بدل عن «علم الإمام»، «هو من علمه» أي من علم اللَّه تعالى، «هم شيعتنا» يعني كلّ شي‏ء عبارة عن ذنوب شيعتنا، وضمير الجمع باعتبار الخبر، أو للإشارة إلى أنّ

1.إبراهيم (۱۴): ۲۷.

2.هود (۱۱): ۱۱۸ و ۱۱۹.

3.الأعراف (۷): ۱۵۶ - ۱۵۷.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
268

قَالَ : قُلْتُ : قَوْلُهُ : «إِلّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ»؟ قَالَ : «هُمْ شِيعَتُنَا ، وَ لِرَحْمَتِهِ خَلَقَهُمْ ، وَ هُوَ قَوْلُهُ : «وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ» يَقُولُ : لِطَاعَةِ الْإِمَامِ ؛ الرَّحْمَةُ الَّتِي يَقُولُ : «وَ رَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْ‏ءٍ» يَقُولُ : عِلْمُ الْإِمَامِ ، وَسِعَ‏۱ عِلْمُهُ - الَّذِي هُوَ مِنْ عِلْمِهِ - كُلَّ شَيْ‏ءٍ هُمْ شِيعَتُنَا ، ثُمَّ قَالَ : «فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ»يَعْنِي وَلَايَةَ غَيْرِ الْإِمَامِ وَ طَاعَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : «يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِى التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ» يَعْنِي النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله وَ الْوَصِيَّ وَ الْقَائِمَ «يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ»إِذَا قَامَ «وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ» وَ الْمُنْكَرُ مَنْ أَنْكَرَ فَضْلَ الْإِمَامِ وَ جَحَدَهُ «وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ» : أَخْذَ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِهِ «وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ» وَ الْخَبَائِثُ قَوْلُ مَنْ خَالَفَ «وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ» وَ هِيَ الذُّنُوبُ الَّتِي كَانُوا فِيهَا قَبْلَ مَعْرِفَتِهِمْ فَضْلَ الْإِمَامِ «وَ الْأَغْلالَ الَّتِى كانَتْ عَلَيْهِمْ»وَ الْأَغْلَالُ مَا كَانُوا يَقُولُونَ مِمَّا لَمْ يَكُونُوا أُمِرُوا بِهِ مِنْ تَرْكِ فَضْلِ الْإِمَامِ ، فَلَمَّا عَرَفُوا فَضْلَ الْإِمَامِ وَضَعَ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ؛ وَ الْإِصْرُ : الذَّنْبُ ، وَ هِيَ الْآصَارُ .
ثُمَّ نَسَبَهُمْ ، فَقَالَ : «فَالَّذِينَ‏۲آمَنُوا» يَعْنِي بِاالنّبِيّ صلّى اللَّه عَليْه و آله‏۳«وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنْزِلَ مَعَهُ» وَ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنينَ وَ الأئمَّةُ عليهم السلام‏۴«أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» يَعْنِي الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الْجِبْتَ وَ الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ؛ وَ الْجِبْتُ وَ الطَّاغُوتُ : فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ، وَ الْعِبَادَةُ : طَاعَةُ النَّاسِ لَهُمْ .
ثُمَّ قَالَ : «أَنِيبُوا إِلى‏ رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ» ثُمَّ جَزَاهُمْ ، فَقَالَ : «لَهُمُ الْبُشْرى‏ فِى الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِى الْآخِرَةِ» وَ الْإِمَامُ يُبَشِّرُهُمْ بِقِيَامِ الْقَائِمِ عليه السلام ،۵ وَ بِقَتْلِ أَعْدَائِهِمْ ، وَ بِالنَّجَاةِ فِي الْآخِرَةِ ، وَ الْوُرُودِ عَلى‏ مُحَمَّدٍ۶ وَآلِهِ الصَّادِقِينَ عَلَى الْحَوْضِ» .

1.في الكافي المطبوع : «و وسع».

2.هكذا في القرآن، و في «الف» و «د»: «الذين» بدون الفاء.

3.في الكافي المطبوع : «بالإمام» بدل «بالنبيّ صلى اللَّه عليه وآله».

4.في الكافي المطبوع : - «و هو أمير المؤمنين و الأئمّة عليهم السلام».

5.في الكافي المطبوع : + «و بظهوره».

6.في الكافي المطبوع : + «صلّى اللَّه عليه».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 121308
صفحه از 612
پرینت  ارسال به