299
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

فالمراد هنا بأيّام التشريق إن كان تلك الأيّام من ذي الحجّة، فمدّة حمله صلى اللَّه عليه وآله ثلاثة أشهر أو خمسة عشر شهراً، فقيل فيه: إنّه لم يعدّ من خصائصه صلى اللَّه عليه وآله. واُجيب بعدم النصّ في حصر أيّام التشريق فيما هو المتعارف من أنّها ثلاثة. وعدم الذِّكر ليس بدليل الانحصار، فلعلّها كانت قد تطلق على ما قبل النفر ثلاثة كانت أو أكثر. وإن كانت أيّاماً اُخر في غير الموسم كأيّام إصحارهم من خوف أبرهة صاحب الفيل، أو لأجل النُّسُك وعبادتهم في منى، أو لغرض آخر، كقيام سوق في غير الموسم فلا إشكال.
وقيل: بل المراد الثلاثة من غير ذي الحجّة في حجّ المشركين، فإنّهم كانوا يحجّون في غير ذي الحجّة أيضاً، كما قال اللَّه تعالى في سورة التوبة: «إِنَّمَا النَّسِى‏ءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ»۱و«النسي‏ء» : فعيل بمعنى المفعول من نساه: أخّره، فقيل بعد ذلك من مثل عبد اللَّه بن عبد المطّلب وإن كان تقيّة أو لضرورة اُخرى سيّما في سنة علوق الحمل بمثله صلى اللَّه عليه وآله.
و«الشِّعب» بالكسر: الطريق في الجبل والفضاء فيما بين الجبلين والمنزل بينهما، وبالفتح: القبيلة العظيمة، والصَّدْع‏۲ في الشي‏ء جبلاً كان أو غيره، وكان صلى اللَّه عليه وآله محفوظاً عن المشركين مدّة في شعب أبي طالب عنده في إقامته في شعبه.
و(الخيزران) بفتح المعجمة وسكون الياء وضمّ الزاي وفتح الراء: القصب، و«الخيزرانة»: سكّان السفينة، وكان اسم اُمّ المهدي العبّاسي زوجة المنصور الدوانيقي «خيزران»، قاله برهان الفضلاء أيضاً. وقال بعض المعاصرين: «الخيزران» اسم جارية الخليفة.۳(أخرجت) أي وضعته عن سائر البيوت، وفتحت بابه إلى خارجها للزوّار.
(ثمّ قبض عليه السلام لاثنتا عشرة ليلة مضت من ربيع الأوّل)؛ الكلام هنا كما في تاريخ الولادة ، والمشهور عند أصحابنا أنّه صلى اللَّه عليه وآله قبض يوم الاثنين، الثامن والعشرين من صفر.

1.التوبة (۹): ۳۷.

2.الصَّدْع : الشقّ في الشي‏ء الصُّلْب. كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۲۹۱ (صدع).

3.الوافي ، ج ۳ ، ص ۷۲۳، ذيل ح ۱۳۳۵.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
298

وَ مَاتَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ وَ هُوَ صلى اللَّه عليه وآله ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ .
وَ مَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله نَحْوُ ثَمَانِ سِنِينَ .
وَ تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ وَ هُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً ، فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ صلى اللَّه عليه وآله : الْقَاسِمُ ، وَ رُقَيَّةُ ، وَ زَيْنَبُ ، وَ أُمُّ كُلْثُومٍ ؛ وَ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ : الطَّيِّبُ ، وَ الطَّاهِرُ ، وَ فَاطِمَةُ صَلوات اللَّه عليها .
وَ رُوِيَ أَيْضاً : أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ إِلَّا فَاطِمَةُ عليها السلام ، وَ أَنَّ الطَّيِّبَ وَ الطَّاهِرَ وُلِدَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ .
وَ مَاتَتْ خَدِيجَةُ عليها السلام حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مِنَ الشِّعْبِ ، وَ كَانَ ذلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ .
وَ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِسَنَةٍ ، فَلَمَّا فَقَدَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله شَنَأَ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ ، وَ دَخَلَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ ، وَ شَكَا ذلِكَ إِلى‏ جَبْرَئِيلَ عليه السلام ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالى‏ إِلَيْهِ : اخْرُجْ مِنَ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ؛ فَلَيْسَ لَكَ بِمَكَّةَ نَاصِرٌ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ ، وَ أَمَرَهُ عليه السلام بِالْهِجْرَةِ .

هديّة:

اللام في (لاثنتي عشرة) بمعنى «عند».
لا خلاف في أنّه صلى اللَّه عليه وآله ولد بمكّة في زمن انوشيروان كسرى عام الفيل، وأمّا ما ذكره ثقة الإسلام من أنّه صلى اللَّه عليه وآله ولد لاثنتا عشرة ليلة مضت من ربيع الأوّل في عام الفيل فهو ما عليه العامّة وأكثر أهل مكّة والمدينة وهو خلاف ما صحّ عند أصحابنا. والمشهور عندنا، بل ما عليه جميع أصحابنا عدا ثقة الإسلام أنّه صلى اللَّه عليه وآله ولد بمكّة يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأوّل في عام الفيل، وروي أيضاً في الموضعين كلام ثقة الإسلام.
والمشهور في وجه تسمية أيّام التشريق بمعنى ثلاثة أيّام بعد يوم النحر أنّ لحوم الأضاحيّ تشرّق فيها، أي تقدّد في الشمس. تشريق الشمس اللحم: تقديدها إيّاه. وقيل: «التشريق»: الذهاب من الفي‏ء إلى الشمس، يعني من البلد إلى الصحراء، ولذا سمّي مسجد الخيف بمنى ب «المشرّق» على اسم المفعول من التفعيل.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 123656
صفحه از 612
پرینت  ارسال به