311
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

والصلاة من اللَّه: رحمته. وقال برهان الفضلاء:
«يصلّي» هنا من الصلاة - بالفتح وسكون اللام - بمعنى جعل الشي‏ء متّصلاً بشي‏ء، يعني الوصيّ بالنبيّ، فيصلّي بمعنى يجعل لك وصيّاً ويعيّنه، قال: ف «قال يقول» ليس جواباً عن السؤال، بل الجواب ما هو المفهوم من قوله «من لاُمّتك»، فالمراد - قبل الجواب الذي سيفهم - بيانُ أنّ الصلاة هنا ليست بمعنى العبادة وهو سبّوح قدّوس ربٌّ لما سواه، بل بمعنى الرحمة رحمته سبقت غضبه، ف «عفوك عفوك» نصبا بتقدير «أسأل»، أو رفعا على الابتداء امّا اعتذار عن السؤال عن معنى يصلّي، أو عن التعجيل في السؤال عن كيفيّة تعيين الوصيّ ليعلم أنّه أمير المؤمنين عليه السلام مطابقاً لمراده أو غيره.
(أنا) مبتدأ، خبره (سبّوح)، و(قدّوس) خبر بعد الخبر، وعلى مذهب الأخفش والكوفيّين «سبّوح» مبتدأ، و«أنا» فاعل «راج»، «أنا» في تأويل «أرجو أنا ربّ الملائكة والروح».
قرأ برهان الفضلاء: «ربّ الملائكة» بالنصب على الاختصاص، وقال: «رحمتي» يعني خلقي الحجّة المعصوم لخلقي.
والمستتر في (وكان) للوصيّ المفهوم من «يصلّي»، يعني وكان عليه السلام في النسبة إليه صلى اللَّه عليه وآله والقُرب كنسبة مقدار طرفي القوس في عدم التفاوت في القدر والقُرب بالاتّصال، أو أقرب من ذلك القرب.
و«القاب»: المقدار، وسية القوس على وزن الدية: ما عطف من طرفيها. في بعض النسخ: «إلى رأسهما» على ضمير التثنية، والمآل واحد، يعني رأسي القوس أو رأسي طرفيها.
قيل: فسّر الإمام عليه السلام مقدار القوسين بمقدار طرفي القوس الواحدة الحلقة كأنّه جعل كلّاً منهما قوساً على حِدة.
وبعض المعاصرين قائلون بسلسلتي البدو والعود. قال:
وفي التعبير عن كمال القرب بهذه العبارة إشارة لطيفة إلى أنّ السائر بهذا السير نزل في اللَّه وصعد إلى اللَّه، وأنّ الحركة الصعوديّة كانت انعطافيّة، وأنّها لم يقع على نفس المسافة


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
310

فَأَوْقَفَهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام مَوْقِفاً ، فَقَالَ لَهُ : مَكَانَكَ يَا مُحَمَّدُ ، فَلَقَدْ وَقَفْتَ مَوْقِفاً مَا وَقَفَهُ مَلَكٌ قَطُّ وَ لَا نَبِيٌّ ؛ إِنَّ رَبَّكَ يُصَلِّي ، فَقَالَ : يَا جَبْرَئِيلُ ، وَ كَيْفَ يُصَلِّي ؟ قَالَ : يَقُولُ : سُبُّوحٌ ، قُدُّوسٌ ، أَنَا رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ ، سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي . فَقَالَ : اللَّهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ». قَالَ : «وَ كَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ : «قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏»» .
فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِيرٍ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا «قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى» ؟ قَالَ : «مَا بَيْنَ سِيَتِهَا إِلى‏ رَأْسِهَا». قَالَ‏۱ : «فَكَانَ‏۲ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ يَتَلَأْلَأُ يَخْفِقُ‏۳ - وَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا وَ قَدْ قَالَ : زَبَرْجَدٌ - فَنَظَرَ فِي مِثْلِ سَمِّ الْإِبْرَةِ إِلى‏ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ نُورِ الْعَظَمَةِ ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ : يَا مُحَمَّدُ ، قَالَ : لَبَّيْكَ رَبِّي ، قَالَ : مَنْ لِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ،۴ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ».
قَالَ : ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام لِأَبِي بَصِيرٍ : «يَا بَا مُحَمَّدٍ۵ ، وَ اللَّهِ ، مَا جَاءَتْ وَلَايَةُ عَلِيٍّ عليه السلام مِنَ الْأَرْضِ ، وَ لكِنْ جَاءَتْ مِنَ السَّمَاءِ مُشَافَهَةً» .

هديّة:

(مكانك) أي الزم مكانك.
(وكيف يصلّي) إمّا بمعنى ما معنى يصلّي، أو سؤال عن كيفيّة صلاته تعالى، أو مجرّد تعجّب، يعني كيف يصلّي وهو معبود لا معبود سواه؟
(قال: يقول) كذا، يعني يرحم عباده بتمجيده وتقديسه عن خطرات الأوهام والأفهام، وحياطة العقول والأحلام، وتحقّق ربوبيّته لما سواه، وسبق رحمته غضبه وشمولها أزله وأبده.

1.في الكافي المطبوع : «فقال».

2.في الكافي المطبوع : «فكان».

3.في الطبعة الجديدة من الكافي مستنداً بكثير من النسخ : «بخفقٍ».

4.في الكافي المطبوع : + «و سيد المرسلين».

5.في الكافي المطبوع : «يا أبا محمّد».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 123518
صفحه از 612
پرینت  ارسال به