39
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

حَدَّثَهُ‏1 : أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ دَخَلَ عَلى‏ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام ، وَ مَعَهُ كُتُبٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَدْعُونَهُ فِيهَا إِلى‏ أَنْفُسِهِمْ ، وَ يُخْبِرُونَهُ بِاجْتِمَاعِهِمْ ، وَ يَأْمُرُونَهُ بِالْخُرُوجِ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «هذِهِ الْكُتُبُ ابْتِدَاءٌ مِنْهُمْ ، أَوْ جَوَابُ مَا كَتَبْتَ بِهِ إِلَيْهِمْ وَ دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ ؟» فَقَالَ : بَلِ ابْتِدَاءٌ مِنَ الْقَوْمِ ؛ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِحَقِّنَا وَ بِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَ لِمَا يَجِدُونَهُ‏2 فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَ جَلَّ - مِنْ وُجُوبِ مَوَدَّتِنَا وَ فَرْضِ طَاعَتِنَا ، وَ لِمَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الضِّيقِ وَ الضَّنْكِ وَ الْبَلَاءِ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «إِنَّ الطَّاعَةَ مَفْرُوضَةٌ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَ جَلَّ - وَسُنَّةٌ أَمْضَاهَا فِي الْأَوَّلِينَ ، وَ كَذلِكَ يُجْرِيهَا فِي الْآخِرِينَ ، وَ الطَّاعَةُ لِوَاحِدٍ مِنَّا ، وَ الْمَوَدَّةُ لِلْجَمِيعِ ، وَ أَمْرُ اللَّهِ يَجْرِي لِأَوْلِيَائِهِ بِحُكْمٍ مَوْصُولٍ ، وَ قَضَاءٍ مَفْصُولٍ ، وَ حَتْمٍ مَقْضِيٍّ ، وَ قَدَرٍ مَقْدُورٍ ، وَ أَجَلٍ مُسَمًّى لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ ، فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ، إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ، فَلَا تَعْجَلْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ ، وَ لَا تَسْبِقَنَّ اللَّهَ ؛ فَتُعْجِزَكَ الْبَلِيَّةُ فَتَصْرَعَكَ».
قَالَ : فَغَضِبَ زَيْدٌ عِنْدَ ذلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : لَيْسَ الْإِمَامُ مِنَّا مَنْ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ ، وَ أَرْخى‏ سِتْرَهُ ، وَ ثَبَّطَ عَنِ الْجِهَادِ ، وَ لكِنَّ الْإِمَامَ مِنَّا مَنْ مَنَعَ حَوْزَتَهُ ، وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ، وَ دَفَعَ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَ ذَبَّ عَنْ حَرِيمِهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «هَلْ تَعْرِفُ يَا أَخِي مِنْ نَفْسِكَ شَيْئاً مِمَّا نَسَبْتَهَا إِلَيْهِ ؛ فَتَجِي‏ءَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، أَوْ حُجَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، أَوْ تَضْرِبَ بِهِ مَثَلًا ؟ فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَ جَلَّ - أَحَلَّ حَلَالاً ، وَ حَرَّمَ حَرَاماً ، وَ فَرَضَ فَرَائِضَ ، وَ ضَرَبَ أَمْثَالاً ، وَ سَنَّ سُنَناً ، وَ لَمْ يَجْعَلِ الْإِمَامَ الْقَائِمَ بِأَمْرِهِ فِي شُبْهَةٍ فِيمَا فَرَضَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ أَنْ يَسْبِقَهُ بِأَمْرٍ قَبْلَ مَحَلِّهِ ، أَوْ يُجَاهِدَ فِيهِ قَبْلَ حُلُولِهِ ؛ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَ جَلَّ - فِي الصَّيْدِ : «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ» أَفَقَتْلُ الصَّيْدِ أَعْظَمُ ، أَمْ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ؟

1.في الكافي المطبوع: + «عن أبي جعفر عليه السلام».

2.في الكافي المطبوع: «يجدون».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
38

ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلى‏ حَصَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ ، فَفَرَكَهَا بِإِصْبَعِهِ ، فَجَعَلَهَا شِبْهَ الدَّقِيقِ ، ثُمَّ عَجَنَهَا ، ثُمَّ طَبَعَهَا بِخَاتَمِهِ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ فَعَلَ فِعْلِي هذَا ، فَهُوَ وَصِيِّي فِي حَيَاتِي وَ بَعْدَ مَمَاتِي.
فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَأَتَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، فَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي، أَنْتَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا أُمَّ أَسْلَمَ .
ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلى‏ حَصَاةٍ ، فَفَرَكَهَا ، فَجَعَلَهَا كَهَيْئَةِ الدَّقِيقِ ، ثُمَّ عَجَنَهَا ، وَ خَتَمَهَا بِخَاتَمِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّ أَسْلَمَ ، مَنْ فَعَلَ فِعْلِي هذَا ، فَهُوَ وَصِيِّي.
فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ عليه السلام وَ هُوَ غُلَامٌ - فَقُلْتُ لَهُ : يَا سَيِّدِي ، أَنْتَ وَصِيُّ أَبِيكَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ يَا أُمَّ أَسْلَمَ ، وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ ، وَ أَخَذَ حَصَاةً ، فَفَعَلَ بِهَا كَفِعْلِهِمَا .
فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَأَتَيْتُ الْحُسَيْنَ عليه السلام وَ إِنِّي لَمُسْتَصْغِرَةٌ لِسِنِّهِ - فَقُلْتُ لَهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي ، أَنْتَ وَصِيُّ أَخِيكَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ يَا أُمَّ أَسْلَمَ ، ائْتِينِي بِحَصَاةٍ. ثُمَّ فَعَلَ كَفِعْلِهِمْ عليهم السلام .
فَعَمَّرَتْ أُمُّ أَسْلَمَ حَتّى‏ لَحِقَتْ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فِي مُنْصَرَفِهِ ، فَسَأَلَتْهُ : أَنْتَ وَصِيُّ أَبِيكَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . ثُمَّ فَعَلَ كَفِعْلِهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ» .

هديّة:

(وصيّ في حياته) يعني هارون، (ووصيّ بعد موته) يعني يوشع بن نون.
(فخرجت من عنده) أوّلاً إلى قوله: (فعمّرت) على المجهول من التفعيل، ليس على نسق الفقرات السابقة، بل حكاية كلام اُمّ أسلم بتقدير القول، فلا تغفل.
(لمستصغره) بالتاء أو بالضمير.
والضمير في (منصرفه) لعليّ بن الحسين عليهما السلام، (فسألته) أي اُمّ أسلم عليّ بن الحسين عليهما السلام.

الحديث السادس عشر

0.روى في الكافي بإسناده، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجَارُودِ ،1 عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرِ بْنِ دَابٍ ، عَمَّنْ

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن الجارود».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 133052
صفحه از 612
پرینت  ارسال به