405
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

يُوَبِّخُهُ ، وَ يَقُولُ - فِيمَا يَقُولُ لَهُ - : يَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، لَا يَزَالُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ قَدْ شَقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ ، وَ دَعَا إِلى‏ نَفْسِهِ ، وَ زَعَمَ أَنَّهُ الْإِمَامُ سَفَهاً وَ قِلَّةَ عِلْمٍ ، وَ وَبَّخَهُ بِمَا أَرَادَ أَنْ يُوَبِّخَهُ ، فَلَمَّا سَكَتَ ، أَقْبَلَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ رَجُلٌ بَعْدَ رَجُلٍ يُوَبِّخُهُ حَتَّى انْقَضى‏ آخِرُهُمْ ، فَلَمَّا سَكَتَ الْقَوْمُ ، نَهَضَ عليه السلام قَائِماً ، ثُمَّ قَالَ : «أَيُّهَا النَّاسُ ، أَيْنَ تَذْهَبُونَ ؟ وَ أَيْنَ يُرَادُ بِكُمْ ؟ بِنَا هَدَى اللَّهُ أَوَّلَكُمْ ، وَ بِنَا يَخْتِمُ آخِرَكُمْ ، فَإِنْ يَكُنْ لَكُمْ مُلْكٌ مُعَجَّلٌ ، فَإِنَّ لَنَا مُلْكاً مُؤَجَّلًا ، وَ لَيْسَ بَعْدَ مُلْكِنَا مُلْكٌ ؛ لِأَنَّا أَهْلُ الْعَاقِبَةِ ؛ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : «وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»».
فَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى الْحَبْسِ ، تَكَلَّمَ ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْحَبْسِ رَجُلٌ إِلَّا تَرَشَّفَهُ وَ حَنَّ إِلَيْهِ ، فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَبْسِ إِلى‏ هِشَامٍ ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي خَائِفٌ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ مَجْلِسِكَ هذَا ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ ، فَأَمَرَ بِهِ ، فَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ لِيُرَدُّوا إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَ أَمَرَ أَنْ لَا يُخْرَجَ لَهُمُ الْأَسْوَاقُ ، وَ حَالَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ ، فَسَارُوا ثَلَاثاً لَا يَجِدُونَ طَعَاماً وَ لَا شَرَاباً حَتّى‏ انْتَهَوْا إِلى‏ مَدْيَنَ ، فَأُغْلِقَ بَابُ الْمَدِينَةِ دُونَهُمْ ، فَشَكَا أَصْحَابُهُ الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ .
قَالَ : فَصَعِدَ جَبَلًا لِيُشْرِفَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ - بِأَعْلى‏ صَوْتِهِ - : «يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ، أَنَا بَقِيَّةُ اللَّهِ ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ»» .
قَالَ : وَ كَانَ فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، فَأَتَاهُمْ ، فَقَالَ لَهُمْ : يَا قَوْمِ ، هذِهِ - وَ اللَّهِ - دَعْوَةُ شُعَيْبٍ النَّبِيِّ ، وَ اللَّهِ ، لَئِنْ لَمْ تُخْرِجُوا إِلى‏ هذَا الرَّجُلِ بِالْأَسْوَاقِ ، لَتُؤْخَذُنَّ مِنْ فَوْقِكُمْ ، وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ، فَصَدِّقُونِي فِي هذِهِ الْمَرَّةِ وَ أَطِيعُونِي ، وَ كَذِّبُونِي فِيمَا تَسْتَأْنِفُونَ ؛ فَإِنِّي نَاصِحٌ لَكُمْ .
قَالَ : فَبَادَرُوا ، فَأَخْرَجُوا إِلى‏ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عليهما السلام وَ أَصْحَابِهِ بِالْأَسْوَاقِ ، فَأُخْبَرَ۱ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خَبَرُ الشَّيْخِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَحَمَلَهُ ، فَلَمْ نَدْرِ۲ مَا صَنَعَ بِهِ .

1.في الكافي المطبوع : «فبلغ».

2.في الكافي المطبوع : «فلم يدر».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
404

قَالَ : «يَا ابْنَ مُسْلِمٍ ، كُلُّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ - مِنْ طَيْرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ شَيْ‏ءٍ فِيهِ رُوحٌ - فَهُوَ أَسْمَعُ لَنَا وَ أَطْوَعُ مِنِ ابْنِ آدَمَ ، إِنَّ هذَا الْوَرَشَانَ ظَنَّ بِامْرَأَتِهِ ، فَحَلَفَتْ لَهُ : مَا فَعَلْتُ ، فَقَالَتْ : تَرْضى‏ بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ؟ فَرَضِيَا بِي ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ لَهَا ظَالِمٌ ، فَصَدَّقَهَا» .

هديّة:

(الورشان) بالتحريك: طائر، وهو ساق حرّ؛ قاله الجوهري.۱ويقال له «القمرى»، وأكثر استعماله في الذكر فالاُنثى قمريّة.
(إذا وقع) أي نزل.
و(على الحائط) وصفٌ لزوج ورشان، والإضافة بيانيّة، كخاتم فضّة. وقال برهان الفضلاء: الظاهر من الحائط مكان على الحائط».
و«الهديل»: صوت الحمام ونحوه، هدل كضرب. في بعض النسخ : «ما هذا الطير» مكان (ما هذا الطائر)، و«فقال» مكان (فقالت).
(ظنّ بامرأته) يعني السفاح.

الحديث السادس‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ ،۲عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ الْحَضْرَمِيِّ ، قَالَ : لَمَّا حُمِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام إِلَى الشَّامِ إِلى‏ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَ صَارَ بِبَابِهِ ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ : إِذَا رَأَيْتُمُونِي قَدْ وَبَّخْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ ، ثُمَّ رَأَيْتُمُونِي قَدْ سَكَتُّ ، فَلْيُقْبِلْ عَلَيْهِ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ فَلْيُوَبِّخْهُ ، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ .
فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ بِيَدِهِ :
«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» فَعَمَّهُمْ جَمِيعاً بِالسَّلَامِ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَازْدَادَ هِشَامٌ عَلَيْهِ حَنَقاً بِتَرْكِهِ السَّلَامَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ ، وَ جُلُوسِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ ، فَأَقْبَلَ

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۰۲۶ (ورش).

2.السند في الكافي المطبوع هكذا : «الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن أسباط ، عن صالح بن حمزة».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 105379
صفحه از 612
پرینت  ارسال به