411
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، شَامِيٌّ ، خَبِيثُ الرَّأْيِ ، فَقَالَ : «اذْهَبْ إِلَيْهِ كَمَا أَقُولُ لَكَ». فَأَقْبَلْتُ ، فَلَمَّا كُنْتُ فِي بَعْضِ الْبَوَادِي ، اسْتَقْبَلَنِي أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ إِنِّي أَرى‏ وَجْهَ مَقْتُولٍ ، ثُمَّ قَالَ لِي : أَخْرِجْ يَدَكَ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ : يَدُ مَقْتُولٍ ؛ ثُمَّ قَالَ لِي : أَبْرِزْ رِجْلَكَ ، فَأَبْرَزْتُ رِجْلِي ، فَقَالَ : رِجْلُ مَقْتُولٍ ؛ ثُمَّ قَالَ لِي ، أَبْرِزْ جَسَدَكَ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ : جَسَدُ مَقْتُولٍ ؛ ثُمَّ قَالَ لِي : أَخْرِجْ لِسَانَكَ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ لِيَ : امْضِ ؛ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ ؛ فَإِنَّ فِي لِسَانِكَ رِسَالَةً لَوْ أَتَيْتَ بِهَا الْجِبَالَ الرَّوَاسِيَ ، لَانْقَادَتْ لَكَ .
قَالَ : فَجِئْتُ حَتّى‏ وَقَفْتُ عَلى‏ بَابِ ابْنِ هُبَيْرَةَ ، فَاسْتَأْذَنْتُ ، فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ ، قَالَ : أَتَتْكَ بِخَائِنٍ رِجْلَاهُ ؛ يَا غُلَامُ ، النَّطْعَ وَ السَّيْفَ . ثُمَّ أَمَرَ بِي ، فَكُتِّفْتُ ، وَ شُدَّ رَأْسِي ، وَ قَامَ عَلَيَّ السَّيَّافُ لِيَضْرِبَ عُنُقِي .
فَقُلْتُ : أَيُّهَا الْأَمِيرُ ، لَمْ تَظْفَرْ بِي عَنْوَةً ، وَ إِنَّمَا جِئْتُكَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِي ، وَ هَاهُنَا أَمْرٌ أَذْكُرُهُ لَكَ ، ثُمَّ أَنْتَ وَ شَأْنَكَ ، فَقَالَ : قُلْ ، قُلْتُ‏۱ : أَخْلِنِي ، فَأَمَرَ مَنْ حَضَرَ ، فَخَرَجُوا .
فَقُلْتُ لَهُ : جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، وَ يَقُولُ لَكَ : «قَدْ أَجَرْتُ عَلَيْكَ مَوْلَاكَ رُفَيْداً فَلَا تَهِجْهُ بِسُوءٍ».
فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ۲ ، لَقَدْ قَالَ لَكَ جَعْفَرٌ هذِهِ الْمَقَالَةَ ، وَ أَقْرَأَنِي السَّلَامَ ؟! فَحَلَفْتُ لَهُ ، فَرَدَّهَا عَلَيَّ ثَلَاثاً ، ثُمَّ حَلَّ أَكْتَافِي ، ثُمَّ قَالَ : لَا يُقْنِعُنِي مِنْكَ حَتّى‏ تَفْعَلَ بِي مَا فَعَلْتُ بِكَ ، قُلْتُ : مَا تَنْطَلِقُ يَدِي بِذَاكَ ، وَ لَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسِي ، فَقَالَ : وَ اللَّهِ ، مَا يُقْنِعُنِي إِلَّا ذَاكَ ، فَفَعَلْتُ بِهِ كَمَا فَعَلَ بِي ، وَ أَطْلَقْتُهُ ، فَنَاوَلَنِي خَاتَمَهُ ، فَقَالَ‏۳ : أُمُورِي فِي يَدِكَ ، فَدَبِّرْ فِيهَا مَا شِئْتَ .

هديّة:

«أجره» كنصر وضرب: أعاذه في كنفه من أن يظلمه ظالم.
(فلا تهجه)، قيل: الظاهر تشديد الجيم، من باب مدّ، مِن الهجيج بمعنى الأجيج، وهو

1.في الكافي المطبوع : «فقالت».

2.في الكافي المطبوع : «واللَّه» بدل «اللَّه أكبر».

3.في الكافي المطبوع : «و قال».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
410

الْمَنْصُورُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ - وَ هُوَ وَالِيهِ عَلَى الْحَرَمَيْنِ : أَنْ أَحْرِقْ عَلى‏ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ دَارَهُ ، فَأَلْقَى النَّارَ فِي دَارِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، فَأَخَذَتِ النَّارُ فِي الدَّارِ1 وَ الدِّهْلِيزِ ، فَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَتَخَطَّى النَّارَ وَ يَمْشِي فِيهَا ، وَ يَقُولُ : «أَنَا ابْنُ أَعْرَاقِ الثَّرى‏ ، أَنَا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ» .

هديّة:

«أن أحرق عليه» يعني حين كونه في الدار، ذكر في المجلّد الأوّل من روضة الصفاء أنّ «أعراق الثرى» لقب إسماعيل ذبيح اللَّه، وصرّح مؤلّفه بعدم وقوفه على وجهه.۲ قال برهان الفضلاء:
لعلّ وجهه أنّ الماء - وهو المطفي للنار - إنّما جرى في مكّة من زمزم على وجه الأرض مع بُعده عنه جدّاً ببركة قدم ذبيح اللَّه عليه السلام. قال: فالإعراق على الإفعال مصدر بمعنى اسم الفاعل، أي المعرق لعرق الماء هناك، بمعنى كونه سبباً لذلك. قال: و«الثرى» على فعيل أي الأرض الموجود فيها الماء بعد أن لم يكن، مأخوذ من الثرى بالفتح والقصر، أي التراب الندي، ومصدر ثَرِىَ كعلم أيضاً ثَرَى بالفتح والقصر.
وقيل: «العرق»: الأصل، والأنبياء والأوصياء عليهم السلام اُصول الأرض، يُقال: فحل معرق على وزن مضمر، أي عريق أصيل نسباً. وقيل: لعلّ وجه لقب الذبيح عليه السلام بأعراق الثرى أنّه سبب وأصل لأئمّتنا عليهم السلام، وهم أركان الأرض والسماء.

الحديث الرابع‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنِ الْبَرْقِيِّ ،۳عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ رُفَيْدٍ مَوْلى‏ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ ، قَالَ : سَخِطَ عَلَيَّ ابْنُ هُبَيْرَةَ ، وَ حَلَفَ عَلَيَّ لَيَقْتُلُنِي ، فَهَرَبْتُ مِنْهُ ، وَ عُذْتُ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، فَأَعْلَمْتُهُ خَبَرِي ، فَقَالَ لِيَ : «انْصَرِفْ إِلَيْهِ ، وَ أَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ، وَ قُلْ لَهُ : إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ عَلَيْكَ مَوْلَاكَ رُفَيْداً فَلَا تَهِجْهُ بِسُوءٍ».

1.في الكافي المطبوع : «الباب».

2.لم نعثر عليه.

3.السند في الكافي المطبوع هكذا : «الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد ، عن البرقيّ».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 105372
صفحه از 612
پرینت  ارسال به