425
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

فَجَلَسَ ، ثُمَّ أَلْقى‏ عَنْهُ بُرْنُسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، تَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ ؟ قَالَ : «نَعَمْ ، مَا جِئْتَ إِلَّا لَهُ».
فَقَالَ‏۱ النَّصْرَانِيُّ : ارْدُدْ عَلى‏ صَاحِبِي السَّلَامَ ، أَ وَ مَا تَرُدُّ السَّلَامَ ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : «عَلى‏ صَاحِبِكَ أَنْ هَدَاهُ اللَّهُ ، فَأَمَّا التَّسْلِيمُ ، فَذَاكَ إِذَا صَارَ فِي دِينِنَا».
فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ : إِنِّي أَسْأَلُكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ ؟ قَالَ : «سَلْ» . قَالَ : أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَ نَطَقَ بِهِ ؛ ثُمَّ وَصَفَهُ بِمَا وَصَفَهُ بِهِ ، فَقَالَ : «حم * وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِى لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» مَا تَفْسِيرُهَا فِي الْبَاطِنِ ؟
فَقَالَ : «أَمَّا «حم» فَهُوَ مُحَمَّدٌ صلى اللَّه عليه وآله وَ هُوَ فِي كِتَابِ هُودٍ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْهِ‏۲ وَ هُوَ مَنْقُوصُ الْحُرُوفِ . وَ أَمَّا «الْكِتابِ الْمُبِينِ» فَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ عليه السلام . وَ أَمَّا اللَّيْلَةُ ، فَفَاطِمَةُ عليها السلام . وَ أَمَّا قَوْلُهُ : «فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» يَقُولُ : يَخْرُجُ مِنْهَا خَيْرٌ كَثِيرٌ ، فَرَجُلٌ حَكِيمٌ ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ ، وَ رَجُلٌ حَكِيمٌ».
فَقَالَ الرَّجُلُ : صِفْ لِيَ الْأَوَّلَ وَ الْآخِرَ مِنْ هؤُلَاءِ الرِّجَالِ ، فَقَالَ : «إِنَّ الصِّفَاتِ تَشْتَبِهُ ، وَ لكِنَّ الثَّالِثَ مِنَ الْقَوْمِ أَصِفُ لَكَ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَسْلِهِ ، وَ إِنَّهُ عِنْدَكُمْ لَفِي الْكُتُبِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ إِنْ لَمْ تُغَيِّرُوا وَ تُحَرِّفُوا وَ تُكَفِّرُوا وَ قَدِيماً مَا فَعَلْتُمْ» .
قَالَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ : إِنِّي لَا أَسْتُرُ عَنْكَ مَا عَلِمْتُ ، وَ لَا أُكْذِبُكَ ، وَ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا أَقُولُ فِي صِدْقِ مَا أَقُولُ وَ كَذِبِهِ ، وَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ، وَ قَسَمَ عَلَيْكَ مِنْ نِعَمِهِ مَا لَا يَخْطُرُهُ الْخَاطِرُونَ ، وَ لَا يَسْتُرُهُ السَّاتِرُونَ ، وَ لَا يُكَذَبُ فِيهِ مَنْ كَذَبَ ، فَقَوْلِي لَكَ فِي ذلِكَ الْحَقُّ ، وَكُلُّ مَا ذَكَرْتُ فَهُوَ كَمَا ذَكَرْتُ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه السلام : «أُعَجِّلُكَ أَيْضاً خَبَراً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِمَّنْ قَرَأَ الْكُتُبَ ، أَخْبِرْنِي مَا

1.في الكافي المطبوع : + «له».

2.في الكافي المطبوع : «عليه».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
424

اسْتَوْعَبْتُهُ كُلَّهُ ، فَقَالَ لِيَ الْعَالِمُ : إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ النَّصْرَانِيَّةِ ، فَأَنَا أَعْلَمُ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ بِهَا ، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْيَهُودِ ، فَبَاطِىُ بْنُ شُرَحْبِيلَ السَّامِرِيُّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا الْيَوْمَ ، وَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ عِلْمَ الْإِسْلَامِ وَ عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَ عِلْمَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ كِتَابَ هُودٍ ، وَ كُلَّ مَا أُنْزِلَ عَلى‏ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي دَهْرِكَ وَ دَهْرِ غَيْرِكَ ، وَ مَا نَزَلَ‏1 مِنَ السَّمَاءِ مِنْ خَبَرٍ - يَعْلَمُهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ‏2 أَحَدٌ - فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ ، وَ شِفَاءٌ لِلْعَالَمِينَ ، وَ رَوْحٌ لِمَنِ اسْتَرْوَحَ إِلَيْهِ ، وَ بَصِيرَةٌ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً ، وَ أَنِسَ إِلَى الْحَقِّ فَأُرْشِدُكَ إِلَيْهِ ، فَأْتِهِ وَ لَوْ مَشْياً عَلى‏ رِجْلَيْكَ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَجُثُوّاً3عَلى‏ رُكْبَتَيْكَ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَزَحْفاً عَلَى اسْتِكَ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَعَلى‏ وَجْهِكَ .
فَقُلْتُ : لَا ، بَلْ أَنَا أَقْدِرُ عَلَى الْمَسِيرِ فِي الْبَدَنِ وَ الْمَالِ ، قَالَ : فَانْطَلِقْ مِنْ فَوْرِكَ حَتّى‏ تَأْتِيَ يَثْرِبَ ، فَقُلْتُ : لَا أَعْرِفُ يَثْرِبَ ، قَالَ : فَانْطَلِقْ حَتّى‏ تَأْتِيَ مَدِينَةَ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله الَّذِي بُعِثَ فِي الْعَرَبِ وَ هُوَ النَّبِيُّ الْعَرَبِيُّ الْهَاشِمِيُّ - فَإِذَا دَخَلْتَهَا ، فَسَلْ 4عَنْ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَ هُوَ عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهَا ، وَ أَظْهِرْ بِزَّةَ النَّصْرَانِيَّةِ وَ حِلْيَتَهَا ؛ فَإِنَّ وَالِيَهَا يَتَشَدَّدُ عَلَيْهِمْ ، وَ الْخَلِيفَةُ أَشَدُّ ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ وَ هُوَ بِبَقِيعِ الزُّبَيْرِ ، ثُمَّ تَسْأَلُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ أَيْنَ مَنْزِلُهُ ؟ وَ أَيْنَ هُوَ ؟ مُسَافِرٌ أَمْ حَاضِرٌ ؟ فَإِنْ كَانَ مُسَافِراً فَالْحَقْهُ ؛ فَإِنَّ سَفَرَهُ أَقْرَبُ مِمَّا ضَرَبْتَ إِلَيْهِ .
ثُمَّ أَعْلِمْهُ أَنَّ مَطْرَانَ عُلْيَا الْغُوطَةِ - غُوطَةِ دِمَشْقَ - هُوَ الَّذِي أَرْشَدَنِي إِلَيْكَ ، وَ هُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ كَثِيراً ، وَ يَقُولُ لَكَ : إِنِّي لَأُكْثِرُ مُنَاجَاةَ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَ إِسْلَامِي عَلى‏ يَدَيْكَ .
فَقَصَّ هذِهِ الْقِصَّةَ وَ هُوَ قَائِمٌ مُعْتَمِدٌ عَلى‏ عَصَاهُ ، ثُمَّ قَالَ : إِنْ أَذِنْتَ لِي يَا سَيِّدِي كَفَّرْتُ لَكَ وَ جَلَسْتُ .
فَقَالَ أبو الحسن‏5 عليه السلام : «آذَنُ لَكَ أَنْ تَجْلِسَ ، وَ لَا آذَنُ لَكَ أَنْ تُكَفِّرَ».

1.في الكافي المطبوع : «أنزل».

2.السند في الكافي المطبوع هكذا : «فعلمه أحمد أو لم يعلم به» بدل «يعلمه أحد أو لم يعلمه».

3.في الكافي المطبوع : «فحبواً».

4.هكذا في الكافي المطبوع ، وفي «الف» و «د» : - «فسل».

5.في الكافي المطبوع: - «أبو الحسن عليه السلام».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 128767
صفحه از 612
پرینت  ارسال به