427
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

قَالَ : أَمَا إِنَّهُ كَانَ مُسْلِماً ؟ قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه السلام : «نَعَمْ ، وَ قُتِلَ شَهِيداً ، دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَجْنَادٌ ، فَقَتَلُوهُ فِي مَنْزِلِهِ غِيلَةً ، وَ الْأَجْنَادُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ».
قَالَ : فَمَا كَانَ اسْمِي قَبْلَ كُنْيَتِي ؟ قَالَ : «كَانَ اسْمُكَ عَبْدَ الصَّلِيبِ». قَالَ : فَبِمَا۱تُسَمِّينِي ؟ قَالَ : «أُسَمِّيكَ عَبْدَ اللَّهِ».
قَالَ : فَإِنِّي آمَنْتُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ، وَ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، فَرْداً صَمَداً ، لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ النَّصَارى‏ ، وَ لَيْسَ كَمَا تَصِفُهُ الْيَهُودُ ، وَ لَا جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الشِّرْكِ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ ، فَأَبَانَ بِهِ لِأَهْلِهِ ، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ ، وَ أَنَّهُ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً : إِلَى الْأَحْمَرِ وَ الْأَسْوَدِ ، كُلٌّ فِيهِ مُشْتَرِكٌ ، فَأَبْصَرَ مَنْ أَبْصَرَ ، وَ اهْتَدى‏ مَنِ اهْتَدى‏ ، وَ عَمِيَ الْمُبْطِلُونَ ، وَ ضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ وَلِيَّهُ نَطَقَ بِحِكْمَتِهِ ، وَ أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَطَقُوا بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ ، وَ تَوَازَرُوا عَلَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ ، وَ فَارَقُوا الْبَاطِلَ وَ أَهْلَهُ وَ الرِّجْسَ وَ أَهْلَهُ ، وَ هَجَرُوا سَبِيلَ الضَّلَالَةِ ، وَ نَصَرَهُمُ اللَّهُ بِالطَّاعَةِ لَهُ ، وَ عَصَمَهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، فَهُمْ لِلَّهِ أَوْلِيَاءُ ، وَ لِلدِّينِ أَنْصَارٌ ، يَحُثُّونَ عَلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِهِ ، آمَنْتُ بِالصَّغِيرِ مِنْهُمْ وَ الْكَبِيرِ ، وَ مَنْ ذَكَرْتُ مِنْهُمْ وَ مَنْ لَمْ أَذْكُرْ ، وَ آمَنْتُ بِاللَّهِ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - رَبِّ الْعَالَمِينَ .
ثُمَّ قَطَعَ زُنَّارَهُ ، وَ قَطَعَ صَلِيباً كَانَ فِي عُنُقِهِ مِنْ ذَهَبٍ ، ثُمَّ قَالَ : مُرْنِي حَتّى‏ أَضَعَ صَدَقَتِي حَيْثُ تَأْمُرُنِي ، فَقَالَ عليه السلام : «هَاهُنَا أَخٌ لَكَ كَانَ عَلى‏ مِثْلِ دِينِكَ ، وَ هُوَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِكَ مِنْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ، وَ هُوَ فِي نِعْمَةٍ كَنِعْمَتِكَ ، فَتَوَاسَيَا وَ تَجَاوَرَا ، وَ لَسْتُ أَدَعُ أَنْ أُورِدَ عَلَيْكُمَا حَقَّكُمَا فِي الْإِسْلَامِ».
فَقَالَ : وَ اللَّهِ - أَصْلَحَكَ اللَّهُ - إِنِّي لَغَنِيٌّ ، وَ لَقَدْ تَرَكْتُ ثَلَاثَمِائَةِ طَرُوقٍ بَيْنَ فَرَسٍ وَ فَرَسَةٍ ، وَ تَرَكْتُ أَلْفَ بَعِيرٍ ، فَحَقُّكَ فِيهَا أَوْفَرُ مِنْ حَقِّي ، فَقَالَ لَهُ : «أَنْتَ مَوْلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ، وَ أَنْتَ فِي حَدِّ نَسَبِكَ عَلى‏ حَالِكَ».

1.في الكافي المطبوع : «فما».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
426

اسْمُ أُمِّ مَرْيَمَ ؟ وَ أَيُّ يَوْمٍ نُفِخَتْ فِيهِ مَرْيَمُ ؟ وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ ؟ وَ أَيُّ يَوْمٍ وَضَعَتْ مَرْيَمُ فِيهِ عِيسى‏ عليه السلام ؟ وَ لِكَمْ مِنْ سَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ ؟» .
فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ : لَا أَدْرِي .
فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه السلام : «أَمَّا أُمُّ مَرْيَمَ ، فَاسْمُهَا مَرْثَا ، وَ هِيَ وَهِيبَةٌ بِالْعَرَبِيَّةِ .
وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَمَلَتْ فِيهِ مَرْيَمُ ، فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِلزَّوَالِ ، وَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي هَبَطَ فِيهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، وَ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ كَانَ أَوْلى‏ مِنْهُ ، عَظَّمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏، وَ عَظَّمَهُ مُحَمَّدٌ صلى اللَّه عليه وآله ، فَأَمَرَ أَنْ نَجْعَلَهُ‏۱ عِيداً ، فَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ .
وَ أَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي وَلَدَتْ فِيهِ مَرْيَمُ ، فَهُوَ يَوْمُ الثَّلَاثَاءِ لِأَرْبَعِ سَاعَاتٍ وَ نِصْفٍ مِنَ النَّهَارِ .
وَ النَّهَرُ الَّذِي وَلَدَتْ عَلَيْهِ مَرْيَمُ عِيسى‏ عليهما السلام هَلْ تَعْرِفُهُ ؟» قَالَ : لَا ، قَالَ : «هُوَ الْفُرَاتُ ، وَ عَلَيْهِ شَجَرُ النَّخْلِ وَ الْكَرْمِ ، وَ لَيْسَ يُسَاوى‏ بِالْفُرَاتِ شَيْ‏ءٌ لِلْكُرُومِ وَ النَّخِيلِ .
فَأَمَّا الْيَوْمُ الَّذِي حَجَبَتْ فِيهِ لِسَانَهَا ، وَ نَادى‏ قَيْدُوسُ وُلْدَهُ وَ أَشْيَاعَهُ ، فَأَعَانُوهُ وَ أَخْرَجُوا آلَ عِمْرَانَ لِيَنْظُرُوا إِلى‏ مَرْيَمَ ، فَقَالُوا لَهَا مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْكَ فِي كِتَابِهِ ، وَ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ ، فَهَلْ فَهِمْتَهُ ؟» قَالَ : نَعَمْ ، وَ قَرَأْتُهُ الْيَوْمَ الْأَحْدَثَ ، قَالَ : «إِذَنْ لَا تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِكَ حَتّى‏ يَهْدِيَكَ اللَّهُ».
قَالَ النَّصْرَانِيُّ : مَا كَانَ اسْمُ أُمِّي بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَ بِالْعَرَبِيَّةِ؟
فَقَالَ عليه السلام : «كَانَ اسْمُ أُمِّكَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ عَنْفَالِيَةَ۲ ، وَ عَنْفُورَةُ۳ كَانَ اسْمُ جَدَّتِكَ لِأَبِيكَ ؛ وَ أَمَّا اسْمُ أُمِّكَ بِالْعَرَبِيَّةِ ، فَهُوَ مَيَّةُ ؛ وَ أَمَّا اسْمُ أَبِيكَ ، فَعَبْدُ الْمَسِيحِ ، وَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ عَبْدٌ».
قَالَ : صَدَقْتَ وَ بَرِرْتَ ، فَمَا كَانَ اسْمُ جَدِّي ؟ قَالَ عليه السلام : «كَانَ اسْمُ جَدِّكَ جَبْرَئِيلَ ، وَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمنِ سَمَّيْتُهُ فِي مَجْلِسِي هذَا».

1.في الكافي المطبوع : «يجعله».

2.في الكافي المطبوع : «عنقالية» بالقاف.

3.في الكافي المطبوع : «عنقورة» بالقاف.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 128741
صفحه از 612
پرینت  ارسال به