435
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

ثَلَاثاً ، ثُمَّ سَلْ‏۱ الشَّيْخَ الْأَسْوَدَ الَّذِي يَكُونُ عَلى‏ بَابِهَا ، يَعْمَلُ الْبَوَارِيَّ ، وَ هِيَ فِي بِلَادِهِمُ اسْمُهَا الْخَصَفُ ، فَالْطُفْ بِالشَّيْخِ ، وَ قُلْ لَهُ : بَعَثَنِي إِلَيْكَ نَزِيلُكَ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِي الزَّاوِيَةِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْخُشَيْبَاتُ الْأَرْبَعُ ، ثُمَّ سَلْهُ عَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ ، وَ سَلْهُ : أَيْنَ نَادِيهِ ؟ وَ سَلْهُ : أَيُّ سَاعَةٍ يَمُرُّ فِيهَا ؟ فَلَيُرِيكَهُ‏۲ أَوْ يَصِفُهُ لَكَ ، فَتَعْرِفُهُ بِالصِّفَةِ ، وَ سَأَصِفُهُ لَكَ .
قُلْتُ : فَإِذَا لَقِيتُهُ فَأَصْنَعُ مَا ذَا ؟ قَالَ : سَلْهُ عَمَّا كَانَ ، وَ عَمَّا هُوَ كَائِنٌ ، وَ سَلْهُ عَنْ مَعَالِمِ دِينِ مَنْ مَضى‏ وَ مَنْ بَقِيَ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ عليه السلام : «قَدْ نَصَحَكَ صَاحِبُكَ الَّذِي لَقِيتَ».
فَقَالَ الرَّاهِبُ : مَا اسْمُهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ؟
قَالَ : «هُوَ مُتَمِّمُ بْنُ الْفِيرُوزِ ، وَ هُوَ مِنْ أَبْنَاءِ الْفُرْسِ ، وَ هُوَ مِمَّنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَ عَبَدَهُ بِالْإِخْلَاصِ وَ الْإِيقَانِ ، وَ فَرَّ مِنْ قَوْمِهِ لَمَّا خَافَهُمْ ، فَوَهَبَ لَهُ رَبُّهُ حُكْماً ، وَ هَدَاهُ سَبِيلَ‏۳ الرَّشَادِ ، وَ جَعَلَهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ، وَ عَرَّفَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عِبَادِهِ الْمُخْلَصِينَ ، وَ مَا مِنْ سَنَةٍ إِلَّا وَ هُوَ يَزُورُ فِيهَا مَكَّةَ حَاجّاً ، وَ يَعْتَمِرُ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ، وَ يَجِي‏ءُ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنَ الْهِنْدِ إِلى‏ مَكَّةَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ عَوْناً ؛ وَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ».
ثُمَّ سَأَلَهُ الرَّاهِبُ عَنْ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ ، كُلُّ ذلِكَ يُجِيبُهُ فِيهَا ، وَ سَأَلَ الرَّاهِبَ عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الرَّاهِبِ فِيهَا شَيْ‏ءٌ ، فَأَخْبَرَهُ بِهَا .
ثُمَّ إِنَّ الرَّاهِبَ قَالَ : أَخْبِرْنِي عَنْ ثَمَانِيَةِ أَحْرُفٍ نَزَلَتْ ، فَتَبَيَّنَ فِي الْأَرْضِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ ، وَ بَقِيَ فِي الْهَوَاءِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ ، عَلى‏ مَنْ نَزَلَتْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْهَوَاءِ ؟ وَ مَنْ يُفَسِّرُهَا؟
قَالَ : «ذَاكَ قَائِمُنَا يُنْزِلُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيُفَسِّرُهُ ، وَ يُنَزِّلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ عَلَى الصِّدِّيقِينَ وَ الرُّسُلِ وَ الْمُهْتَدِينَ».
ثُمَّ قَالَ الرَّاهِبُ : فَأَخْبِرْنِي عَنِ الِاثْنَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْرُفِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ مَا هِيَ‏۴ ؟

1.في الكافي المطبوع : + «عن».

2.في الكافي المطبوع : «فليريكاه».

3.في الكافي المطبوع : «لسبيل».

4.في الكافي المطبوع : «هما».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
434

فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ ، فَتَحَ اللَّهُ الْبَابَ ، وَ جَاءَتْ بَقَرَةٌ عَلَيْهَا حَطَبٌ ، تَجُرُّ ضَرْعَهَا يَكَادُ يَخْرُجُ مَا فِي ضَرْعِهَا مِنَ اللَّبَنِ ، فَدَفَعَتِ الْبَابَ ، فَانْفَتَحَ ، فَتَبِعْتُهَا وَ دَخَلْتُ ، فَوَجَدْتُ الرَّجُلَ قَائِماً يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَبْكِي ، وَ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ فَيَبْكِي ، وَ يَنْظُرُ إِلَى الْجِبَالِ فَيَبْكِي ، فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا أَقَلَّ ضَرْبَكَ فِي دَهْرِنَا هذَا! فَقَالَ لِي : وَ اللَّهِ ، مَا أَنَا إِلَّا حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ رَجُلٍ خَلَّفْتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِكَ ، فَقُلْتُ لَهُ : أُخْبِرْتُ أَنَّ عِنْدَكَ اسْماً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَبْلُغُ بِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَ تَرْجِعُ إِلى‏ بَيْتِكَ ؟
فَقَالَ لِي : وَ هَلْ تَعْرِفُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ؟ قُلْتُ : لَا أَعْرِفُ إِلَّا بَيْتَ الْمَقْدِسِ الَّذِي بِالشَّامِ ، قَالَ : لَيْسَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَ لكِنَّهُ الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ وَ هُوَ بَيْتُ آلِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقُلْتُ لَهُ : أَمَّا مَا سَمِعْتُ بِهِ إِلى‏ يَوْمِي هذَا ، فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ ، فَقَالَ لِي : تِلْكَ مَحَارِيبُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَ إِنَّمَا كَانَ يُقَالُ لَهَا : حَظِيرَةُ الْمَحَارِيبِ ، حَتّى‏ جَاءَتِ الْفَتْرَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَ عِيسى‏ عليهما السلام ، وَ قَرُبَ الْبَلَاءُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَ حَلَّتِ النَّقِمَاتُ فِي دُورِ الشَّيَاطِينِ ، فَحَوَّلُوا وَ بَدَّلُوا۱تِلْكَ الْأَسْمَاءَ ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالى‏ - الْبَطْنُ لآِلِ مُحَمَّدٍ ، وَ الظَّهْرُ مَثَلٌ - : «إِنْ هِىَ إِلّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ» فَقُلْتُ لَهُ : إِنِّي قَدْ ضَرَبْتُ إِلَيْكَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ ، تَعَرَّضْتُ إِلَيْكَ بِحَاراً وَ غُمُوماً وَ هُمُوماً وَ خَوْفاً ، وَ أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَيْتُ مُؤْيَساً أَلَّا أَكُونَ ظَفِرْتُ بِحَاجَتِي .
فَقَالَ لِي : مَا أَرى‏ أُمَّكَ حَمَلَتْ بِكَ إِلَّا وَ قَدْ حَضَرَهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ ، وَ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ حِينَ أَرَادَ الْوُقُوعَ بِأُمِّكَ إِلَّا وَ قَدِ اغْتَسَلَ وَ جَاءَهَا عَلى‏ طُهْرٍ ، وَ لَا أَزْعُمُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَرَسَ السِّفْرَ الرَّابِعَ مِنْ شَهْرِهِ‏۲ ذلِكَ ، فَخُتِمَ لَهُ بِخَيْرٍ ، ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ‏۳ ، فَانْطَلِقْ حَتّى‏ تَنْزِلَ مَدِينَةَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله الَّتِي يُقَالُ لَهَا : طَيْبَةُ ، وَ قَدْ كَانَ اسْمُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَثْرِبَ - ثُمَّ اعْمِدْ إِلى‏ مَوْضِعٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ : الْبَقِيعُ ، ثُمَّ سَلْ عَنْ دَارٍ يُقَالُ لَهَا : دَارُ مَرْوَانَ ، فَانْزِلْهَا ، وَ أَقِمْ

1.في الكافي المطبوع : + «و نقلوا».

2.في الكافي المطبوع : «سهره».

3.في الكافي المطبوع : «جئت».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 121433
صفحه از 612
پرینت  ارسال به