فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «يَا ابْنَ عَمِّ ، إِنِّي أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِهذَا الْأَمْرِ الَّذِي أَمْسَيْتَ فِيهِ ، وَ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكَ أَنْ يَكْسِبَكَ شَرّاً».
فَجَرَى الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا حَتّى أَفْضى إِلى مَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ ، وَ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ : بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْحُسَيْنُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْحَسَنِ ؟
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «رَحِمَ اللَّهُ الْحَسَنَ وَ رَحِمَ الْحُسَيْنَ ، وَ كَيْفَ ذَكَرْتَ هذَا ؟!» قَالَ : لِأَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ - إِذَا عَدَلَ - أَنْ يَجْعَلَهَا فِي الْأَسَنِّ مِنْ وُلْدِ الْحَسَنِ .
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى - لَمَّا أَنْ أَوْحى إِلى مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، أَوْحى إِلَيْهِ بِمَا شَاءَ ، وَ لَمْ يُؤَامِرْ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ ، وَ أَمَرَ مُحَمَّدٌ صلى اللَّه عليه وآله عَلِيّاً عليه السلام بِمَا شَاءَ ، فَفَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ ، وَ لَسْنَا نَقُولُ فِيهِ إِلَّا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مِنْ تَبْجِيلِهِ وَ تَصْدِيقِهِ ، فَلَوْ كَانَ أَمَرَ الْحُسَيْنَ عليه السلام أَنْ يُصَيِّرَهَا فِي الْسِّنِ۱ ، أَوْ يَنْقُلَهَا فِي وُلْدِهِمَا - يَعْنِي الْوَصِيَّةَ - لَفَعَلَ ذلِكَ الْحُسَيْنُ عليه السلام ، وَ مَا هُوَ بِالْمُتَّهَمِ عِنْدَنَا فِي الذَّخِيرَةِ لِنَفْسِهِ ، وَ لَقَدْ وَلّى وَ تَرَكَ ذلِكَ ، وَ لكِنَّهُ مَضى لِمَا أُمِرَ بِهِ ، وَ هُوَ جَدُّكَ وَ عَمُّكَ ؛ فَإِنْ قُلْتَ خَيْراً ، فَمَا أَوْلَاكَ بِهِ ، وَ إِنْ قُلْتَ هُجْراً ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ، أَطِعْنِي يَا ابْنَ عَمِّ ، وَ اسْمَعْ كَلَامِي ، فَوَ اللَّهِ - الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ - لَا آلُوكَ نُصْحاً وَ حِرْصاً ، فَكَيْفَ وَ لَا أَرَاكَ تَفْعَلُ ، وَ مَا لِأَمْرِ اللَّهِ مِنْ مَرَدٍّ» .
فَسُرَّ أَبِي عِنْدَ ذلِكَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «وَ اللَّهِ ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ الْأَحْوَلُ الْأَكْشَفُ ، الْأَخْضَرُ الْمَقْتُولُ بِسُدَّةِ أَشْجَعَ عِنْدَ بَطْنِ مَسِيلِهَا».
فَقَالَ أَبِي : لَيْسَ هُوَ ذَاكَ۲ ، وَ اللَّهِ ، لَيُحَارِبَنَّ بِالْيَوْمِ يَوْماً ، وَ بِالسَّاعَةِ سَاعَةً ، وَ بِالسَّنَةِ سَنَةً ، وَ لَيَقُومَنَّ بِثَأْرِ بَنِي أَبِي طَالِبٍ جَمِيعاً .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ، مَا أَخْوَفَنِي أَنْ يَكُونَ هذَا الْبَيْتُ يَلْحَقُ صَاحِبَنَا :
[
.........................................]
مَنَّتْكَ نَفْسُكَ فِي الْخَلَاءِ ضَلَالاً