453
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام». فَقَالَ الْمَأْمُونُ : اخْرُجْ كَيْفَ شِئْتَ ، وَ أَمَرَ الْمَأْمُونُ الْقُوَّادَ وَ النَّاسَ أَنْ يُبَكِّرُوا إِلى‏ بَابِ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام .
قَالَ : فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ الْخَادِمُ : أَنَّهُ قَعَدَ النَّاسُ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه السلام فِي الطُّرُقَاتِ وَ السُّطُوحِ - الرِّجَالُ ، وَ النِّسَاءُ ، وَ الصِّبْيَانُ - وَ اجْتَمَعَ الْقُوَّادُ وَ الْجُنْدُ عَلى‏ بَابِ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام ، فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ عليه السلام فَاغْتَسَلَ وَ تَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ مِنْ قُطْنٍ ، أَلْقى‏ طَرَفاً مِنْهَا عَلى‏ صَدْرِهِ ، وَ طَرَفاً بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، وَ تَشَمَّرَ ، ثُمَّ قَالَ لِجَمِيعِ مَوَالِيهِ : «افْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلْتُ». ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ عُكَّازاً ، ثُمَّ خَرَجَ وَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ حَافٍ قَدْ شَمَّرَ سَرَاوِيلَهُ إِلى‏ نِصْفِ السَّاقِ ، وَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ مُشَمَّرَةٌ.
قَالَ‏۱: فَلَمَّا مَشى‏ وَ مَشَيْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ كَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ ، فَخُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَ الْحِيطَانَ تُجَاوِبُهُ، وَ الْقُوَّادُ وَ النَّاسُ عَلَى الْبَابِ قَدْ تَهَيَّأُوا وَ لَبِسُوا السِّلَاحَ ، وَ تَزَيَّنُوا بِأَحْسَنِ الزِّينَةِ ، فَلَمَّا طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ بِهذِهِ الصُّورَةِ ، وَ طَلَعَ الرِّضَا عليه السلام ، وَقَفَ عَلَى الْبَابِ وَقْفَةً ، ثُمَّ قَالَ : «اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ عَلى‏ مَا هَدَانَا ، اللَّهُ أَكْبَرُ عَلى‏ مَا رَزَقَنَا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى‏ مَا أَبْلَانَا» ، نَرْفَعُ بِهَا أَصْوَاتَنَا .
قَالَ يَاسِرٌ : فَتَزَعْزَعَتْ مَرْوُ بِالْبُكَاءِ وَ الضَّجِيجِ وَ الصِّيَاحِ لَمَّا نَظَرُوا إِلى‏ أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام ، وَ سَقَطَ الْقُوَّادُ عَنْ دَوَابِّهِمْ ، وَ رَمَوْا بِخِفَافِهِمْ لَمَّا رَأَوْا أَبَا الْحَسَنِ عليه السلام حَافِياً ، وَ كَانَ يَمْشِي وَ يَقِفُ فِي كُلِّ عَشْرِ خُطُوَاتٍ ، وَ يُكَبِّرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
قَالَ يَاسِرٌ : فَيُخَيَّلُ‏۲ إِلَيْنَا أَنَّ السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ الْجِبَالَ تُجَاوِبُهُ ، وَ صَارَتْ مَرْوُ ضَجَّةً وَاحِدَةً مِنَ الْبُكَاءِ ، وَ بَلَغَ الْمَأْمُونَ ذلِكَ ، فَقَالَ لَهُ الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ذُو الرِّئَاسَتَيْنِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ بَلَغَ الرِّضَا الْمُصَلّى‏ عَلى‏ هذَا السَّبِيلِ افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ ، وَ الرَّأْيُ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ ، فَسَأَلَهُ الرُّجُوعَ ، فَدَعَا أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام بِخُفِّهِ ، فَلَبِسَهُ وَ رَكِبَ وَ رَجَعَ .

1.في الكافي المطبوع : - «قال».

2.في الكافي المطبوع : «فتخيّل».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
452

هديّة:

(قصر فلان) لعلّ عدم التصريح لكراهة ذكر الاسم ، فإنّ من القصور العشرة التي في حوالى المدينة قصر معاوية ومثله من بني اُميّة وغيرهم من حكّام الجور، وكان قصر معاوية سمّي ب «قصر الخلّ» بفتح المعجمة وتشديد اللام؛ لبنائه إيّاه بالعنف والتعدّي.
(في شي‏ء أطلبه منه) أي أمرٍ عجيب من الدلالات وخرق العادات. ولعلّه عليه السلام أمَرَه بالكتمان عن غير الشيعة، فلا مخالفة لأمره عليه السلام.

الحديث الثامن‏

۰.روى في الكافي عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ يَاسِرٍ الْخَادِمِ وَ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ جَمِيعاً ، قَالَ : لَمَّا انْقَضى‏ أَمْرُ الْمَخْلُوعِ ، وَ اسْتَوَى الْأَمْرُ لِلْمَأْمُونِ ، كَتَبَ إِلَى الرِّضَا عليه السلام يَسْتَقْدِمُهُ إِلى‏ خُرَاسَانَ ، فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام بِعِلَلٍ ، فَلَمْ يَزَلِ الْمَأْمُونُ يُكَاتِبُهُ فِي ذلِكَ حَتّى‏ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَحِيصَ لَهُ ، وَ أَنَّهُ لَا يَكُفُّ عَنْهُ ، فَخَرَجَ عليه السلام وَ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام سَبْعُ سِنِينَ - فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ : لَا تَأْخُذْ عَلى‏ طَرِيقِ الْجَبَلِ وَ قُمَّ ، وَ خُذْ عَلى‏ طَرِيقِ الْبَصْرَةِ وَ الْأَهْوَازِ وَ فَارِسَ - حَتّى‏ وَافى‏ مَرْوَ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْأَمْرَ وَ الْخِلَافَةَ ، فَأَبى‏ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام ، قَالَ : فَوِلَايَةَ الْعَهْدِ ، فَقَالَ :«عَلى‏ شُرُوطٍ أَسْأَلُكَهَا». قَالَ الْمَأْمُونُ‏۱ : سَلْ مَا شِئْتَ ، فَكَتَبَ الرِّضَا عليه السلام : «إِنِّي دَاخِلٌ فِي وِلَايَةِ الْعَهْدِ عَلى‏ أَنْ لَا آمُرَ وَ لَا أَنْهى‏ ، وَ لَا أُفْتِيَ وَ لَا أَقْضِيَ ، وَ لَا أُوَلِّيَ وَ لَا أَعْزِلَ ، وَ لَا أُغَيِّرَ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ ، وَ تُعْفِيَنِي مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ» . فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ إِلى‏ ذلِكَ كُلِّهِ .
قَالَ : فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ ، قَالَ : فَلَمَّا حَضَرَ الْعِيدُ ، بَعَثَ الْمَأْمُونُ إِلَى الرِّضَا عليه السلام يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْكَبَ ، وَ يَحْضُرَ الْعِيدَ ، وَ يُصَلِّيَ وَ يَخْطُبَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرِّضَا عليه السلام : «قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مِنَ الشُّرُوطِ فِي دُخُولِ هذَا الْأَمْرِ». فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ : إِنَّمَا أُرِيدُ بِذلِكَ أَنْ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُ النَّاسِ وَ يَعْرِفُوا فَضْلَكَ ، فَلَمْ يَزَلْ عليه السلام يُرَادُّهُ الْكَلَامَ فِي ذلِكَ ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنْ ذلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وَ إِنْ لَمْ تُعْفِنِي خَرَجْتُ كَمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وَ أَمِيرُ

1.في الكافي المطبوع : + «له».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 105374
صفحه از 612
پرینت  ارسال به