47
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

قَالَ : فَمَا أَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ إِلَّا قَلِيلًا - عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ نَحْوَهَا - حَتّى‏ قَدِمَتْ رُسُلُ أَبِي جَعْفَرٍ ، فَأَخَذُوا أَبِي وَ عُمُومَتِي : سُلَيْمَانَ بْنَ حَسَنٍ ، وَ حَسَنَ بْنَ حَسَنٍ ، وَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ حَسَنٍ ، وَ دَاوُدَ بْنَ حَسَنٍ ، وَ عَلِيَّ بْنَ حَسَنٍ ، وَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ حَسَنٍ ، وَ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنٍ ، وَ حَسَنَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ حَسَنٍ ، وَ طَبَاطَبَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الحَسَنِ‏۱ ، وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ .
قَالَ : فَصُفِدُوا فِي الْحَدِيدِ ، ثُمَّ حُمِلُوا فِي مَحَامِلَ أَعْرَاءً لَا وِطَاءَ فِيهَا ، وَ وُقِّفُوا فِي المُصَلَّى‏۲ لِكَيْ يَشْتِمَهُمُ النَّاسُ .
قَالَ : فَكَفَّ النَّاسُ عَنْهُمْ ، وَ رَقُّوا لَهُمْ لِلْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا ، ثُمَّ انْطَلَقُوا بِهِمْ حَتّى‏ وُقِّفُوا عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَعْفَرِيُّ : فَحَدَّثَتْنَا خَدِيجَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ : أَنَّهُمْ لَمَّا أُوقِفُوا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ - الْبَابِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : بَابُ جَبْرَئِيلَ - أَطْلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام - وَ عَامَّةُ رِدَائِهِ مَطْرُوحٌ بِالْأَرْضِ - ثُمَّ أَطْلَعَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : «لَعَنَكُمُ اللَّهُ يَا مَعَاشِرَ الْأَنْصَارِ - ثَلَاثاً - مَا عَلى‏ هذَا عَاهَدْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَ لَا بَايَعْتُمُوهُ ، أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ حَرِيصاً ، وَ لَكِنِّي غُلِبْتُ ، وَ لَيْسَ لِلْقَضَاءِ مَدْفَعٌ».
ثُمَّ قَامَ وَ أَخَذَ إِحْدى‏ نَعْلَيْهِ ، فَأَدْخَلَهَا رِجْلَهُ ، وَ الْأُخْرى‏ فِي يَدِهِ ، وَ عَامَّةُ رِدَائِهِ يَجُرُّهُ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ ، فَحُمَّ عِشْرِينَ لَيْلَةً لَمْ يَزَلْ يَبْكِي فِيهَا اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ حَتّى‏ خِفْنَا عَلَيْهِ . فَهَذَا حَدِيثُ خَدِيجَةَ .
قَالَ الْجَعْفَرِيُّ : وَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ : أَنَّهُ لَمَّا طُلِعَ بِالْقَوْمِ فِي الْمَحَامِلِ ، قَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام مِنَ الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ أَهْوى‏ إِلَى الْمَحْمِلِ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ يُرِيدُ كَلَامَهُ ، فَمُنِعَ أَشَدَّ الْمَنْعِ ، وَ أَهْوى‏ إِلَيْهِ الْحَرَسِيُّ ، فَدَفَعَهُ ، وَ قَالَ : تَنَحَّ عَنْ هذَا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِيكَ وَ يَكْفِي غَيْرَكَ ، ثُمَّ دُخِلَ بِهِمُ الزُّقَاقَ ، وَ رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام إِلى‏ مَنْزِلِهِ ، فَلَمْ يُبْلَغْ

1.في الكافي المطبوع: «حسن».

2.في حاشية «الف» والكافي المطبوع: «بالمصلّى».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
46

لَا وَ اللَّهِ ، لَا يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ ، وَ لَا يَبْلُغُ عَمَلُهُ الطَّائِفَ إِذَا أَحْفَلَ - يَعْنِي إِذَا جَهَدَ۱ نَفْسَهُ - وَ مَا لِلْأَمْرِ مِنْ بُدٍّ أَنْ يَقَعَ ، فَاتَّقِ اللَّهَ ، وَ ارْحَمْ نَفْسَكَ وَ بَنِي أَبِيكَ ؛ فَوَ اللَّهِ ، إِنِّي لَأَرَاهُ أَشْأَمَ سَلْحَةٍ أَخْرَجَتْهَا أَصْلَابُ الرِّجَالِ إِلى‏ أَرْحَامِ النِّسَاءِ ؛ وَ اللَّهِ ، إِنَّهُ الْمَقْتُولُ بِسُدَّةِ أَشْجَعَ بَيْنَ دُورِهَا ؛ وَ اللَّهِ ، لَكَأَنِّي بِهِ صَرِيعاً ، مَسْلُوباً بِزَّتَهُ ، بَيْنَ رِجْلَيْهِ لَبِنَةٌ ، وَ لَا يَنْفَعُ هذَا الْغُلَامَ مَا يَسْمَعُ - قَالَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : يَعْنِينِي - وَ لَيَخْرُجَنَّ مَعَهُ فَيُهْزَمُ وَ يُقْتَلُ صَاحِبُهُ ، ثُمَّ يَمْضِي ، فَيَخْرُجُ مَعَهُ رَايَةٌ أُخْرى‏ ، فَيُقْتَلُ كَبْشُهَا ، وَ يُهْزَمُ‏۲ جَيْشُهَا ، فَإِنْ أَطَاعَنِي ، فَلْيَطْلُبِ الْأَمَانَ عِنْدَ ذلِكَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ حَتّى‏ يَأْتِيَهُ اللَّهُ بِالْفَرَجِ .
وَ لَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ هذَا۳ الْأَمْرَ لَا يَتِمُّ ، وَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ وَ نَعْلَمُ‏۴أَنَّ ابْنَكَ الْأَحْوَلُ الْأَخْضَرُ الْأَكْشَفُ الْمَقْتُولُ بِسُدَّةِ أَشْجَعَ بَيْنَ دُورِهَا عِنْدَ بَطْنِ مَسِيلِهَا» .
فَقَامَ أَبِي وَ هُوَ يَقُولُ : بَلْ يُغْنِي اللَّهُ عَنْكَ ؛ وَ لَتَعُودَنَّ ، أَوْ لَيَفِي‏ءَ۵ اللَّهُ بِكَ وَ بِغَيْرِكَ ، وَ مَا أَرَدْتَ بِهذَا إِلَّا امْتِنَاعَ غَيْرِكَ ، وَ أَنْ يَكُونَ‏۶ ذَرِيعَتَهُمْ إِلى‏ ذلِكَ .
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «اللَّهُ يَعْلَمُ مَا أُرِيدُ إِلَّا نُصْحَكَ وَ رُشْدَكَ ، وَ مَا عَلَيَّ إِلَّا الْجَهْدُ».
فَقَامَ أَبِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُغْضَباً ، فَلَحِقَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ : «أُخْبِرُكَ أَنِّي سَمِعْتُ عَمَّكَ - وَ هُوَ خَالُكَ - يَذْكُرُ أَنَّكَ وَ بَنِي أَبِيكَ سَتُقْتَلُونَ ، فَإِنْ أَطَعْتَنِي وَ رَأَيْتَ أَنْ تَدْفَعَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فَافْعَلْ ؛ وَوَاللَّهِ‏۷ - الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ عَلى‏ خَلْقِهِ - لَوَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُكَ بِوُلْدِي ، وَ بِأَحَبِّهِمْ إِلَيَّ ، وَ بِأَحَبِّ أَهْلِ بَيْتِي إِلَيَّ ، وَ مَا يَعْدِلُكَ عِنْدِي شَيْ‏ءٌ ، فَلَا تَرى‏ أَنِّي غَشَشْتُكَ». فَخَرَجَ أَبِي مِنْ عِنْدِهِ مُغْضَباً أَسِفاً .

1.في الكافي المطبوع: «أجهد».

2.في حاشية «الف» وفي الكافي المطبوع: «يتفرّق».

3.في «د»: «إنّ بهذا» بدل «بأنّ هذا».

4.في «د»: «تعلم».

5.في الكافي المطبوع : «وليقي».

6.في الكافي المطبوع: «تكون».

7.في الكافي المطبوع: «فو اللَّه».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 133017
صفحه از 612
پرینت  ارسال به