49
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

حَاقَ بِهِ ، وَ لكِنْ لَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ، يَا ابْنَ أَخِي ، عَلَيْكَ بِالشَّبَابِ ، وَ دَعْ عَنْكَ الشُّيُوخَ».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : مَا أَقْرَبَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فِي السِّنِّ!
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «إِنِّي لَمْ أُعَادِكَ‏۱ ، وَ لَمْ أَجِئْ لِأَتَقَدَّمَ عَلَيْكَ فِي الَّذِي أَنْتَ فِيهِ».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : لَا وَ اللَّهِ ، لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُبَايِعَ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «مَا فِيَّ يَا ابْنَ أَخِي طَلَبٌ وَ لَا هَرَبٌ‏۲ ، وَ إِنِّي لَأُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى الْبَادِيَةِ ، فَيَصُدُّنِي ذلِكَ ، وَ يَثْقُلُ عَلَيَّ حَتّى‏ يُكَلِّمَنِي‏۳ فِي ذلِكَ الْأَهْلُ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَ لَا يَمْنَعُنِي مِنْهُ إِلَّا الضَّعْفُ ، وَ اللَّهِ وَ الرَّحِمِ أَنْ تُدْبِرَ عَنَّا ، وَ نَشْقى‏ بِكَ».
فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، قَدْ وَ اللَّهِ مَاتَ أَبُو الدَّوَانِيقِ يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «وَ مَا تَصْنَعُ بِي وَ قَدْ مَاتَ ؟».
قَالَ : أُرِيدُ الْجَمَالَ بِكَ .
قَالَ : «مَا إِلى‏ مَا تُرِيدُ سَبِيلٌ ، لَا وَ اللَّهِ ، مَا مَاتَ أَبُو الدَّوَانِيقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَاتَ مَوْتَ النَّوْمِ» .
قَالَ : وَ اللَّهِ ، لَتُبَايِعُنِي طَائِعاً أَوْ مُكْرَهاً۴ ، وَ لَا تُحْمَدُ فِي بَيْعَتِكَ ، فَأَبى‏ عَلَيْهِ إِبَاءً شَدِيداً ، فَأَمَرَ۵ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ .
فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ : أَمَا إِنْ طَرَحْنَاهُ فِي السِّجْنِ - وَ قَدْ خَرِبَ السِّجْنُ ، وَ لَيْسَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ‏۶ غَلَقٌ - خِفْنَا أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُ ، فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، ثُمَّ قَالَ : «لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، أَ وَ تُرَاكَ تَسْجُنُنِي ؟».
قَالَ : نَعَمْ ، وَ الَّذِي أَكْرَمَ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله بِالنُّبُوَّةِ لَأُسْجِنَنَّكَ ، وَ لَأُشَدِّدَنَّ عَلَيْكَ ، فَقَالَ عِيسَى بْنُ

1.في الكافي المطبوع: «لم أعازّك».

2.في الكافي المطبوع: «حرب».

3.في الكافي المطبوع: «تكلمني».

4.في «د»: «مكروها».

5.في الكافي المطبوع: «وأمر».

6.في الكافي المطبوع: «عليه اليوم» بدل «اليوم عليه».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
48

بِهِمُ الْبَقِيعَ حَتَّى ابْتُلِيَ الْحَرَسِيُّ بَلَاءً شَدِيداً ، رَمَحَتْهُ نَاقَتُهُ ، فَدَقَّتْ وَرِكَهُ ، فَمَاتَ فِيهَا ، وَ مُضِيَ بِالْقَوْمِ .
فَأَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ حِيناً ، ثُمَّ أُتِيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَسَنِ‏۱ ، فَأُخْبِرَ أَنَّ أَبَاهُ وَ عُمُومَتَهُ قُتِلُوا - قَتَلَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ - إِلَّا حَسَنَ بْنَ جَعْفَرٍ وَ طَبَاطَبَا وَ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ وَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ وَ دَاوُدَ بْنَ الحَسَنِ‏۲ وَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ .
قَالَ : فَظَهَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ ذلِكَ ، وَ دَعَا النَّاسَ لِبَيْعَتِهِ .
قَالَ : فَكُنْتُ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ بَايَعُوهُ ، وَ اسْتَوْسَقَ‏۳ النَّاسَ لِبَيْعَتِهِ ، وَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ قُرَشِيٌّ وَ لَا أَنْصَارِيٌّ وَ لَا عَرَبِيٌّ .
قَالَ : وَ شَاوَرَ عِيسَى بْنَ زَيْدٍ - وَ كَانَ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ كَانَ عَلى‏ شُرَطِهِ - فَشَاوَرَهُ فِي الْبِعْثَةِ إِلى‏ وُجُوهِ قَوْمِهِ ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ : إِنْ دَعَوْتَهُمْ دُعَاءً يَسِيراً ، لَمْ يُجِيبُوكَ ، أَوْ تَغْلُظَ عَلَيْهِمْ ، فَخَلِّنِي وَ إِيَّاهُمْ ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : امْضِ إِلى‏ مَنْ أَرَدْتَ مِنْهُمْ ، فَقَالَ : ابْعَثْ إِلى‏ رَئِيسِهِمْ وَ كَبِيرِهِمْ - يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليهما السلام - فَإِنَّكَ إِذَا غَلُظْتَ‏۴ عَلَيْهِ ، عَلِمُوا جَمِيعاً أَنَّكَ سَتُمِرُّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي أَمْرَرْتَ عَلَيْهَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ .
قَالَ : فَوَ اللَّهِ ، مَا لَبِثْنَا إِذْ۵ أُتِيَ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام حَتّى‏ أُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ : أَسْلِمْ ؛ تَسْلَمْ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «أَ حَدَثَتْ نُبُوَّةٌ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ؟».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : لَا ، وَ لكِنْ بَايِعْ ؛ تَأْمَنْ عَلى‏ نَفْسِكَ وَ مَالِكَ وَ وُلْدِكَ ، وَ لَا تُكَلَّفَنَّ حَرْباً .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «مَا فِيَّ حَرْبٌ وَ لَا قِتَالٌ ، وَ لَقَدْ تَقَدَّمْتُ إِلى‏ أَبِيكَ ، وَ حَذَّرْتُهُ الَّذِي

1.في الكافي المطبوع: «حسن».

2.في الكافي المطبوع : «استوثق».

3.في الكافي المطبوع: «اُغلظت».

4.في حاشية «الف» والكافي المطبوع: «أن».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 133011
صفحه از 612
پرینت  ارسال به