حَاقَ بِهِ ، وَ لكِنْ لَا يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ، يَا ابْنَ أَخِي ، عَلَيْكَ بِالشَّبَابِ ، وَ دَعْ عَنْكَ الشُّيُوخَ».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : مَا أَقْرَبَ مَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فِي السِّنِّ!
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «إِنِّي لَمْ أُعَادِكَ۱ ، وَ لَمْ أَجِئْ لِأَتَقَدَّمَ عَلَيْكَ فِي الَّذِي أَنْتَ فِيهِ».
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : لَا وَ اللَّهِ ، لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُبَايِعَ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «مَا فِيَّ يَا ابْنَ أَخِي طَلَبٌ وَ لَا هَرَبٌ۲ ، وَ إِنِّي لَأُرِيدُ الْخُرُوجَ إِلَى الْبَادِيَةِ ، فَيَصُدُّنِي ذلِكَ ، وَ يَثْقُلُ عَلَيَّ حَتّى يُكَلِّمَنِي۳ فِي ذلِكَ الْأَهْلُ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَ لَا يَمْنَعُنِي مِنْهُ إِلَّا الضَّعْفُ ، وَ اللَّهِ وَ الرَّحِمِ أَنْ تُدْبِرَ عَنَّا ، وَ نَشْقى بِكَ».
فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، قَدْ وَ اللَّهِ مَاتَ أَبُو الدَّوَانِيقِ يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «وَ مَا تَصْنَعُ بِي وَ قَدْ مَاتَ ؟».
قَالَ : أُرِيدُ الْجَمَالَ بِكَ .
قَالَ : «مَا إِلى مَا تُرِيدُ سَبِيلٌ ، لَا وَ اللَّهِ ، مَا مَاتَ أَبُو الدَّوَانِيقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَاتَ مَوْتَ النَّوْمِ» .
قَالَ : وَ اللَّهِ ، لَتُبَايِعُنِي طَائِعاً أَوْ مُكْرَهاً۴ ، وَ لَا تُحْمَدُ فِي بَيْعَتِكَ ، فَأَبى عَلَيْهِ إِبَاءً شَدِيداً ، فَأَمَرَ۵ بِهِ إِلَى الْحَبْسِ .
فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ : أَمَا إِنْ طَرَحْنَاهُ فِي السِّجْنِ - وَ قَدْ خَرِبَ السِّجْنُ ، وَ لَيْسَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ۶ غَلَقٌ - خِفْنَا أَنْ يَهْرُبَ مِنْهُ ، فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، ثُمَّ قَالَ : «لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، أَ وَ تُرَاكَ تَسْجُنُنِي ؟».
قَالَ : نَعَمْ ، وَ الَّذِي أَكْرَمَ مُحَمَّداً صلى اللَّه عليه وآله بِالنُّبُوَّةِ لَأُسْجِنَنَّكَ ، وَ لَأُشَدِّدَنَّ عَلَيْكَ ، فَقَالَ عِيسَى بْنُ
1.في الكافي المطبوع: «لم أعازّك».
2.في الكافي المطبوع: «حرب».
3.في الكافي المطبوع: «تكلمني».
4.في «د»: «مكروها».
5.في الكافي المطبوع: «وأمر».
6.في الكافي المطبوع: «عليه اليوم» بدل «اليوم عليه».