493
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

فَقُلْتُ لِحُجَّابِ أَبِي وَ غِلْمَانِهِ : وَيْلَكُمْ ، مَنْ هذَا الَّذِي كَنَّيْتُمُوهُ عَلى‏ أَبِي ، وَ فَعَلَ بِهِ أَبِي هذَا الْفِعْلَ ؟ فَقَالُوا : هذَا عَلَوِيٌّ يُقَالُ لَهُ : الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يُعْرَفُ بِابْنِ الرِّضَا ، فَازْدَدْتُ تَعَجُّباً ، وَ لَمْ أَزَلْ يَوْمِي ذلِكَ قَلِقاً مُتَفَكِّراً فِي أَمْرِهِ وَ أَمْرِ أَبِي ، وَ مَا رَأَيْتُ‏۱ حَتّى‏ كَانَ اللَّيْلُ ، وَ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَتَمَةَ ، ثُمَّ يَجْلِسَ فَيَنْظُرَ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤَامَرَاتِ وَ مَا يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ .
فَلَمَّا صَلّى‏ وَ جَلَسَ جِئْتُ ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ، فَقَالَ لِي : يَا أَحْمَدُ ، لَكَ حَاجَةٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا أَبَهْ ، فَإِنْ أَذِنْتَ لِي سَأَلْتُكَ عَنْهَا ، فَقَالَ : قَدْ أَذِنْتُ‏۲ يَا بُنَيَّ ، فَقُلْ مَا أَحْبَبْتَ ، قُلْتُ : يَا أَبَهْ ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتُكَ بِالْغَدَاةِ فَعَلْتَ بِهِ مَا فَعَلْتَ مِنَ الْإِجْلَالِ وَ الْكَرَامَةِ وَ التَّبْجِيلِ ، وَ فَدَيْتَهُ بِنَفْسِكَ وَ أَبَوَيْكَ ؟
فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، ذَاكَ إِمَامُ الرَّافِضَةِ ، ذَاكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الرِّضَا .
فَسَكَتَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : يَا بُنَيَّ ، لَوْ زَالَتِ الْإِمَامَةُ عَنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ ، مَا اسْتَحَقَّهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ غَيْرُ هذَا ، وَ إِنَّ هذَا لَيَسْتَحِقُّهَا فِي فَضْلِهِ وَ عَفَافِهِ وَ هَدْيِهِ وَ صِيَانَتِهِ وَ زُهْدِهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ جَمِيلِ أَخْلَاقِهِ وَ صَلَاحِهِ ، وَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَاهُ ، رَأَيْتَ رَجُلًا جَزْلًا نَبِيلًا فَاضِلًا .
فَازْدَدْتُ قَلَقاً وَ تَفَكُّراً وَ غَيْظاً عَلى‏ أَبِي وَ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ ، وَ اسْتَزَدْتُهُ فِي فِعْلِهِ وَ قَوْلِهِ فِيهِ مَا قَالَ ، فَلَمْ يَكُنْ لِي هِمَّةٌ بَعْدَ ذلِكَ إِلَّا السُّؤَالُ عَنْ خَبَرِهِ ، وَ الْبَحْثُ عَنْ أَمْرِهِ ، فَمَا سَأَلْتُ أَحَداً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْفُقَهَاءِ وَ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا وَجَدْتُهُ عِنْدَهُ فِي غَايَةِ الْإِجْلَالِ وَ الْإِعْظَامِ وَ الْمَحَلِّ الرَّفِيعِ وَ الْقَوْلِ الْجَمِيلِ وَ التَّقْدِيمِ لَهُ عَلى‏ جَمِيعِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ مَشَايِخِهِ ، فَعَظُمَ قَدْرُهُ عِنْدِي ؛ إِذْ لَمْ أَرَ لَهُ وَلِيّاً وَ لَا عَدُوّاً إِلَّا وَ هُوَ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِيهِ وَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ .
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَمَا خَبَرُ أَخِيهِ جَعْفَرٍ ؟ فَقَالَ : وَ مَنْ جَعْفَرٌ فَيَسْأَلَ‏۳ عَنْ خَبَرِهِ ، أَوْ يُقْرَنَ بِالْحَسَنِ ؟ جَعْفَرٌ مُعْلِنُ الْفِسْقِ ، فَاجِرٌ ، مَاجِنٌ ، شِرِّيبٌ

1.في الكافي المطبوع : + «فيه».

2.في الكافي المطبوع : + «لك».

3.في الكافي المطبوع : «فسأل» بالتاء.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
492

المذكورات في الكافي كما نقلناه، وضبط اسم اُمّه عليه السلام «حديث» مصغّراً.۱

الحديث الثاني‏

۰.روى في الكافي بإسناده‏۲ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ وَغَيْرُهُمَا ، قَالُوا : كَانَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ خَاقَانَ عَلَى الضِّيَاعِ وَ الْخَرَاجِ بِقُمَّ ، فَجَرى‏ فِي مَجْلِسِهِ يَوْماً ذِكْرُ الْعَلَوِيَّةِ وَ مَذَاهِبِهِمْ ، وَ كَانَ شَدِيدَ النَّصْبِ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ وَ لَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأى‏ رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِيَّةِ مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا فِي هَدْيِهِ وَ سُكُونِهِ وَ عَفَافِهِ وَ نُبْلِهِ وَ كَرَمِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ بَنِي هَاشِمٍ وَ تَقْدِيمِهِمْ إِيَّاهُ عَلى‏ ذَوِي السِّنِّ مِنْهُمْ وَ الْخَطَرِ ، وَ كَذلِكَ الْقُوَّادِ وَ الْوُزَرَاءِ وَ عَامَّةِ النَّاسِ ؛ فَإِنِّي كُنْتُ يَوْماً قَائِماً عَلى‏ رَأْسِ أَبِي وَ هُوَ يَوْمُ مَجْلِسِهِ لِلنَّاسِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ حُجَّابُهُ ، فَقَالُوا : أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الرِّضَا بِالْبَابِ ، فَقَالَ بِصَوْتٍ‏۳ : ائْذَنُوا لَهُ ، فَتَعَجَّبْتُ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ جَسَرُوا يُكَنُّونَ رَجُلًا عَلى‏ أَبِي بِحَضْرَتِهِ ، وَ لَمْ يُكَنَّ عِنْدَهُ إِلَّا خَلِيفَةٌ ، أَوْ وَلِيُّ عَهْدٍ ، أَوْ مَنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ أَنْ يُكَنّى‏ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ أَسْمَرُ ، حَسَنُ الْقَامَةِ ، جَمِيلُ الْوَجْهِ ، جَيِّدُ الْبَدَنِ ، حَدَثُ السِّنِّ ، لَهُ جَلَالَةٌ وَ هَيْبَةٌ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَبِي ، قَامَ يَمْشِي إِلَيْهِ خُطًى ، وَ لَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ هذَا بِأَحَدٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادِ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عَانَقَهُ ، وَ قَبَّلَ وَجْهَهُ وَ صَدْرَهُ ، وَ أَخَذَ بِيَدِهِ ، وَ أَجْلَسَهُ عَلى‏ مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ، وَ جَلَسَ إِلى‏ جَنْبِهِ مُقْبِلًا عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ ، وَ جَعَلَ يُكَلِّمُهُ ، وَ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ ، وَ أَنَا مُتَعَجِّبٌ مِمَّا أَرى‏ مِنْهُ إِذْ دَخَلَ‏۴الْحَاجِبُ ، فَقَالَ : الْمُوَفَّقُ قَدْ جَاءَ - وَ كَانَ الْمُوَفَّقُ إِذَا دَخَلَ عَلى‏ أَبِي تَقَدَّمَ حُجَّابُهُ وَ خَاصَّةُ قُوَّادِهِ - فَقَامُوا بَيْنَ مَجْلِسِ أَبِي وَ بَيْنَ بَابِ الدَّارِ سِمَاطَيْنِ إِلى‏ أَنْ يَدْخُلَ وَ يَخْرُجَ ، فَلَمْ يَزَلْ أَبِي مُقْبِلًا عَلى‏ أَبِي مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُهُ حَتّى‏ نَظَرَ إِلى‏ غِلْمَانِ الْخَاصَّةِ ، فَقَالَ حِينَئِذٍ : إِذَا شِئْتَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ ، ثُمَّ قَالَ لِحُجَّابِهِ : خُذُوا بِهِ خَلْفَ السِّمَاطَيْنِ حَتّى‏ لَا يَرَاهُ هذَا - يَعْنِي الْمُوَفَّقَ - فَقَامَ وَ قَامَ أَبِي ، وَ عَانَقَهُ ، وَ مَضى‏ .

1.تهذيب الأحكام ، ج ۶ ، ص ۹۲.

2.السند يبدأ في الكافي المطبوع بالحسين بن محمّد و هو من مشايخ الكليني ، فالتعبير بإسناده سهو.

3.في الكافي المطبوع : + «عالٍ».

4.في الكافي المطبوع : + «عليه».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 123462
صفحه از 612
پرینت  ارسال به