495
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

وَ فُلَانٌ ، وَ مِنَ الْقُضَاةِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ، وَ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ، ثُمَّ غَطّى‏ وَجْهَهُ ، وَ أَمَرَ بِحَمْلِهِ ، فَحُمِلَ مِنْ وَسَطِ دَارِهِ ، وَ دُفِنَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ .
فَلَمَّا دُفِنَ أَخَذَ السُّلْطَانُ وَ النَّاسُ فِي طَلَبِ وَلَدِهِ ، وَ كَثُرَ التَّفْتِيشُ فِي الْمَنَازِلِ وَ الدُّورِ ، وَ تَوَقَّفُوا عَنْ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ ، وَ لَمْ يَزَلِ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِيَةِ - الَّتِي تُوُهِّمَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ - لَازِمِينَ حَتّى‏ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحَمْلِ ، فَلَمَّا بَطَلَ الْحَمْلُ‏۱ قُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ أُمِّهِ وَ أَخِيهِ جَعْفَرٍ ، وَ ادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِيَّتَهُ ، وَ ثَبَتَ ذلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي ، وَ السُّلْطَانُ عَلى‏ ذلِكَ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ .
فَجَاءَ جَعْفَرٌ بَعْدَ ذلِكَ إِلى‏ أَبِي ، فَقَالَ : اجْعَلْ لِي مَرْتَبَةَ أَخِي وَ أُوصِلَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَزَبَرَهُ أَبِي وَ أَسْمَعَهُ ، وَ قَالَ لَهُ : يَا أَحْمَقُ ، السُّلْطَانُ جَرَّدَ سَيْفَهُ فِي الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاكَ وَ أَخَاكَ أَئِمَّةٌ ؛ لِيَرُدَّهُمْ عَنْ ذلِكَ ، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذلِكَ ، فَإِنْ كُنْتَ عِنْدَ شِيعَةِ أَبِيكَ وَ أَخِيكَ إِمَاماً ، فَلَا حَاجَةَ بِكَ إِلَى سُلْطَانٍ‏۲ يُرَتِّبُكَ مَرْتَبَتَهُمَا۳ ، وَ لَا غَيْرِ سُلْطَانٍ‏۴ ، وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ بِهذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَمْ تَنَلْهَا بِنَا .
وَاسْتَقَلَّهُ أَبِي عِنْدَ ذلِكَ ، وَ اسْتَضْعَفَهُ ، وَ أَمَرَ أَنْ يُحْجَبَ عَنْهُ ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ حَتّى‏ مَاتَ أَبِي وَ خَرَجْنَا وَ هُوَ عَلى‏ تِلْكَ الْحَالِ ، وَ السُّلْطَانُ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام .

هديّة:

المعتمد على اللَّه، أبو العبّاس، أحمد بن متوكّل بن معتصم بن هارون الرشيد، الخامس عشر من الخلفاء العبّاسيّة، صار إليه أمر الخلافة في رجب عام ستّة وخمسين ومائتين، ومات فجأةً في رجب عام تسع وسبعين ومائتين، وكان عبد اللَّه بن خاقان وزير المعتمد على اللَّه، وكان الموفّق بن المتوكّل أخو المعتمد وليّ عهد أخيه،

1.في الكافي المطبوع : + «عنهن».

2.في حاشية «الف» و الكافي المطبوع : «السلطان».

3.في حاشية «الف» والكافي المطبوع : «مراتبهم».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
494

لِلْخُمُورِ ، أَقَلُّ مَنْ رَأَيْتُهُ مِنَ الرِّجَالِ ، وَ أَهْتَكُهُمْ لِنَفْسِهِ ، خَفِيفٌ ، قَلِيلٌ فِي نَفْسِهِ ، وَ لَقَدْ وَرَدَ عَلَى السُّلْطَانِ وَ أَصْحَابِهِ فِي وَقْتِ وَفَاةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا تَعَجَّبْتُ مِنْهُ ، وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكُونُ ، وَ ذلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَلَّ ، بَعَثَ إِلى‏ أَبِي أَنَّ ابْنَ الرِّضَا قَدِ اعْتَلَّ ، فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ ، فَبَادَرَ إِلى‏ دَارِ الْخِلَافَةِ ، ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلًا وَ مَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ خَاصَّتِهِ ، فِيهِمْ نِحْرِيرٌ ، فَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ وَ تَعَرُّفِ خَبَرِهِ وَ حَالِهِ ، وَ بَعَثَ إِلى‏ نَفَرٍ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ ، فَأَمَرَهُمْ بِالِاخْتِلَافِ إِلَيْهِ وَ تَعَاهُدِهِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً .
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ، أُخْبِرَ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ ، فَأَمَرَ الْمُتَطَبِّبِينَ بِلُزُومِ دَارِهِ ، وَ بَعَثَ إِلى‏ قَاضِي الْقُضَاةِ ، فَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَهُ ، وَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةً مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَ أَمَانَتِهِ وَ وَرَعِهِ ، فَأَحْضَرَهُمْ ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلى‏ دَارِ الْحَسَنِ ، وَ أَمَرَهُمْ بِلُزُومِهِ لَيْلًا وَ نَهَاراً ، فَلَمْ يَزَالُوا هُنَاكَ حَتّى‏ تُوُفِّيَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ رِضْوَانُهُ‏۱ ، فَصَارَتْ سُرَّ مَنْ رَأى‏ ضَجَّةً وَاحِدَةً ، وَ بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلى‏ دَارِهِ مَنْ فَتَّشَهَا ، وَ فَتَّشَ حُجَرَهَا ، وَ خَتَمَ عَلى‏ جَمِيعِ مَا فِيهَا ، وَ طَلَبُوا أَثَرَ وَلَدِهِ ، وَ جَاؤُوا بِنِسَاءٍ يَعْرِفْنَ الْحَمْلَ ، فَدَخَلْنَ إِلى‏ جَوَارِيهِ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِنَّ ، فَذَكَرَ بَعْضُهُنَّ أَنَّ هُنَاكَ جَارِيَةً بِهَا حَبَلٌ‏۲ ، فَجُعِلَتْ فِي حُجْرَةٍ ، وَ وُكِّلَ بِهَا نِحْرِيرٌ الْخَادِمُ وَ أَصْحَابُهُ وَ نِسْوَةٌ مَعَهُمْ .
ثُمَّ أَخَذُوا بَعْدَ ذلِكَ فِي تَهْيِئَتِهِ ، وَ عُطِّلَتِ الْأَسْوَاقُ ، وَ رَكِبَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادُ وَ أَبِي وَ سَائِرُ النَّاسِ إِلى‏ جَنَازَتِهِ ، فَكَانَتْ سُرَّ مَنْ رَأى‏ يَوْمَئِذٍ شَبِيهاً بِالْقِيَامَةِ ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تَهْيِئَتِهِ ، بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلى‏ أَبِي عِيسى‏ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ ، فَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، دَنَا أَبُو عِيسَى مِنْهُ ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَعَرَضَهُمْ‏۳ عَلى‏ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ وَ الْعَبَّاسِيَّةِ وَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْمُعَدَّلِينَ ، وَ قَالَ : هذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ عَلى‏ فِرَاشِهِ ، حَضَرَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ثِقَاتِهِ فُلَانٌ

1.في الكافي المطبوع : «عليه السلام» بد «رحمة اللَّه عليه و رضوانه».

2.في الكافي المطبوع : «حمل».

3.في الكافي المطبوع : «فعرضه».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 123450
صفحه از 612
پرینت  ارسال به