وَ فُلَانٌ ، وَ مِنَ الْقُضَاةِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ، وَ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ، ثُمَّ غَطّى وَجْهَهُ ، وَ أَمَرَ بِحَمْلِهِ ، فَحُمِلَ مِنْ وَسَطِ دَارِهِ ، وَ دُفِنَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ .
فَلَمَّا دُفِنَ أَخَذَ السُّلْطَانُ وَ النَّاسُ فِي طَلَبِ وَلَدِهِ ، وَ كَثُرَ التَّفْتِيشُ فِي الْمَنَازِلِ وَ الدُّورِ ، وَ تَوَقَّفُوا عَنْ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ ، وَ لَمْ يَزَلِ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِيَةِ - الَّتِي تُوُهِّمَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ - لَازِمِينَ حَتّى تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحَمْلِ ، فَلَمَّا بَطَلَ الْحَمْلُ۱ قُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ أُمِّهِ وَ أَخِيهِ جَعْفَرٍ ، وَ ادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِيَّتَهُ ، وَ ثَبَتَ ذلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي ، وَ السُّلْطَانُ عَلى ذلِكَ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ .
فَجَاءَ جَعْفَرٌ بَعْدَ ذلِكَ إِلى أَبِي ، فَقَالَ : اجْعَلْ لِي مَرْتَبَةَ أَخِي وَ أُوصِلَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَزَبَرَهُ أَبِي وَ أَسْمَعَهُ ، وَ قَالَ لَهُ : يَا أَحْمَقُ ، السُّلْطَانُ جَرَّدَ سَيْفَهُ فِي الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاكَ وَ أَخَاكَ أَئِمَّةٌ ؛ لِيَرُدَّهُمْ عَنْ ذلِكَ ، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذلِكَ ، فَإِنْ كُنْتَ عِنْدَ شِيعَةِ أَبِيكَ وَ أَخِيكَ إِمَاماً ، فَلَا حَاجَةَ بِكَ إِلَى سُلْطَانٍ۲ يُرَتِّبُكَ مَرْتَبَتَهُمَا۳ ، وَ لَا غَيْرِ سُلْطَانٍ۴ ، وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمْ بِهذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَمْ تَنَلْهَا بِنَا .
وَاسْتَقَلَّهُ أَبِي عِنْدَ ذلِكَ ، وَ اسْتَضْعَفَهُ ، وَ أَمَرَ أَنْ يُحْجَبَ عَنْهُ ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ حَتّى مَاتَ أَبِي وَ خَرَجْنَا وَ هُوَ عَلى تِلْكَ الْحَالِ ، وَ السُّلْطَانُ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام .
هديّة:
المعتمد على اللَّه، أبو العبّاس، أحمد بن متوكّل بن معتصم بن هارون الرشيد، الخامس عشر من الخلفاء العبّاسيّة، صار إليه أمر الخلافة في رجب عام ستّة وخمسين ومائتين، ومات فجأةً في رجب عام تسع وسبعين ومائتين، وكان عبد اللَّه بن خاقان وزير المعتمد على اللَّه، وكان الموفّق بن المتوكّل أخو المعتمد وليّ عهد أخيه،