51
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

فَقَالَ لَهُ : وَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ تَنْتَفِعُ ؛ بِبَيْعَتِي ؛ وَ اللَّهِ ، إِنِّي لَأُضَيِّقُ عَلَيْكَ مَكَانَ اسْمِ رَجُلٍ إِنْ كَتَبْتَهُ .
قَال : لَا بُدَّ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ . وَ أَغْلَظَ لَهُ فِي الْقَوْلِ .
فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ : ادْعُ لِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، فَلَعَلَّنَا نُبَايِعُ جَمِيعاً .
قَالَ : فَدَعَا جَعْفَراً عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُبَيِّنَ لَكَ‏۱ فَافْعَلْ ، لَعَلَّ اللَّهَ يَكُفُّهُ عَنَّا .
قَالَ : «قَدْ أَجْمَعْتُ أَلَّا أُكَلِّمَهُ ، فَلْيَرَ فِيَّ رَأْيَهُ!» .
فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَذْكُرُ يَوْماً أَتَيْتُ أَبَاكَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَ عَلَيَّ حُلَّتَانِ صَفْرَاوَانِ ، فَأَدَامَ النَّظَرَ إِلَيَّ ، فَبَكى‏ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ فَقَالَ لِي : «يُبْكِينِي أَنَّكَ تُقْتَلُ عِنْدَ۲ كِبَرِ سِنِّكَ ضَيَاعاً ، لَا يَنْتَطِحُ فِي دَمِكَ عَنْزَانِ». قَالَ : فَقُلْتُ : مَتى‏ ذَاكَ ؟ قَالَ : «إِذَا دُعِيتَ إِلَى الْبَاطِلِ فَأَبَيْتَهُ ؛ وَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى الْأَحْوَلِ مَشُومِ قَوْمِهِ يَنْتَمِي مِنْ آلِ الْحَسَنِ عَلى‏ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَدْعُو إِلى‏ نَفْسِهِ قَدْ تَسَمّى‏ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، فَأَحْدِثْ عَهْدَكَ ، وَ اكْتُبْ وَصِيَّتَكَ ؛ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فِي يَوْمِكَ أَوْ مِنْ غَدٍ»!؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «نَعَمْ ، وَ هذَا - وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ - لَا يَصُومُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا أَقَلَّهُ ، فَأَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، وَ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَنَا فِيكَ ، وَ أَحْسَنَ الْخِلَافَةَ عَلى‏ مَنْ خَلَّفْتَ ، وَ «إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ»».
قَالَ : ثُمَّ احْتُمِلَ إِسْمَاعِيلُ ، وَ رُدَّ جَعْفَرُ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهما السلام إِلَى الْحَبْسِ . قَالَ : فَوَ اللَّهِ ، مَا أَمْسَيْنَا حَتّى‏ دَخَلَ عَلَيْهِ بَنُو أَخِيهِ : بَنُو مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، فَتَوَطَّؤُوهُ حَتّى‏ قَتَلُوهُ ، وَ بَعَثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلى‏ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهما السلام ، فَخَلّى‏ سَبِيلَهُ .
قَالَ : وَ أَقَمْنَا بَعْدَ ذلِكَ حَتَّى اسْتَهْلَلْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ ، فَبَلَغَنَا خُرُوجُ عِيسَى بْنِ مُوسى‏ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ .
قَالَ : فَتَقَدَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلى‏ مُقَدِّمَتِهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، وَ كَانَ عَلى‏

1.في الكافي المطبوع: «له».

2.في «الف»: «في».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
50

زَيْدٍ : احْبِسُوهُ فِي الْمَخْبَاَ - وَ ذلِكَ‏۱ دَارُ رَبْطَةَ۲ الْيَوْمَ - فَقَالَ‏۳ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي سَأَقُولُ ، ثُمَّ أُصَدَّقُ».
فَقَالَ لَهُ عِيسَى بْنُ زَيْدٍ : لَوْ تَكَلَّمْتَ لَكَسَرْتُ فَمَكَ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «أَمَا وَ اللَّهِ يَا أَكْشَفُ يَا أَزْرَقُ ، لَكَأَنِّي بِكَ تَطْلُبُ لِنَفْسِكَ جُحْراً تَدْخُلُ فِيهِ ، وَ مَا أَنْتَ فِي الْمَذْكُورِينَ عِنْدَ اللِّقَاءِ ، وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ - إِذَا صُفِّقَ خَلْفَكَ - طِرْتَ مِثْلَ الْهَيْقِ النَّافِرِ». فَنَفَرَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ بِانْتِهَارٍ : احْبِسْهُ ، وَ شَدِّدْ عَلَيْهِ ، وَ اغْلُظْ عَلَيْهِ .
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «أَمَا وَ اللَّهِ لَكَأَنِّي بِكَ خَارِجاً مِنْ سُدَّةِ أَشْجَعَ إِلى‏ بَطْنِ الْوَادِي ، وَ قَدْ حَمَلَ عَلَيْكَ فَارِسٌ مُعْلِمٌ ، فِي يَدِهِ طِرَادَةٌ ، نِصْفُهَا أَبْيَضُ ، وَ نِصْفُهَا أَسْوَدُ ، عَلى‏ فَرَسٍ كُمَيْتٍ أَقْرَحَ ، فَطَعَنَكَ ، فَلَمْ يَصْنَعْ فِيكَ شَيْئاً ، وَ ضَرَبْتَ خَيْشُومَ فَرَسِهِ ، فَطَرَحْتَهُ ، وَ حَمَلَ عَلَيْكَ آخَرُ خَارِجٌ مِنْ زُقَاقِ آلِ أَبِي عَمَّارٍ الدِّئَلِيِّينَ‏۴ ، عَلَيْهِ غَدِيرَتَانِ مَضْفُورَتَانِ ، قَدْ۵ خَرَجَتَا مِنْ تَحْتِ بَيْضَتِهِ كَثِيرُ شَعْرِ الشَّارِبَيْنِ ، فَهُوَ وَ اللَّهِ صَاحِبُكَ ، فَلَا رَحِمَ اللَّهُ رِمَّتَهُ» .
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، حَسِبْتَ فَأَخْطَأْتَ . وَ قَامَ إِلَيْهِ السُّرَاقِيُّ بْنُ سَلْخِ الْحُوتِ ، فَدَفَعَ فِي ظَهْرِهِ حَتّى‏ أُدْخِلَ السِّجْنَ ، وَ اصْطُفِيَ مَا كَانَ لَهُ مِنْ مَالٍ ، وَ مَا كَانَ لِقَوْمِهِ مِمَّنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ مُحَمَّدٍ .
قَالَ : فَطُلِعَ بِإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَ هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ ، قَدْ ذَهَبَتْ إِحْدى‏ عَيْنَيْهِ ، وَ ذَهَبَتْ رِجْلَاهُ وَ هُوَ يُحْمَلُ حَمْلًا ، فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ ،فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ أَخِي ، إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ ، وَ أَنَا إِلى‏ بِرِّكَ وَ عَوْنِكَ أَحْوَجُ .
فَقَالَ لَهُ : لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تُبَايِعَ .

1.في «الف»: «ذاك».

2.في الكافي المطبوع: «ريطة».

3.في الكافي المطبوع: + «له».

4.في الكافي المطبوع: «الدؤليّين».

5.في الكافي المطبوع: «و قد».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 131791
صفحه از 612
پرینت  ارسال به