مَعَهُ رَفِيقٌ لَهُ مِنْ أَهْلِ السِّنْدِ كَانَ صَحِبَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ .
قَالَ : فَحَدَّثَنِي غَانِمٌ ، قَالَ : وَ أَنْكَرْتُ مِنْ رَفِيقِي بَعْضَ أَخْلَاقِهِ ، وَهَجَرْتُهُ1 ، وَ خَرَجْتُ حَتّى صِرْتُ2إِلَى الْعَبَّاسِيَّةِ أَتَهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ وَ أُصَلِّي ، وَ إِنِّي لَوَاقِفٌ مُتَفَكِّرٌ فِيمَا قَصَدْتُ لِطَلَبِهِ إِذَا أَنَا بِآتٍ قَدْ أَتَانِي ، فَقَالَ : أَنْتَ فُلَانٌ ؟ - اسْمُهُ بِالْهِنْدِ - فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : أَجِبْ مَوْلَاكَ ، فَمَضَيْتُ مَعَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَخَلَّلُ بِيَ الطُّرُقَ حَتّى أَتى دَاراً وَ بُسْتَاناً ، فَإِذَا أَنَا بِهِ عليه السلام جَالِسٌ ، فَقَالَ : «مَرْحَباً يَا فُلَانُ - بِكَلَامِ الْهِنْدِ - كَيْفَ حَالُكَ ؟ وَ كَيْفَ خَلَّفْتَ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً3 ؟» حَتّى عَدَّ الْأَرْبَعِينَ كُلَّهُمْ ، فَسَاءَلَنِي عَنْهُمْ وَاحِداً وَاحِداً ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي عليه السلام بِمَا تَجَارَيْنَا ، كُلُّ ذلِكَ بِكَلَامِ الْهِنْدِ .
ثُمَّ قَالَ : «أَرَدْتَ أَنْ تَحُجَّ مَعَ أَهْلِ قُمَّ ؟» قُلْتُ : نَعَمْ ، يَا سَيِّدِي ، فَقَالَ : «لَا تَحُجَّ مَعَهُمْ ، وَ انْصَرِفْ سَنَتَكَ هذِهِ ، وَ حُجَّ فِي قَابِلٍ». ثُمَّ أَلْقى إِلَيَّ صُرَّةً كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ لِيَ : «اجْعَلْهَا نَفَقَتَكَ ، وَ لَا تَدْخُلْ إِلى بَغْدَادَ إِلى فُلَانٍ - سَمَّاهُ - وَ لَا تُطْلِعْهُ عَلى شَيْءٍ»، وَ انْصَرِفْ إِلَيْنَا إِلَى الْبَلَدِ .
ثُمَّ وَافَانَا بَعْضُ الْفُيُوجِ ، فَأَعْلَمُونَا أَنَّ أَصْحَابَنَا انْصَرَفُوا مِنَ الْعَقَبَةِ ، وَ مَضى نَحْوَ خُرَاسَانَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي قَابِلٍ ، حَجَّ وَ أَرْسَلَ إِلَيْنَا هَدِيَّةً4 مِنْ طُرَفِ خُرَاسَانَ ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً ، حَتَّى5 مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
هديّة:
قيل: «القشمير الداخلة» بلاد في أقصى الهند يُقال لها : «الزيربادات». وقال برهان الفضلاء: «القشمير الداخلة» هي المسمّاة ب «تبّت» بالضمّ وتشديد المفردة، وهي أبعد من القشمير المشهورة نظراً إلى بلاد العرب.
1.في الكافي المطبوع : «فهجرته».
2.في الكافي المطبوع : «سرت».
3.في الكافي المطبوع : - «و فلاناً».
4.في الكافي المطبوع : «بهديّة».
5.في الكافي المطبوع : «ثمّ».