533
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4

قَالَ : ثُمَّ وَرَدْتُ الْعَسْكَرَ ، فَخَرَجَتْ إِلَيَّ صُرَّةٌ فِيهَا دَنَانِيرُ وَ ثَوْبٌ ، فَاغْتَمَمْتُ ، وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي : حَالِي‏1 عِنْدَ الْقَوْمِ هذَا ؟ وَ اسْتَعْمَلْتُ الْجَهْلَ ، فَرَدَدْتُهَا ، وَ كَتَبْتُ رُقْعَةً ، وَ لَمْ يُشِرِ الَّذِي قَبَضَهَا مِنِّي عَلَيَّ بِشَيْ‏ءٍ ، وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا بِحَرْفٍ ، ثُمَّ نَدِمْتُ بَعْدَ ذلِكَ نَدَامَةً شَدِيدَةً ، وَ قُلْتُ فِي نَفْسِي : كَفَرْتُ بِرَدِّي عَلى‏ مَوْلَايَ .
وَ كَتَبْتُ رُقْعَةً أَعْتَذِرُ مِنْ فِعْلِي ، وَ أَبُوءُ بِالْإِثْمِ ، وَ أَسْتَغْفِرُ مِنْ ذلِكَ ، وَ أَنْفَذْتُهَا ، وَ قُمْتُ أَتَمَسَّحُ ، فَأَنَا فِي ذلِكَ أُفَكِّرُ فِي نَفْسِي ، وَ أَقُولُ : إِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ الدَّنَانِيرُ ، لَمْ أَحْلُلْ صِرَارَهَا ، وَ لَمْ أُحْدِثْ فِيهَا حَتّى‏ أَحْمِلَهَا إِلى‏ أَبِي ؛ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِيهَا بِمَا شَاءَ ، فَخَرَجَ إِلَى الرَّسُولِ الَّذِي حَمَلَ إِلَيَّ الصُّرَّةَ : «أَسَأْتَ ؛ إِذْ لَمْ تُعْلِمِ الرَّجُلَ أَنَّا رُبَّمَا فَعَلْنَا ذلِكَ بِمَوَالِينَا ، وَ رُبَّمَا سَأَلُونَا ذلِكَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ» وَ خَرَجَ إِلَيَّ : «أَخْطَأْتَ فِي رَدِّكَ بِرَّنَا ، فَإِذَا اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ ، فَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عَزِيمَتُكَ وَ عَقْدُ نِيَّتِكَ أَلَّا تُحْدِثَ فِيهَا حَدَثاً ، وَ لَا تُنْفِقَهَا فِي طَرِيقِكَ ، فَقَدْ صَرَفْنَاهَا عَنْكَ ؛ فَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتُحْرِمَ فِيهِ» .
قَالَ وَ كَتَبْتُ فِي مَعْنَيَيْنِ ، وَ أَرَدْتُ أَنْ أَكْتُبَ فِي الثَّالِثِ ، وَ امْتَنَعْتُ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكْرَهَ ذلِكَ ، فَوَرَدَ جَوَابُ الْمَعْنَيَيْنِ وَ الثَّالِثِ الَّذِي طَوَيْتُ مُفَسَّراً ؛ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ .
قَالَ : وَ كُنْتُ وَافَقْتُ جَعْفَرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ النَّيْسَابُورِيَّ بِنَيْسَابُورَ عَلى‏ أَنْ أَرْكَبَ مَعَهُ ، وَ أُزَامِلَهُ ، فَلَمَّا وَافَيْتُ بَغْدَادَ بَدَا لِي ، فَاسْتَقَلْتُهُ وَ ذَهَبْتُ أَطْلُبُ عَدِيلاً ، فَلَقِيَنِي ابْنُ الْوَجْنَاءِ - بَعْدَ أَنْ كُنْتُ صِرْتُ إِلَيْهِ ، وَ سَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِي ، فَوَجَدْتُهُ كَارِهاً - فَقَالَ لِي : أَنَا فِي طَلَبِكَ ، وَ قَدْ قِيلَ لِي : إِنَّهُ يَصْحَبُكَ ، فَأَحْسِنْ مُعَاشَرَتَهُ ، وَ اطْلُبْ لَهُ عَدِيلاً ، وَ اكْتَرِ لَهُ .

هديّة:

(ثمّ كتب) في الموضعين على الاختلاف في النسخ، ففي بعضها : «ثمّ كتبت بخطّي» على المتكلّم، وفي بعضها - كما ضبط برهان الفضلاء : «ثمّ كتب بخطّه رجل» بإضافة الخطّ إلى الضمير، ورفع «رجل»، والظاهر ما أصّلناه.

1.في الكافي المطبوع : «جزائي».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
532

و«الاجتياح» بتقديم الجيم: الإهلاك. و«البوارح» بالمفردة والمهملتين: الدواهي، لغة كأنّهم شبّهوا بها. وضبط برهان الفضلاء : «من الهيد» بفتح الهاء وسكون الخاتمة مكان (الهند)بالنون، و«الهيد» مصدر هاده يهيده كباع: آذاه وجعله مضطرباً، قال: والمصدر بمعنى اسم الفاعل، فضبط «البوارج» بالجيم جمع بارج، وهو الملّاح الحاذق، قال: أو جمع بارجة، وهي سفينة كبيرة تهيّأ للحرب في البحر، ثمّ ضبط «أنبأني» من الإنباء بمعنى الإخبار مكان (أتاني)من الإتيان.
(فأتيت الدرب) أي باب مقبرة الإمامين في سامرّاء. القاموس: الدرب بالفتح السكّة الواسعة والباب الأكبر.۱

الحديث الثالث عشر

0.روى في الكافي عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ يَزِيْدِ2 الْيَمَانِيُ‏3 ، قَالَ : كَتَبَ أَبِي بِخَطِّهِ كِتَاباً ، فَوَرَدَ جَوَابُهُ ، ثُمَّ كَتَبَ‏4 بِخَطِّي ، فَوَرَدَ جَوَابُهُ ، ثُمَّ كَتَبَ بِخَطِّهِ رَجُلٌ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا ، فَلَمْ يَرِدْ جَوَابُهُ ، فَنَظَرْنَا ، فَكَانَتِ الْعِلَّةُ أَنَّ الرَّجُلَ تَحَوَّلَ قَرْمَطِيّاً .
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ : فَزُرْتُ الْعِرَاقَ ، وَ وَرَدْتُ طُوسَ ، وَ عَزَمْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ إِلَّا عَنْ بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِي ، وَ نَجَاحٍ مِنْ حَوَائِجِي وَ لَوِ احْتَجْتُ أَنْ أُقِيمَ بِهَا حَتّى‏ أُتَصَدَّقَ .
قَالَ : وَ فِي خِلَالِ ذلِكَ يَضِيقُ صَدْرِي بِالْمُقَامِ ، وَ أَخَافُ أَنْ يَفُوتَنِيَ الْحَجُّ . قَالَ : فَجِئْتُ يَوْماً إِلى‏ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَتَقَاضَاهُ ، فَقَالَ لِي : صِرْ إِلى‏ مَسْجِدِ كَذَا وَ كَذَا ، وَ إِنَّهُ يَلْقَاكَ رَجُلٌ .
قَالَ : فَصِرْتُ إِلَيْهِ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ ضَحِكَ ، وَ قَالَ : لَا تَغْتَمَّ ؛ فَإِنَّكَ سَتَحُجُّ فِي هذِهِ السَّنَةِ ، وَ تَنْصَرِفُ إِلى‏ أَهْلِكَ وَ وُلْدِكَ سَالِماً . قَالَ : فَاطْمَأْنَنْتُ ، وَ سَكَنَ قَلْبِي ، وَ أَقُولُ : ذَا مُصَدِّقُ‏5ذلِكَ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۶۶ (درب).

2.في الكافي المطبوع : «زيد».

3.هكذا في حاشية «الف» و الكافي المطبوع ، و في «الف» و «د» : «الهمداني».

4.في الكافي المطبوع : «كتبت».

5.في الكافي المطبوع : «مصداق».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 4
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
تعداد بازدید : 105460
صفحه از 612
پرینت  ارسال به