15
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

وقيل: بل وجه التسمية رجاؤهم النجاةَ بدون العمل أو ترجيتُهم الفسّاقَ.
وأمّا القدريّة ، فقالت الأشاعرة وكثيرون : هم المعتزلة ؛ لإنكارهم كون أفعالِ العباد تحت مشيئة اللَّه وقَدَرِه ، بقولهم إنّها بمجرّد مشيّتهم وقدرهم بالاستطاعة التامّة.
قال الفاضل الأسترآبادي: قوله: «المرجئ والقدري» دلالة على أنّ القدريّ هو المعتزلي‏۱ ؛ لأنّ المرجئة طائفة من الأشاعرة.
وقالت المعتزلة: بل هم الأشاعرة ؛ لنسبتهم أفعال العباد إلى قَدَرِه تعالى من دون اختيارهم فيها أصلاً.
والأصحّ أنّهم الصوفيّة ، إمّا لتضييقهم على أنفسهم برياضات شاقّة مخالفة لشرع العدل الحكيم سبحانه ؛ فمن القدر بمعنى الضيق ، ومنه «ليلة القدر» لتضيّق الأمكنة بنزول الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم إلى حضرة إمام الزمان، وقال اللَّه تعالى: «اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ»۲، وقال سبحانه: «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ»۳، فسّر بعلم أن لن نضيّق عليه رزقه، وإمّا لإثباتهم القَدَرَ المعلومَ للَّه سبحانه - باعتقادهم - ثبوتَ الأقدار المتفاوتة له تعالى في مراتب طريقَيِ النزول والصعود، ومنازل سلسلتَيِ البدو والعود، ومجالَيِ التشكّلات والأطوار في مجاري الشؤون بالأدوار.
ولقولهم‏۴ - كالمجوس - بتعدّد الظلمة في وحدة النور، وتعدّد النور في وحدة الظلمة. قال صلى اللَّه عليه وآله: «القدريّة مجوس هذه الاُمّة».۵

1.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۹ .

2.الرعد (۱۳) : ۲۶.

3.الأنبياء (۲۱) : ۸۷.

4.أي الصوفية.

5.جامع الأخبار، ص ۱۶۱؛ عوالى اللآلي ، ج ۱ ، ص ۱۶۶ ، ح ۱۷۵؛ سنن أبي داود، ج ۲، ص ۴۱۰، ح ۴۶۹۱؛ المستدرك للحاكم النيشابوري، ج ۱، ص ۸۵؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج ۱۰، ص ۲۰۷. وفي التوحيد، ص ۳۸۲، ح ۲۹ عن أبي عبد اللَّه عليه السلام. وفي تفسير القمّي، ج ۱، ص ۲۲۶، عن أبي جعفر عليه السلام. وفي ثواب الأعمال، ص ۲۱۳ عن عليّ عليه السلام .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
14

وقال السيّد الأجلّ النائيني ميرزا رفيعا رحمة اللَّه عليه: «المعنى في هذا الحديث كما سبق في كتاب التوحيد»۱ من قوله:
«اعرفوا اللَّه باللَّه» يعني بأنّه هو اللَّه مسلوباً عنه جميع ما يُعرف الخلق به ، من الأجسام والأرواح والأعيان والألوان والأنوار، وبالجملة من الجواهر والأعراض ومشابهةِ شي‏ء منها أو مماثلته، فهو اللَّه معروفاً بسلب المشابهة والمماثلة للمخلوقات .۲
وهذا هو الذي ذكره ثقة الإسلام هناك بقوله: «ومعنى قوله عليه السلام: «اعرفوا اللَّه باللَّه» يعني أنّ اللَّه تعالى خلق الأشخاص والأنوار» إلى آخره‏۳. وقد سبق ذكر الأقوال في معناه مفصّلاً .
في بعض النسخ كما ضبط برهان الفضلاء : «أليس تزعمون» مكان «تعلمون».
(قالوا القرآن). مشهور أنّ الثاني قد قال عند طلبه صلى اللَّه عليه وآله حين حانت الرحلة الدواة والقلم: حَسْبنا كتاب اللَّه وهو فينا.
و(المُرجئ) بالهمز ، على اسم الفاعل من الإفعال . والإرجاء : التأخير وإعطاء الرجاء أيضاً كالترجية. ويُقال : المُرجيّة بتشديد الخاتمة ؛ لتجويزهم أرجيت مكان أرجأت، كتوضّيت مكان توضّأت، فالرجل مُرجِئٌ كمُرجِع، أو بالتشديد؛ أو مُرْجٍ كمُعْطٍ ، والقوم مُرجئة كمُرجعة، أو مُرجيّة بالتشديد ، فإحداهما للنسبة كما صرّح به الجوهري أيضاً.۴
والمشهور في وجه التسمية: تأخيرُهم الإمامةَ الحقّةَ عن الخلافة الباطلة. وقيل: تأخيرهم العملَ عن الإيمان، أو العذابَ عن العاصي ؛ فإنّ اعتقادهم أنّ الإيمان الذي هو سبب النجاة إنّما هو مجرّد التصديق بجميع ما جاء به النبيّ عليه السلام ، وأنّ أفسق الفسّاق من المسلمين شريك - مثل جبرئيل وميكائيل - في حقيقة الإيمان الباعث للنجاة؛ لأنّ هذا التصديق لا يختلف بالشدّة والضعف.

1.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۵۲۴ .

2.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۲۸۱ .

3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۸۵ . وفي الطبعة الجديدة، ج ۱، ص ۲۱۳.

4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۵۲ (رجأ) .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 148131
صفحه از 592
پرینت  ارسال به