143
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

الباب الخامس عشر : بَابٌ نَادِرٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِ الْإِمَامِ عليه السلام وَ صِفَاتِهِ‏

وفيه كما في الكافي حديثان:

الحديث الأوّل‏

۰.روى في الكافي بإسناده مرفوعاً عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ‏۱، قَالَ: كُنَّا مَعَ الرِّضَا عليه السلام بِمَرْوَ، فَاجْتَمَعْنَا فِي الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَدْوِ۲مَقْدَمِنَا، فَأَدَارُوا أَمْرَ الْإِمَامَةِ، وَ ذَكَرُوا كَثْرَةَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا، فَدَخَلْتُ عَلى‏ سَيِّدِي عليه السلام، فَأَعْلَمْتُهُ خَوْضَ النَّاسِ فِيهِ، فَتَبَسَّمَ عليه السلام، ثُمَّ قَالَ:
«يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ، جَهِلَ الْقَوْمُ، وَ خُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ؛ إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّهُ صلى اللَّه عليه وآله حَتّى‏ أَكْمَلَ لَهُ الدِّينَ، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، بَيَّنَ فِيهِ الْحَلَالَ وَ الْحَرَامَ ، وَ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ ، وَ جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ كَمَلاً، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: «مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَبِ مِن شَىْ‏ءٍ» وَ أَنْزَلَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ - وَ هِيَ آخِرُ عُمُرِهِ‏۳ - : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَمَ دِينًا» وَ أَمْرُ الْإِمَامَةِ مِنْ تَمَامِ الدِّينِ، وَ لَمْ يَمْضِ صلى اللَّه عليه وآله حَتّى‏ بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ مَعَالِمَ دِينِهِمْ، وَ أَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ، وَ تَرَكَهُمْ عَلى‏ قَصْدِ سَبِيلِ

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «أبو محمّد القاسم بن العلاء رحمة اللَّه رفعه عن عبدالعزيز بن مسلم» .

2.في الكافي المطبوع : «بدء» .

3.في الكافي المطبوع : + «صلَى اللَّه عليه و آله» .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
142

وقال برهان الفضلاء:
وفي بيان «دابّة الأرض» أقوال كثيرة ، فلعلّها ملك يخرجه اللَّه من الأرض على هيئة حسنة عجيبة معجبة قبل ظهور القائم عليه السلام لتبشّر المؤمنين وتُنذر الكافرين.
أقول: لعلّ اللَّه خَلَقَ لأمير المؤمنين عليه السلام صوراً مثاليّة متعدّدة ، فلا إشكال في النصوص الظاهرة في أنّ دابّة الأرض أميرُ المؤمنين عليه السلام ، ولا في نصوص حضوره عليه السلام في طور سيناء وسفينة نوح للتكلّم مع الكليم وضرب العفريت القاصد للسفينة ، وحضوره عليه السلام ليلة المعراج في طريقه وعند السدرة ومنتهاها، وليلة الصيام للإفطار في أبيات كثيرة وفي الرفيق الأعلى، ولا في أمثال ذلك.۱
وقد روى عليّ بن إبراهيم في تفسيره عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: «قال رجل لعمّار بن ياسر: يا أبا اليَقْظان آيةٌ في كتاب اللَّه قد أفسَدَتْ قلبي وشكَّكَتْني. قال عمّار: وأيّة آيةٍ هي؟ قال: قول اللَّه عزّ وجلّ: «وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ» فأيّة دابّة هذه؟ قال عمّار: واللَّه ما أجلسُ ولا آكُلُ ولا أشرَبُ حتّى اُرِيَكَها، فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمراً وزُبْداً، فقال: يا أبا اليقظان هَلُمَّ، فجلس عمّار وأقبل يأكُلُ معه، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار قال الرجل: سبحان اللَّه ! يا أبا اليقظان حلفْتَ أنّك لا تأكُلُ ولا تشرَبُ ولا تجلِسُ حتّى تُرِيَنيِها؟ قال عمّار: قد أَرَيتُكَها إن كنتَ تعقل».۲
وقرأ العاصم والكسائي وحمزة : «أَنَّ النَّاسَ» بفتح الهمزة، والبواقي من القرّاء بكسرها.
«وشكَّكَتْني» أي أقلقَتْ قلبي. وقيل: ولعلّ شكّ الرجل في هيئتها ، هل هي من الهيئات المتعارفة، أو هيئة غريبة غير مأنوسة؟

1.أي: ولا إشكال في أمثال ذلك.

2.تفسير القمّي ، ج ۲ ، ص ۱۳۱ ؛ و عنه في البحار ، ج ۳۹ ، ص ۲۴۲ ، ح ۳۰ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 121181
صفحه از 592
پرینت  ارسال به