145
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

إِنَّ الْإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ، وَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَ صَلَاحُ الدُّنْيَا، وَ عِزُّ الْمُؤْمِنِينَ ؛ إِنَّ الْإِمَامَةَ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي، وَ فَرْعُهُ السَّامِي؛ بِالْإِمَامِ تَمَامُ الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ الْحَجِّ وَ الْجِهَادِ، وَ تَوْفِيرُ الْفَيْ‏ءِ وَ الصَّدَقَاتِ، وَ إِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَ الْأَحْكَامِ، وَ مَنْعُ الثُّغُورِ وَ الْأَطْرَافِ.
الْإِمَامُ يُحِلُّ حَلَالَ اللَّهِ، وَ يُحَرِّمُ حَرَامَ اللَّهِ، وَ يُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ، وَ يَذُبُّ عَنْ دِينِ اللَّهِ، وَ يَدْعُو إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ الْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ.
الْإِمَامُ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ، الْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَا لِلْعَالَمِ‏۱، وَ هِيَ فِي الْأُفُقِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهَا الْأَيْدِي وَ الْأَبْصَارُ.
الْإِمَامُ : الْبَدْرُ الْمُنِيرُ، وَ السِّرَاجُ الزَّاهِرُ، وَ النُّورُ السَّاطِعُ، وَ النَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجى‏، وَ أَجْوَازِ الْبُلْدَانِ وَ الْقِفَارِ، وَ لُجَجِ الْبِحَارِ.
الْإِمَامُ : الْمَاءُ الْعَذْبُ عَلَى الظَّمَاَ، وَ الدَّالُّ عَلَى الْهُدى‏، وَ الْمُنْجِي مِنَ الرَّدى‏.
الْإِمَامُ : النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ، الْحَارُّ لِمَنِ اصْطَلى‏ بِهِ‏۲، وَ الدَّلِيلُ فِي الْمَهَالِكِ، مَنْ فَارَقَهُ فَهَالِكٌ.
الْإِمَامُ : السَّحَابُ الْمَاطِرُ، وَ الْغَيْثُ الْهَاطِلُ، وَ الشَّمْسُ الْمُضِيئَةُ، وَ السَّمَاءُ الظَّلِيلَةُ، وَ الْأَرْضُ الْبَسِيطَةُ، وَ الْعَيْنُ الْغَزِيرَةُ، وَ الْغَدِيرُ وَ الرَّوْضَةُ.
الْإِمَامُ : الْأَنِيسُ الرَّفِيقُ، وَ الْوَالِدُ الشَّفِيقُ، وَ الْأَخُ الشَّقِيقُ، وَ الْأُمُ‏۳ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ، وَ مَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّآدِ.
الْإِمَامُ : أَمِينُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، وَ حُجَّتُهُ عَلى‏ عِبَادِهِ، وَ خَلِيفَتُهُ فِي بِلَادِهِ، وَ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ، وَ الذَّابُّ عَنْ حُرَمِ اللَّهِ.
الْإِمَامُ : الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَ الْمُبَرَّأُ مِنَ‏۴ الْعُيُوبِ، الْمَخْصُوصُ بِالْعِلْمِ، الْمَوْسُومُ بِالْحِلْمِ، نِظَامُ الدِّينِ، وَ عِزُّ الْمُسْلِمِينَ، وَ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ، وَ بَوَارُ الْكَافِرِينَ.

1.في حاشية «الف» : «العالم» .

2.في «الف» : «بها» .

3.في حاشية «الف» : «والإمام : الأمّ» بدل «والاُمّ» .

4.في الكافي المطبوع : «عن» .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
144

الْحَقِّ، وَ أَقَامَ لَها۱ عَلِيّاً عليه السلام عَلَماً وَ إِمَاماً، وَ مَا تَرَكَ شَيْئاً تَحْتَاجُ‏۲ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَهُ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالى‏ لَمْ يُكْمِلْ دِينَهُ، فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ اللَّهِ، وَ مَنْ رَدَّ كِتَابَ اللَّهِ، فَهُوَ كَافِرٌ بِهِ.
هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَ مَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ؛ فَيَجُوزَ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ؟ إِنَّ الْإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً، وَ أَعْظَمُ شَأْناً، وَ أَعْلى‏ مَكَاناً، وَ أَمْنَعُ جَانِباً، وَ أَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ، أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ، أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ .
إِنَّ الْإِمَامَةَ خَصَّ اللَّهُ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عليه السلام بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَ الْخُلَّةِ مَرْتَبَةً ثَالِثَةً، وَ فَضِيلَةً شَرَّفَهُ بِهَا، وَ أَشَادَ بِهَا ذِكْرَهُ، فَقَالَ: «إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا» فَقَالَ الْخَلِيلُ عليه السلام سُرُوراً بِهَا: «وَ مِن ذُرِّيَّتِى» قَالَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ : «لَا يَنَالُ عَهْدِى الظَّلِمِينَ»فَأَبْطَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ إِلى‏ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ صَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ.
ثُمَّ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالى‏ بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ أَهْلِ الصَّفْوَةِ وَ الطَّهَارَةِ، فَقَالَ : «وَ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَ يَعْقُوبَ نَافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنَا صَلِحِينَ * وَ جَعَلْنَهُمْ أَلِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ تِ وَ إِقَامَ الصَّلَوةِ وَ إِيتَآءَ الزَّكَوةِ وَ كَانُواْ لَنَا عَبِدِينَ».
فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ، يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً فَقَرْناً حَتّى‏ وَرَّثَهَا اللَّهُ تَعَالَى النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله، فَقَالَ جَلَّ وَ تَعَالى‏: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ» فَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً، فَقَلَّدَهَا صلى اللَّه عليه وآله عَلِيّاً عليه السلام بِأَمْرِ اللَّهِ - تَعَالى‏ - عَلى‏ رَسْمِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ، فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ الْعِلْمَ وَ الْإِيمَانَ بِقَوْلِهِ تَعَالى‏: «وَ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمَنَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَبِ اللَّهِ إِلَى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ» فَهِيَ فِي وُلْدِ عَلِيٍّ عليه السلام خَاصَّةً إِلى‏ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله، فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ هؤُلَاءِ الْجُهَّالُ؟
إِنَّ الْإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَ إِرْثُ الْأَوْصِيَاءِ ، إِنَّ الْإِمَامَةَ خِلَافَةُ اللَّهِ وَ خِلَافَةُ الرَّسُولِ، وَ مَقَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ مِيرَاثُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهم السلام.

1.في الكافي المطبوع : «لهم» .

2.في الكافي المطبوع : «يحتاج» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 148080
صفحه از 592
پرینت  ارسال به