147
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

«وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَ يَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ» مِنْ أَمْرِهِمْ «سُبْحَنَ اللَّهِ وَ تَعَلَى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ» وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: «وَ مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» الْآيَةَ، وَ قَالَ: «مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَبٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَنٌ عَلَيْنَا بَلِغَةٌ إِلَى‏ يَوْمِ الْقِيَمَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَ لِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأْتُواْ بِشُرَكَآلِهِمْ إِن كَانُواْ صَدِقِينَ» .
وَ قَالَ تَعَالى‏ : «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى‏ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ» أَمْ «طُبِعَ عَلَى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ» أَمْ «قَالُواْ سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِ‏ّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأََّسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ» أَمْ «قَالُواْ سَمِعْنَا وَ عَصَيْنَا» بَلْ هُوَ «فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» فَكَيْفَ لَهُمْ بِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ؟!
وَ الْإِمَامُ : عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ، وَ دَاعٍ‏1 لَا يَنْكُلُ، مَعْدِنُ الْقُدْسِ وَ الطَّهَارَةِ، وَ النُّسُكِ وَ الزَّهَادَةِ، وَ الْعِلْمِ وَ الْعِبَادَةِ، مَخْصُوصٌ بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ‏2، وَ نَسْلِ الْمُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ، لَا مَغْمَزَ فِيهِ فِي نَسَبٍ، وَ لَا يُدَانِيهِ ذُو حَسَبٍ، فِي الْبَيْتِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَ الذِّرْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ، وَ الْعِتْرَةِ مِنَ الرَّسُولِ صلى اللَّه عليه وآله، وَ الرِّضَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، شَرَفُ الْأَشْرَافِ، وَ الْفَرْعُ مِنْ عَبْدِ مَنَافٍ، نَامِي الْعِلْمِ، كَامِلُ الْحِلْمِ، مُضْطَلِعٌ بِالْإِمَامَةِ، عَالِمٌ بِالسِّيَاسَةِ، مَفْرُوضُ الطَّاعَةِ، قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ، نَاصِحٌ لِعِبَادِ اللَّهِ، حَافِظٌ لِدِينِ اللَّهِ.
إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَ الْأَئِمَّةَ عَلَيْهِمُ السلام يُوَفِّقُهُمُ اللَّهُ، وَ يُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِهِ وَ حِكَمِهِ مَا لَا يُؤْتِيهِ غَيْرَهُمْ؛ فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِمْ‏3 ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : «أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الْحَقِ‏ّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّى إِلَّآ أَن يُهْدَى‏ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» وَ قَوْلِهِ : «وَمَن يُؤْتَ

1.في حاشية «الف» و الكافي المطبوع : «راعٍ» .

2.في الكافي المطبوع : + «صلّى اللَّه عليه و آله» .

3.في الكافي المطبوع : «الزمان» .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
146

الْإِمَامُ : وَاحِدُ دَهْرِهِ، لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ، وَ لَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ، وَ لَا يُوجَدُ مِنْهُ بَدَلٌ، وَ لَا لَهُ مِثْلٌ وَ لَا نَظِيرٌ، مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَهُ وَ لَا اكْتِسَابٍ، بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ الْمُفْضِلِ الْوَهَّابِ.
فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ، أَوْ يُمْكِنُهُ اخْتِيَارُهُ؟ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، ضَلَّتِ الْعُقُولُ، وَ تَاهَتِ الْحُلُومُ، وَ حَارَتِ الْأَلْبَابُ، وَ خَسَأَتِ الْعُيُونُ، وَ تَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ، وَ تَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ، وَ تَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ، وَ حَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ، وَ جَهِلَتِ الْأَلِبَّاءُ، وَ كَلَّتِ الشُّعَرَاءُ، وَ عَجَزَتِ الْأُدَبَاءُ، وَ عَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ، أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ، وَ أَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ وَ التَّقْصِيرِ، وَ كَيْفَ يُوصَفُ بِكُلِّهِ، أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِهِ، أَوْ يُفْهَمُ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَمْرِهِ، أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَ يُغْنِي غِنَائَهُ‏۱؟ لَا، كَيْفَ؟ وَ أَنّى‏؟ وَ هُوَ بِحَيْثُ النَّجْمِ‏ُ مِنْ يَدِ الْمُتَنَاوِلِينَ، وَ وَصْفِ الْوَاصِفِينَ، فَأَيْنَ الِاخْتِيَارُ مِنْ هذَا؟ وَ أَيْنَ الْعُقُولُ عَنْ هذَا؟ وَ أَيْنَ يُوجَدُ مِثْلُ هذَا؟
أَ يَظُنُّونَ‏۲ أَنَّ ذلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ۳ صلى اللَّه عليه وآله؟ كَذَبَتْهُمْ وَاللَّهِ أَنْفُسُهُمْ، وَ مَنَّتْهُمُ الْأَبَاطِيلَ، فَارْتَقَوْا مُرْتَقاً صَعْباً دَحْضاً تَزِلُّ عَنْهُ إِلَى الْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ، رَامُوا إِقَامَةَ الْإِمَامِ بِعُقُولٍ حَائِرَةٍ بَائِرَةٍ نَاقِصَةٍ، وَ آرَاءٍ مُضِلَّةٍ، فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنْهُ إِلَّا بُعْداً۴ ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنّى‏ يُؤْفَكُونَ .۵
وَ لَقَدْ رَامُوا صَعْباً، وَ قَالُوا إِفْكاً، وَ ضَلُّوا ضَلَالاً بَعِيداً، وَ وَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ إِذْ تَرَكُوا الْإِمَامَ عَنْ بَصِيرَةٍ، وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ، فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ كَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ .
رَغِبُوا عَنِ اخْتِيَارِ اللَّهِ وَ اخْتِيَارِ رَسُولِه‏۶ صلى اللَّه عليه وآله وَ أَهْلِ بَيْتِهِ‏۷ إِلَى اخْتِيَارِهِمْ، وَ الْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ:

1.في الكافي المطبوع : «غناه» .

2.في الكافي المطبوع : «أتظنّون» .

3.في «الف» : - «محمّد» .

4.في «الف» : + «وقال الصفواني في حديثه» .

5.في «الف» : + «ثمّ اجتمعا في الرواية» .

6.في الكافي المطبوع : «رسول اللَّه» .

7.في «الف» : - «وأهل بيته» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 148082
صفحه از 592
پرینت  ارسال به