19
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

قُلْتُ: أَ لَكَ قَلْبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أُمَيِّزُ بِهِ كُلَّ مَا وَرَدَ عَلى‏ هذِهِ الْجَوَارِحِ وَ الْحَوَاسِّ.
قُلْتُ: أَ وَ لَيْسَ فِي هذِهِ الْجَوَارِحِ غِنًى عَنِ الْقَلْبِ؟ فَقَالَ: لَا.
قُلْتُ: وَ كَيْفَ ذلِكَ وَ هِيَ صَحِيحَةٌ سَلِيمَةٌ؟! قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ الْجَوَارِحَ إِذَا شَكَّتْ فِي شَيْ‏ءٍ شَمَّتْهُ أَوْ رَأَتْهُ أَوْ ذَاقَتْهُ أَوْ سَمِعَتْهُ، رَدَّتْهُ إِلَى الْقَلْبِ فَيَسْتَيْقِنُ‏۱ الْيَقِينَ، وَ يُبْطِلُ‏۲ الشَّكَ.
قَالَ هِشَامٌ: فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّمَا أَقَامَ اللَّهُ الْقَلْبَ لِشَكِّ الْجَوَارِحِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنَ الْقَلْبِ، وَ إِلَّا لَمْ تَسْتَيْقِنِ الْجَوَارِحُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مَرْوَانَ، فَاللَّهُ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - لَمْ يَتْرُكْ جَوَارِحَكَ حَتّى‏ جَعَلَ لَهَا إِمَاماً يُصَحِّحُ لَهَا الصَّحِيحَ، وَ تَتَيَقَّنُ‏۳ بِهِ مَا شَكَّتْ فِيهِ، وَ يَتْرُكُ هذَا الْخَلْقَ كُلَّهُمْ فِي حَيْرَتِهِمْ وَ شَكِّهِمْ وَ اخْتِلَافِهِمْ ، لَا يُقِيمُ لَهُمْ إِمَاماً يَرُدُّونَ إِلَيْهِ شَكَّهُمْ وَ حَيْرَتَهُمْ، وَ يُقِيمُ لَكَ إِمَاماً لِجَوَارِحِكَ تَرُدُّ إِلَيْهِ حَيْرَتَكَ وَ شَكَّكَ؟
قَالَ: فَسَكَتَ، وَ لَمْ يَقُلْ لِي شَيْئاً، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ لِي‏۴: أَنْتَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ‏۵: أَ مِنْ جُلَسَائِهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَأَنْتَ إِذاً۶ هُوَ، ثُمَّ ضَمَّنِي إِلَيْهِ، وَ أَقْعَدَنِي فِي مَجْلِسِهِ، وَ زَالَ عَنْ مَجْلِسِهِ، وَ مَا نَطَقَ حَتّى‏ قُمْتُ.
قَالَ: فَضَحِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام وَ قَالَ: «يَا هِشَامُ، مَنْ عَلَّمَكَ هذَا؟» قُلْتُ: شَيْ‏ءٌ أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَ أَلَّفْتُهُ، فَقَالَ : «هذَا - وَاللَّهِ - مَكْتُوبٌ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسى‏».

هديّة:

(حُمران) بالضمّ كنعمان، و(عَمرو بن عُبَيد) البصري من المعتزلة.

1.في الكافي المطبوع : «فتستيقن» .

2.في الكافي المطبوع : «وتبطل» .

3.في «الف» : «ويتيقّن».

4.في «د» : - «لي» .

5.في «د» : «فقال» .

6.في «ألف» : «فإذن أنت» .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
18

الحديث الثالث‏

۰.روى في الكافي عَنْ عَلِيٍ‏۱، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ:
كَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْهُمْ حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ وَ مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ الطَّيَّارُ ، وَجَمَاعَةٌ فِيهِمْ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وَ هُوَ شَابٌّ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام:
«يَا هِشَامُ، أَ لَا تُخْبِرُنِي كَيْفَ صَنَعْتَ بِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ؟ وَ كَيْفَ سَأَلْتَهُ؟» قَالَ‏۲ هِشَامٌ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي أُجِلُّكَ وَ أَسْتَحْيِيكَ، وَ لَا يَعْمَلُ لِسَانِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْ‏ءٍ، فَافْعَلُوا».
قَالَ هِشَامٌ: بَلَغَنِي مَا كَانَ فِيهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَ جُلُوسُهُ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، فَعَظُمَ ذلِكَ عَلَيَّ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ وَ دَخَلْتُ الْبَصْرَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَتَيْتُ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ كَبِيرَةٍ فِيهَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَ عَلَيْهِ شَمْلَةٌ سَوْدَاءُ مُتَّزِرٌ۳ بِهَا مِنْ صُوفٍ، وَ شَمْلَةٌ مُرْتَدِياً بِهَا وَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، فَاسْتَفْرَجْتُ النَّاسَ، فَأَفْرَجُوا لِي ثُمَّ قَعَدْتُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ عَلى‏ رُكْبَتَيَّ.
ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّهَا الْعَالِمُ، إِنِّي رَجُلٌ غَرِيبٌ أتَأْذَنُ‏۴ لِي فِي مَسْأَلَةٍ؟ فَقَالَ لِي: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَهُ: أَ لَكَ عَيْنٌ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، أَيُّ شَيْ‏ءٍ هذَا مِنَ السُّؤَالِ؟ وَ شَيْ‏ءٌ تَرَاهُ كَيْفَ تَسْأَلُ عَنْهُ؟! فَقُلْتُ: هكَذَا مَسْأَلَتِي، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، سَلْ وَ إِنْ كَانَتْ مَسْأَلَتُكَ حَمْقَاءَ، قُلْتُ: أَجِبْنِي فِيهَا، قَالَ‏۵: سَلْ.
قُلْتُ: أَ لَكَ عَيْنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: أَرى‏ بِهَا الْأَلْوَانَ وَ الْأَشْخَاصَ.
قُلْتُ: فَلَكَ أَنْفٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أَشَمُّ بِهِ الرَّائِحَةَ.
قُلْتُ: أَ لَكَ فَمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أَذُوقُ بِهِ الطَّعْمَ.
قُلْتُ: فَلَكَ أُذُنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: أَسْمَعُ بِهَا الصَّوْتَ.

1.في الكافي المطبوع: «عليّ بن إبراهيم».

2.في الكافي المطبوع : «فقال» .

3.في الكافي المطبوع : «متّزراً» .

4.في «الف» والكافي المطبوع : «تأذن» بدون همزة الاستفهام .

5.في الكافي المطبوع : + «لي» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 148094
صفحه از 592
پرینت  ارسال به