23
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

الحديث الرابع‏

۰.روى في الكافي عَنْ عَلِيٍ‏۱، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، فَوَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ صَاحِبُ كَلَامٍ وَ فِقْهٍ وَ فَرَائِضَ، وَ قَدْ جِئْتُ لِمُنَاظَرَةِ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام:
«كَلَامُكَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أَوْ مِنْ عِنْدِكَ؟» فَقَالَ: مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام وَ مِنْ عِنْدِي، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «فَأَنْتَ إِذاً شَرِيكَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله؟» قَالَ : لَا، قَالَ : «فَسَمِعْتَ الْوَحْيَ عَنِ اللَّهِ - عَزَّ وَ جَلَّ - يُخْبِرُكَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَتَجِبُ طَاعَتُكَ كَمَا تَجِبُ طَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله؟» قَالَ: لَا.
فَالْتَفَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام إِلَيَّ، فَقَالَ: «يَا يُونُسَ بْنَ يَعْقُوبَ، هذَا قَدْ خَصَمَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ». ثُمَّ قَالَ: «يَا يُونُسُ، لَوْ كُنْتَ تُحْسِنُ الْكَلَامَ كَلَّمْتَهُ». قَالَ يُونُسُ: فَيَا لَهَا مِنْ حَسْرَةٍ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي سَمِعْتُكَ تَنْهى‏ عَنِ الْكَلَامِ، وَ تَقُولُ: وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْكَلَامِ؛ يَقُولُونَ: هذَا يَنْقَادُ وَ هذَا لَا يَنْقَادُ، وَ هذَا يَنْسَاقُ وَ هذَا لَا يَنْسَاقُ، وَ هذَا نَعْقِلُهُ وَ هذَا لَا نَعْقِلُهُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : «إِنَّمَا قُلْتُ: فَوَيْلٌ لَهُمْ إِنْ تَرَكُوا مَا أَقُولُ، وَ ذَهَبُوا إِلى‏ مَا يُرِيدُونَ».
ثُمَّ قَالَ لِي: «اخْرُجْ إِلَى الْبَابِ، فَانْظُرْ مَنْ تَرى‏ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَأَدْخِلْهُ». قَالَ: فَأَدْخَلْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَعْيَنَ وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ الْأَحْوَلَ وَ كَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ هِشَامَ بْنَ سَالِمٍ وَكَانَ يُحْسِنُ الْكَلَامَ ، وَأَدْخَلْتُ قَيْساً الْمَاصِرَ وَكَانَ عِنْدِي أَحْسَنَهُمْ كَلَاماً، وَ كَانَ قَدْ تَعَلَّمَ الْكَلَامَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام .
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِنَا الْمَجْلِسُ - وَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَبْلَ الْحَجِّ يَسْتَقِرُّ أَيَّاماً فِي جَبَلٍ فِي طَرَفِ الْحَرَمِ فِي فَازَةٍ لَهُ مَضْرُوبَةٍ - قَالَ: فَأَخْرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام رَأْسَهُ مِنْ فَازَتِهِ، فَإِذَا هُوَ بِبَعِيرٍ يَخُبُّ، فَقَالَ: «هِشَامٌ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ». قَالَ: فَظَنَنَّا أَنَّ هِشَاماً رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عَقِيلٍ كَانَ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لَهُ ، قَالَ: فَوَرَدَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَوَّلَ مَا اخْتَطَّتْ لِحْيَتُهُ، وَ لَيْسَ فِينَا إِلَّا مَنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ، قَالَ : فَوَسَّعَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام وَ قَالَ: «نَاصِرُنَا بِقَلْبِهِ وَ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ».

1.في الكافي المطبوع: «عليّ بن إبراهيم».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
22

وفاقاً من المؤالف والمخالف - لصلاح حياة الآخرة الباقية، فأقبحُ وجهٍ من وجوهِ مزيّةِ الفرع على الأصل في مثل هذا النظام العظيم من مدبّره العدل الحكيم تعالى شأنه؛ قال اللَّه تعالى في سورة الأعلى: «بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى»۱، وفي سورة والنجم: «فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنْ الْعِلْمِ»۲، وهذا المضمون كثير في القرآن .
فإن قال قائل‏۳: إنّ الإنسانَ الكامل ذات جوهريّة نورانيّة قائمة بذاتها فاعلة للخير والهداية، فقل لمن يصحّحه بالهذيان : هل الإمامُ المعصوم العاقلُ عن اللَّه سبحانه - بعد إبطاله دعوى فرعون - صحّح دعوى البسطامي والحلّاج والرومي وأمثالهم من الصوفيّة القدريّة، أم أبطل وحَكَم بكفرهم وأمر بقتلهم وأخبر بتخليدهم في النار؟ فإن قال بالأوّل فقل : عليك ما على الثاني، وإن قال بالثاني فقل : عليك ما على الأوّل. ومن توقيعات صاحب الزمان عليه السلام كما ذكره المفيد في حديقة الحدائق ومولانا أحمد الأردبيلي في حديقة الشيعة: «إنّ الحلّاج المصلوب بفتوى الشافعيّة كان مردوداً مطروداً ملعوناً أزلاً وأبداً».۴
وتقرير الإمام عليه السلام عند قول الهشام : (شي‏ء أخذته منك وألّفته) دلالة على جواز نقل الحديث بالمعنى بأيّ تأليف صحيح كان.
(قال: فضحك أبو عبداللَّه عليه السلام) يعني : قال هشام عند نقله هذه الحكاية في مجلس آخر.

1.الأعلى (۸۷): ۱۶ - ۱۹.

2.النجم (۵۳): ۲۹ - ۳۰.

3.في «ألف»: «فإن كنت متذكّراً لقول بعض المعاصرين في كتابه من بياناته المحكيّة هنا في أواخر كتاب التوحيد» بدل «فإن قال قائل». والقائل هو العلّامة الكاشاني في الوافي، ج ۱، ص ۵۶۳، ذيل ح ۴۷۲.

4.لم نعثر على ترجمة العبارة في المصدر، نعم فيه تعابير شتّى في حقّ الحلّاج، مثل: ساحر، كافر. راجع: حديقة الشيعة، ص ۵۷۰ و ۵۷۵ و ۵۹۴.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 148067
صفحه از 592
پرینت  ارسال به