وقال برهان الفضلاء سلّمه اللَّه:
المراد بالانقياد إمكان الاستدلال لشيء بسهولة، وبالانسياق إمكانه له بعسر ؛ إذ الانسياق مطاوع للسوق ، وهو لا يكون إلّا للصعب من الدواب ، كالانقياد للذلول.
(إن تَركوا ما أقول) يعني قول المفترض الطاعة بحجّة العصمة في الكلام . وفيه مدحُ علمِ الكلام وتعلّمِه ، كما في قول يونس لقيس الماصر : إنّه تعلَّمَه من عليّ بن الحسين عليهما السلام .
(مَن تَرى مِن المتكلّمين) أي من أصحابنا من الآخذين علم الكلام من المعصوم.
و(الأحول) هو أبو جعفر محمّد بن عليّ بن النعمان ، مؤمن الطاق ، مولى بَجِيلَة ، من أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام ، كان دكّانه في طاق المحامل بالكوفة ، وكان خيّراً فاضلاً ، كثيرَ العلم، حسنَ الخاطر، والمخالفون يسمّونه شيطان الطاق ؛ إمّا لكثرة مطايباته معهم في التصريح ببطلان مذاهبهم، أو لأنّه كان يرجع إليه في النقد ، فيخرج كما ينقد، وله حكايات مع أبي حنيفة :
منها: أنّ أبا حنيفة قال له يوماً: يا أبا جعفر تقول بالرجعة في زمن المهدي كما يقول جعفر بن محمّد؟ فقال: نعم ، هو حجّة اللَّه كآبائه عليهم السلام وأنا مؤمن لا كافر ، مقرّ لا منكر. فقال له: أقرضْني من كيسك هذا مائةَ دينارٍ، فإذا عدت أنا وأنت رددتُها إليك. فقال له: اُريد ضميناً لي عنك أنّك تعود إنساناً ، فإنّي أخاف أَنْ تعودَ دبّاً أو خنزيراً أو قِرداً ، فلا أَتمكَّنُ من استرجاع ما أَخَذْتَ منّي.۱
ومنها: أنّ المؤمن كان يوماً مع ذلك الكافر في طريق، فسمعا منادياً ينادي: من رأى صبيّاً ضالّاً، فأخذ المؤمن بيد الكافر وقال بأعلى صوته: يا هذا ما رأينا صبيّاً ضالاًّ، فإن كنتَ تريد كهلاً ضالّاً فهو هذا.۲
ومنها: أنّ ذلك الكافر رأى المؤمن يوم رحلة الباقر عليه السلام فقال شماتة: إمامك قد مات،