271
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

- تَعَالى‏ - إِلَّا وَ هُوَ مَخْذُولٌ ، وَ مَنْ خُذِلَ لَمْ يُصِبْ ، كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ لَا بُدَّ مِنْ تَنْزِيلِهِ مِنَ السَّمَاءِ يَحْكُمُ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ ، كَذلِكَ لَا بُدَّ مِنْ وَالٍ .
فَإِنْ قَالُوا : لَا نَعْرِفُ هذَا ، فَقُلْ‏1 : قُولُوا مَا أَحْبَبْتُمْ ، أَبَى اللَّهُ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله أَنْ يَتْرُكَ الْعِبَادَ وَ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِمْ .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : ثُمَّ وَقَفَ ، فَقَالَ : هَاهُنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ بَابٌ غَامِضٌ ، أَ رَأَيْتَ إِنْ قَالُوا : حُجَّةُ اللَّهِ الْقُرْآنُ ؟ قَالَ : إِذَنْ أَقُولَ لَهُمْ : إِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِنَاطِقٍ يَأْمُرُ وَ يَنْهى‏ ، وَ لكِنْ لِلْقُرْآنِ أَهْلٌ يَأْمُرُونَ وَ يَنْهَوْنَ .
وَ أَقُولَ : قَدْ عَرَضَتْ لِبَعْضِ أَهْلِ الْأَرْضِ مُصِيبَةٌ مَا هِيَ فِي السُّنَّةِ وَ الْحُكْمِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، وَ لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ ، أَبَى اللَّهُ - لِعِلْمِهِ بِتِلْكَ الْفِتْنَةِ - أَنْ تَظْهَرَ فِي الْأَرْضِ ، وَ لَيْسَ فِي حُكْمِهِ رَادٌّ لَهَا وَ مُفَرِّجٌ عَنْ أَهْلِهَا .
فَقَالَ : هَاهُنَا تَفْلُجُونَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالى‏ - قَدْ عَلِمَ بِمَا يُصِيبُ الْخَلْقَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ ، أَوْ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الدِّينِ أَوْ غَيْرِهِ ، فَوَضَعَ الْقُرْآنَ دَلِيلاً .
قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ : هَلْ تَدْرِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، دَلِيلُهُ مَا هُوَ ؟
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : نَعَمْ ، فِيهِ جُمَلُ الْحُدُودِ ، وَ تَفْسِيرُهَا عِنْدَ الْحَكَمِ ، فَقَالَ : أَبَى اللَّهُ أَنْ يُصِيبَ عَبْداً بِمُصِيبَةٍ فِي دِينِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ أَوْ في‏2 مَالِهِ لَيْسَ فِي أَرْضِهِ مَنْ حُكْمُهُ قَاضٍ بِالصَّوَابِ فِي تِلْكَ الْمُصِيبَةِ .
قَالَ : فَقَالَ الرَّجُلُ : أَمَّا فِي هذَا الْبَابِ ، فَقَدْ فَلَجْتَهُمْ بِحُجَّةٍ إِلَّا أَنْ يَفْتَرِيَ خَصْمُكُمْ عَلَى اللَّهِ ، فَيَقُولَ : لَيْسَ لِلَّهِ - تَعَالى‏ - حُجَّةٌ .
وَلكِنْ أَخْبِرْنِي عَنْ تَفْسِيرِ «لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ» : مِمَّا خُصَّ بِهِ عَلِيٌّ عليه السلام «وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ» قَالَ : فِي أَبِي فُلَانٍ وَ أَصْحَابِهِ ، وَاحِدَةٌ مُقَدِّمَةٌ ، وَ وَاحِدَةٌ مُؤَخِّرَةٌ «لا3

1.في الكافي المطبوع: + «لهم».

2.في الكافي المطبوع: - «في».

3.في الكافي المطبوع: «لكيلا».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
270

فَهَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَعْلَمُ مِنَ الْعِلْمِ شَيْئاً لَا يَعْلَمُهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، أَوْ يَأْتِيهِ بِهِ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فِي غَيْرِهَا ؟ فَإِنَّهُمْ سَيَقُولُونَ : لَا ، فَقُلْ لَهُمْ : فَهَلْ كَانَ لِمَا عَلِمَ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُظْهِرَ ؟ فَيَقُولُونَ : لَا ، فَقُلْ لَهُمْ : فَهَلْ كَانَ فِيمَا أَظْهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مِنْ عِلْمِ اللَّهِ - تَعَالى‏ - اخْتِلَافٌ ؟
فَإِنْ قَالُوا : لَا ، فَقُلْ لَهُمْ : فَمَنْ حَكَمَ بِحُكْمِ اللَّهِ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، فَهَلْ خَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ - فَإِنْ قَالُوا : لَا ، فَقَدْ نَقَضُوا أَوَّلَ كَلَامِهِمْ - فَقُلْ لَهُمْ : «مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» .
فَإِنْ قَالُوا : مَنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ؟ فَقُلْ : مَنْ لَا يَخْتَلِفُ فِي عِلْمِهِ .
فَإِنْ قَالُوا : فَمَنْ هُوَ ذَاكَ ؟ فَقُلْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله صَاحِبَ ذلِكَ ، فَهَلْ بَلَّغَ أَوْ لَا ؟ فَإِنْ قَالُوا : قَدْ بَلَّغَ ، فَقُلْ : فَهَلْ مَاتَ صلى اللَّه عليه وآله وَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُ عِلْماً لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لَا ، فَقُلْ : إِنَّ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مُؤَيَّدٌ ، وَ لَا يَسْتَخْلِفُ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إِلَّا مَنْ يَحْكُمُ بِحُكْمِهِ ، وَ إِلَّا مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُ إِلَّا النُّبُوَّةَ ، وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي عِلْمِهِ أَحَداً ، فَقَدْ ضَيَّعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ مِمَّنْ يَكُونُ بَعْدَهُ .
فَإِنْ قَالُوا لَكَ : فَإِنَّ عِلْمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَقُلْ : «حم * وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ» إِلى‏ قَوْلِهِ : «إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ» .
فَإِنْ قَالُوا لَكَ : لَا يُرْسِلُ اللَّهُ - تَعَالى‏ - إِلَّا إِلى‏ نَبِيٍّ ، فَقُلْ : هذَا الْأَمْرُ الْحَكِيمُ - الَّذِي يُفْرَقُ فِيهِ - هُوَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنْ سَمَاءٍ إِلى‏ سَمَاءٍ ، أَوْ مِنْ سَمَاءٍ إِلى‏ أَرْضٍ ؟
فَإِنْ قَالُوا : مِنْ سَمَاءٍ إِلى‏ سَمَاءٍ ، فَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ أَحَدٌ يَرْجِعُ مِنْ طَاعَةٍ إِلى‏ مَعْصِيَةٍ ، فَإِنْ قَالُوا : مِنْ سَمَاءٍ إِلى‏ أَرْضٍ، وَأَهْلُ الْأَرْضِ أَحْوَجُ الْخَلْقِ إِلى‏ ذلِكَ، فَقُلْ : فَهَلْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ سَيِّدٍ فَيَتَحَاكَمُونَ‏۱ إِلَيْهِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : فَإِنَّ الْخَلِيفَةَ هُوَ حَكَمُهُمْ ، فَقُلْ : «اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» إِلى‏ قَوْلِهِ «خالِدُونَ» لَعَمْرِي ، مَا فِي الْأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ وَلِيٌّ لِلَّهِ - تَعَالى‏ - إِلَّا وَ هُوَ مُؤَيَّدٌ ، وَ مَنْ أُيِّدَ لَمْ يُخْطِ ؛ وَ مَا فِي الْأَرْضِ عَدُوٌّ لِلَّهِ

1.في الكافي المطبوع: «يتحاكمون» بدون الفاء.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 141050
صفحه از 592
پرینت  ارسال به