277
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

شرعاً، لا طريقة ولا حقيقة.۱ هل وافق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في حكمه وقوله ذلك، أم خالفه؟ والأوّل باطل؛ لعدم الاختلاف في حكم اللَّه أصلاً، فثبت الثاني.
ثمّ يُقال: فمن لم يكن في حكمه اختلاف، فهل له طريق إلى ذلك الحكم من غير جهة اللَّه - بواسطة أو بغير واسطة - [أقول: كالمكاشفة التي يدّعي القدريّة - لعنهم اللَّه - حصولها بالرياضة لا غير.۲ ومن دون أن يعلم تأويل المتشابه - وهو سبب الاختلاف - أم لا؟ والأوّل باطل، فثبت الثاني.
ثمّ يُقال: فهل يعلم تأويل المتشابه غير اللَّه والرّاسخين في العلم، الذين ليس في علمهم اختلاف؛ لأنّه من عند اللَّه تعالى أم لا؟ والأوّل باطل؛ لقوله تعالى: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ»۳، فثبت الثاني.
ثمّ يُقال: فرسول اللَّه الذي من الراسخين في العلم هل ذهب وذهب بعلمه ولم يبلّغ طريق علمه بالمتشابه إلى خليفته من بعده، أم بلّغه؟ والأوّل باطل؛ لما فيه من تضييعه من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده، فثبت الثاني.
ثمّ يُقال: فهل خليفته من بعده كسائر آحاد الناس يجوز عليه الخطأ و الاختلاف في العلم، أم هو مؤيّد في الحكم من عند اللَّه تعالى، يحكم بحكم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بأن يأتيه الملك ويحدّثه من غير وحي ورؤية، وهو مثله إلّا في النبوّة؟ والأوّل باطل؛ لعدم إغنائه حينئذٍ؛ لأنّ من يجوز عليه الخطأ لا يؤمن عليه الاختلاف ويلزم التضييع، فثبت الثاني.
فلابدّ من خليفة بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله راسخ في العلم، عالم بتأويل المتشابه، مؤيَّد من عند اللَّه، لا يجوز عليه الخطأ والاختلاف في العلم والحكم، يكون حجّة اللَّه على عباده، وهكذا ما دامت الدنيا؛ وهو المطلوب.
(فإن قالوا: لك) إيراد على هذه الحجّة بأنّ علم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لعلّه من القرآن حسب،

1.]ما بين المعقوفتين استطردادٌ من المصنّف بين الكلام.

2.آل عمران (۳): ۷.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
276

وقال الفاضل صدر الدِّين محمّد الشيرازي‏۱:
تقرير هذه الحجّة على ما يطابق عبارة الحديث مع مقدّماتها المطويّة أن يُقال: قال اللَّه تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»۲ على فعل المستقبل الدالّ على التجدّد في الاستقبال، فالمعنى إنّا أنزلنا القرآن في ليلة القدر التي تنزّل الملائكة و الروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر ببيان وتأويلٍ، سنةً فسنةً، فيقال: هل لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله طريق إلى العلم الذي يحتاج إليه الاُمّة سوى ما يأتيه من السماء من عند اللَّه تعالى في ليلة القدر أو في غيرها أم لا؟ والأوّل باطل؛ لإجماع الاُمّة على أنّ علمه ليس إلّا من عند اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى: «إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى»۳، فثبت الثاني.
ثمّ يُقال: هل يجوز أن لا يظهر هذا العلم الذي يحتاج إليه الاُمّة، أم لابدّ من ظهوره لهم؟ والأوّل باطل؛ لأنّه إنّما يرسل ويوحى إليه ليبلّغ إليهم ويهديهم إلى الصراط المستقيم، فثبت الثاني.
ثمّ يُقال: هل في ذلك العلم النازل من السماء اختلاف، أم لا؟ والأوّل باطل؛ لأنّه إنّما هو من عند اللَّه سبحانه، قال اللَّه تعالى: «وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»۴، فثبت الثاني.
ثمّ يُقال: فمن حكم بحكم فيه اختلاف كالذي يجتهد في الحكم الشرعي بالقياس والرأي، ثمّ رجع عن رأيه زعماً منه أنّه قد أخطأ فيه، [أقول: وكالذي يحكم شرعاً بكفر مثل الرومي والبسطامي والعطّار والشبستري من القدريّة، ثمّ يقول: هو كافر قطعاً لكن

1.إنّ نسبة هذا الكلام إلى صدرا الشيرازي سهو منه؛ فإنّا لم نعثر عليه في مظانّه من كتبه، مضافاً إلى أنّه لم يوفّق لشرح هذه الأبواب من الكافي أصلاً. والعبارة من هنا إلى انتهاء شرح هذا الحديث منقولة بالمضمون عن الوافي، ج ۲، ص ۳۸ - ۴۴.

2.القدر (۹۷): ۴.

3.النجم (۵۳): ۴.

4.النساء (۴): ۸۲ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 140837
صفحه از 592
پرینت  ارسال به