279
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ»1.
(جمل الحدود): مجملاتها، (وتفسيرها عند الحكم) بالفتح، أي الحجّة.
(ممّا خصّ به عليّ عليه السلام). قيل: هذا من كلام أبي جعفر عليه السلام يعني قال؛ ففي الكلام حذف.
(أبي فلان) يعني الأوّل (وأصحابه): الثاني والثالث وسائر المنافقين.
(واحدة مقدّمة) يعني تخصيص عليّ عليه السلام ممّا تقدّم من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وفاتكم.
(وواحدة مؤخّرة) أي فتنة خلافة الأوّل قد تأخّرت عن ذلك، ف «مقدّمة» يعني منصوصة و«مؤخّرة» يعني غير منصوصة.
قيل: هذا الحديث يدلّ على أنّ القرآن اُنزل في ليلة القدر، مع ما ثبت أنّه اُنزل نجوماً في نحوٍ من عشرين سنة،2 فقيل: إنّه اُنزل إلى السماء الدنيا جملةً في ليلة القدر، ثمّ إلى الأرض في تلك المدّة. وقيل: ابتداء نزوله كان في ليلة القدر. وقيل: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» يعني قرآن هذه السورة في شأن ليلة القدر إنّها خيرٌ من ألف شهر.
وقال الأكثرون - كما يستفاد من هذا الحديث - : أنّ معنى إنزاله في ليلة القدر إنزال بيانه: بتفصيل مجمله، وتأويل متشابهه، وتقييد مطلقه، وتخصيص عامّه؛ قال اللَّه تعالى في سورة الدخان: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أي محكم * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ»3، وقال سبحانه في سورة البقرة: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»4؛ يعني هدىً وفرقاناً في كلّ سنة على التفصيل المذكور، وقال تعالى في سورة القيامة: «إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ - أي حين أنزلناه نجوماً - * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ عليك حينئذٍ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ - أي جملته - * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا

1.الحديد (۵۷): ۲۲ و ۲۳.

2.الوافي، ج ۲، ص ۴۱.

3.الدّخان (۴۴): ۲ - ۵ .

4.البقرة (۲): ۱۸۵.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
278

ليس ممّا يتجدّد في ليلة القدر.
وجوابه: أنّ اللَّه تعالى يقول في سورة الدخان: «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ»1؛ فهذه الآية نصّ في تجدّد الفرق والإرسال في تلك الليلة المباركة بإنزال الملائكة والروح فيها من السماء إلى الأرض دائماً، فلابدّ من وجود مؤيّد من عند اللَّه يرسل إليه الأمر دائماً.
(فإن قالوا: لك) إيراد آخر بأنّه يلزم ممّا ذكرتم إرسال الملائكة إلى غيرالنبيّ عليه السلام؟
وجوابه: المعارضة بمدلول الآية الذي لا مردَّ له، ولا استبعاد من أن يكون للنبيّ عليه السلام خليفة يقرب مرتبته من مرتبته في التأييد وتحديث الملك وإن لم يكن نبيّاً يوحى إليه ويرى الملك. وقد روى المخالفون أيضاً عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أنّه قال: «إنّ في اُمّتي محدّثين»2 يعني يحدّثهم الملك ويسدّدهم.
(فإن قالوا: فإنّ الخليفة هو حَكَمُهم) - بفتح الكاف - يعني هو السيّد المتحاكم إليه، فقل: إذا لم يكن مؤيّداً محفوظاً من الخطأ، فكيف يخرج اللَّه به عباده من الظلمات إلى النور، قال اللَّه تعالى: «اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ».3(ثمّ وقف) يعني أبا جعفر عليه السلام، (فقال) يعني الرجل.
(مصيبة) يعني قضيّة معضلة، ومسألة غامضة، وبليّة مشكلة.
(ما هي في السنّة) أي ليس حكمها في السنّة ولا في الحكم الموصوف ولا في القرآن.
(أن تظهر) يعني أبى اللَّه أن تظهر تلك الفتنة في الأرض أو في أنفسهم. الأوّل للمال والجسد، والثاني للدِّين؛ قال اللَّه تعالى في سورة الحديد: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى

1.البقرة (۲): ۲۵۷.

2.الدّخان (۴۴): ۴ و ۵ .

3.تمهيد الأوائل للباقلاني، ص ۴۶۶؛ المستصفى للغزالي، ص ۱۷۰؛ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج ۱۴، ص ۱۷۵؛ تاريخ الإسلام للذهبي، ج ۳۶، ص ۱۱۱.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 140692
صفحه از 592
پرینت  ارسال به