281
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

خَلْقِهِ شَيْئاً مِنَ الْحُدُودِ لَيْسَ تَفْسِيرُهُ فِي الْأَرْضِ ؛ اقْطَعْ قَاطِعَ الْكَفِّ أَصْلاً ، ثُمَّ أَعْطِهِ دِيَةَ الْأَصَابِعِ ، هكَذَا حُكْمُ اللَّهِ تَعَالى‏ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا أَمْرُهُ ، إِنْ جَحَدْتَهَا بَعْدَ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَأَدْخَلَكَ اللَّهُ النَّارَ ، كَمَا أَعْمى‏ بَصَرَكَ يَوْمَ جَحَدْتَهَا عَلَى ابْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام ، قَالَ : فَلِذلِكَ عَمِيَ بَصَرِي ، قَالَ : وَ مَا عِلْمُكَ بِذلِكَ ؟ فَوَ اللَّهِ ، إِنْ عَمِيَ بَصَرُهُ إِلَّا مِنْ صَفْقَةِ جَنَاحِ الْمَلَكِ ، قَالَ : فَاسْتَضْحَكْتُ ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ يَوْمَهُ ذلِكَ لِسَخَافَةِ عَقْلِهِ .
ثُمَّ لَقِيتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، مَا تَكَلَّمْتَ بِصِدْقٍ مِثْلِ أَمْسِ ، قَالَ لَكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام : إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، وَ إِنَّهُ يَنْزِلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَمْرُ السَّنَةِ ، وَ إِنَّ لِذلِكَ الْأَمْرِ وُلَاةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقُلْتَ : مَنْ هُمْ ؟ فَقَالَ : أَنَا وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ صُلْبِي أَئِمَّةٌ مُحَدَّثُونَ ، فَقُلْتَ : لَا أَرَاهَا كَانَتْ إِلَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَتَبَدّى‏ لَكَ الْمَلَكُ الَّذِي يُحَدِّثُهُ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ، رَأَتْ عَيْنَايَ الَّذِي حَدَّثَكَ بِهِ عَلِيٌّ - وَ لَمْ تَرَهُ عَيْنَاهُ ، وَ لكِنْ وَعى‏ قَلْبُهُ ، وَ وُقِرَ فِي سَمْعِهِ - ثُمَّ صَفَقَكَ بِجَنَاحِهِ فَعَمِيتَ .
قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا اخْتَلَفْنَا فِي شَيْ‏ءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ، فَقُلْتُ لَهُ : فَهَلْ حَكَمَ اللَّهُ فِي حُكْمٍ مِنْ حُكْمِهِ بِأَمْرَيْنِ ؟ قَالَ : لَا ، فَقُلْتُ : هَاهُنَا هَلَكْتَ وَ أَهْلَكْتَ» .

هديّة:

«ضحك» كعلم، وضحكت به ومنه بمعنىً، وتضاحك الرجل واستضحك بمعنىً، والاستضحاك للكثرة أيضاً كالاغريراق. (اغرورقت) افعيعال؛ من الغرق.
«قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا» ممّا خصّت الشيعة به؛ في سورة فصّلت هكذا: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِى كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ فِى الْأَخِرَةِ وَ لَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ»۱، أي وحّدوا اللَّه، ثمّ استقاموا على طاعة اللَّه ورسوله واُولي الأمر.
كان وفاة ابن عبّاس في ثمان وستّين من الهجرة، وتولّد الباقر عليه السلام في سبع وخمسين،

1.فصّلت (۴۱): ۳۰ و ۳۱.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
280

بَيَانَهُ»1 أي في ليلة القدر بإنزال الملائكة عليك وعلى أهل بيتك من بعدك، ليُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ على التفصيل.
وروى الصدوق رحمة اللَّه عليه في كتاب معاني الأخبار بإسناده عن الصادق عليه السلام: «أنّ القرآن جملة الكتاب، والفرقان المحكم الواجب العمل به».2 وقال في الفقيه: تكامل نزول القرآن في ليلة القدر.3
وزيادة البيان في باب «متى نزل القرآن» إن شاء اللَّه تعالى.

الحديث الثاني‏

۰.روى في الكافي وقال: وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ :«بَيْنَا أَبِي عليه السلام جَالِسٌ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ إِذَا اسْتَضْحَكَ حَتَّى اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ دُمُوعاً ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا أَضْحَكَنِي ؟ قَالَ : فَقَالُوا : لَا ، قَالَ : زَعَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مِنَ «الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا» ، فَقُلْتُ لَهُ : هَلْ رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، تُخْبِرُكَ بِوَلَايَتِهَا لَكَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ مَعَ الْأَمْنِ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْحُزْنِ ؟ قَالَ : فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالى‏ يَقُولُ : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» وَ قَدْ دَخَلَ فِي هذَا جَمِيعُ الْأُمَّةِ ، فَاسْتَضْحَكْتُ .
ثُمَّ قُلْتُ : صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ تَعَالى‏ هَلْ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالى‏ اخْتِلَافٌ ؟ قَالَ : فَقَالَ : لَا ، فَقُلْتُ : مَا تَرى‏ فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلاً أَصَابِعَهُ بِالسَّيْفِ حَتّى‏ سَقَطَتْ ، ثُمَّ ذَهَبَ وَ أَتى‏ رَجُلٌ آخَرُ ، فَأَطَارَ كَفَّهُ ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ قَاضٍ ، كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ ؟
قَالَ : أَقُولُ لِهذَا الْقَاطِعِ : أَعْطِهِ دِيَةَ كَفِّهِ ، وَ أَقُولُ لِهذَا الْمَقْطُوعِ : صَالِحْهُ عَلى‏ مَا شِئْتَ ، وَ ابْعَثْ بِهِ إِلى‏ ذَوَيْ عَدْلٍ .
قُلْتُ : جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالى‏ ، وَ نَقَضْتَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ، أَبَى اللَّهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي

1.القيامة (۷۵): ۱۷ - ۱۹.

2.معاني الأخبار، ص ۱۸۹، باب معنى القرآن والفرقان، ح ۱.

3.الفقيه، ج ۲، ص ۹۹، ذيل ح ۱۸۴۳.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 140630
صفحه از 592
پرینت  ارسال به