291
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

عِلْمَ مَا قَدْ كَانَ وَ مَا سَيَكُونُ ، وَ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ عِلْمِهِ ذلِكَ جُمَلاً يَأْتِي تَفْسِيرُهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَ كَذلِكَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قَدْ عَلِمَ جُمَلَ الْعِلْمِ ، وَ يَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ كَمَا كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله».
قَالَ السَّائِلُ : أَ وَ مَا كَانَ فِي الْجُمَلِ تَفْسِيرٌ ؟
قَالَ : «بَلى‏ ، وَ لكِنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِي بِالْأَمْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالى‏ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله وَ إِلَى الْأَوْصِيَاءِ عليهم السلام : افْعَلْ كَذَا وَ كَذَا ، لِأَمْرٍ قَدْ كَانُوا عَلِمُوهُ ، أُمِرُوا كَيْفَ يَعْمَلُونَ فِيهِ».
قُلْتُ فَسِّرْ لِي هذَا . قَالَ : «لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إِلَّا حَافِظاً لِجُمْلَةِ الْعِلْمِ وَ تَفْسِيرِهِ».
قُلْتُ : فَالَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ عِلْمُ مَا هُوَ ؟
قَالَ : «الْأَمْرُ وَ الْيُسْرُ فِيمَا كَانَ قَدْ عَلِمَ».
قَالَ السَّائِلُ : فَمَا يَحْدُثُ لَهُمْ فِي لَيَالِي الْقَدْرِ۱ عِلْمٌ سِوى‏ مَا عَلِمُوا ؟
قَالَ : «هذَا مِمَّا أُمِرُوا بِكِتْمَانِهِ ، وَ لَا يَعْلَمُ تَفْسِيرَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالى‏».
قَالَ السَّائِلُ : فَهَلْ يَعْلَمُ الْأَوْصِيَاءُ مَا لَا يَعْلَمُ الْأَنْبِيَاءُ ؟
قَالَ : «لَا ، وَ كَيْفَ يَعْلَمُ وَصِيٌّ غَيْرَ عِلْمِ مَا أُوصِيَ إِلَيْهِ؟!» .
قَالَ السَّائِلُ : فَهَلْ يَسَعُنَا أَنْ نَقُولَ : إِنَّ أَحَداً مِنَ الْوُصَاةِ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُ الْآخَرُ ؟
قَالَ : «لَا ، لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ إِلَّا وَ عِلْمُهُ فِي جَوْفِ وَصِيِّهِ ، وَ إِنَّمَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالْحُكْمِ الَّذِي يَحْكُمُ بِهِ بَيْنَ الْعِبَادِ».
قَالَ السَّائِلُ : وَ مَا كَانُوا عَلِمُوا ذلِكَ الْحُكْمَ ؟
قَالَ : «بَلى‏ ، قَدْ عَلِمُوهُ ، وَ لكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ إِمْضَاءَ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ حَتّى‏ يُؤْمَرُوا فِي لَيَالِي الْقَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُونَ إِلَى السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ».
قَالَ السَّائِلُ : يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، لَا أَسْتَطِيعُ إِنْكَارَ هذَا ؟
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «مَنْ أَنْكَرَهُ فَلَيْسَ مِنَّا».

1.في «د»: - «القدر».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
290

الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» إِلى‏ قَوْلِهِ : «فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ» يَقُولُ : أَسْتَخْلِفُكُمْ لِعِلْمِي وَ دِينِي وَ عِبَادَتِي بَعْدَ نَبِيِّكُمْ كَمَا اسْتَخْلَفَ وُصَاةَ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ حَتّى‏ يَبْعَثَ النَّبِيَّ الَّذِي يَلِيهِ «يَعْبُدُونَنِى لا يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً» يَقُولُ : يَعْبُدُونَنِي بِإِيمَانٍ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذلِكَ «فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ».
فَقَدْ مَكَّنَ وُلَاةَ الْأَمْرِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله بِالْعِلْمِ ، وَ نَحْنُ هُمْ ؛ فَاسْأَلُونَا ، فَإِنْ صَدَقْنَاكُمْ فَأَقِرُّوا ، وَ مَا أَنْتُمْ بِفَاعِلِينَ ؛ أَمَّا عِلْمُنَا فَظَاهِرٌ ؛ وَ أَمَّا إِبَّانُ أَجَلِنَا - الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ الدِّينُ مِنَّا حَتّى‏ لَا يَكُونَ بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافٌ - فَإِنَّ لَهُ أَجَلاً مِنْ مَمَرِّ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ إِذَا أَتى‏ ظَهَرَ ، وَ كَانَ الْأَمْرُ وَاحِداً .
وَ ايْمُ اللَّهِ ، لَقَدْ قُضِيَ الْأَمْرُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ اخْتِلَافٌ ، وَ لِذلِكَ جَعَلَهُمْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ لِيَشْهَدَ مُحَمَّدٌ صلى اللَّه عليه وآله عَلَيْنَا ، وَ لِنَشْهَدَ عَلى‏ شِيعَتِنَا ، وَ لِتَشْهَدَ شِيعَتُنَا عَلَى النَّاسِ ، أَبَى اللَّهُ - تَعَالى‏ - أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِهِ اخْتِلَافٌ ، أَوْ بَيْنَ أَهْلِ عِلْمِهِ تَنَاقُضٌ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «فَضْلُ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِ بِجُمْلَةِ «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ» وَ بِتَفْسِيرِهَا عَلى‏ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْإِيمَانِ بِهَا كَفَضْلِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْبَهَائِمِ ، وَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالى‏ لَيَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ بِهَا عَنِ الْجَاحِدِينَ لَهَا فِي الدُّنْيَا - لِكَمَالِ عَذَابِ الْآخِرَةِ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ - مَا يَدْفَعُ بِالْمُجَاهِدِينَ عَنِ الْقَاعِدِينَ ، وَ لَا أَعْلَمُ أَنَّ فِي هذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلَّا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ وَالْجِوَارَ» .
قَالَ : وَ قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، لَا تَغْضَبْ عَلَيَّ ، قَالَ : «لِمَا ذَا ؟» قَالَ : لِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ ، قَالَ : «قُلْ». قَالَ : وَ لَا تَغْضَبُ ؟ قَالَ : «وَ لَا أَغْضَبُ» .
قَالَ : أَ رَأَيْتَ قَوْلَكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ تَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ وَ الرُّوحِ فِيهَا إِلَى الْأَوْصِيَاءِ : يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قَدْ عَلِمَهُ ، أَوْ يَأْتُونَهُمْ بِأَمْرٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَعْلَمُهُ ، وَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مَاتَ وَ لَيْسَ مِنْ عِلْمِهِ شَيْ‏ءٌ إِلَّا وَ عَلِيٌّ عليه السلام لَهُ وَاعٍ ؟
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «مَا لِي وَ لَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ ؟ وَ مَنْ أَدْخَلَكَ عَلَيَّ ؟» قَالَ : أَدْخَلَنِي عَلَيْكَ الْقَضَاءُ لِطَلَبِ الدِّينِ .
قَالَ : «فَافْهَمْ مَا أَقُولُ لَكَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ ، لَمْ يَهْبِطْ حَتّى‏ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالى‏

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 121313
صفحه از 592
پرینت  ارسال به