الْأَرَضِينَ ، وَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُنَّ سَمَاوَاتٌ وَ لَا أَرَضُونَ ، أَ مَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالى : «وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ»؟»
فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ : أَ رَأَيْتَ قَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ : «عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً»؟
فَقَالَ لَهُ۱ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : ««إِلّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ» وَ كَانَ وَاللَّهِ مُحَمَّدٌ صلى اللَّه عليه وآله مِمَّنِ ارْتَضَاهُ .
وَ أَمَّا قَوْلُهُ : «عالِمُ الْغَيْبِ» فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَ جَلَّ - عَالِمٌ بِمَا غَابَ عَنْ خَلْقِهِ - فِيمَا يُقَدِّرُ مِنْ شَيْءٍ وَيَقْضِيهِ فِي عِلْمِهِ - قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَ قَبْلَ أَنْ يُفْضِيَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ ؛ فَذلِكَ يَا حُمْرَانُ ، عِلْمٌ مَوْقُوفٌ عِنْدَهُ ، إِلَيْهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ ، فَيَقْضِيهِ إِذَا أَرَادَ ، وَ يَبْدُو لَهُ فِيهِ ، فَلَا يُمْضِيهِ ؛ فَأَمَّا الْعِلْمُ الَّذِي يُقَدِّرُهُ اللَّهُ - عَزَّ وَ جَلَّ - ويَقْضِيهِ وَ يُمْضِيهِ ، فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي انْتَهى إِلى رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ثُمَّ إِلَيْنَا» .
هديّة:
«بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ» في سورة البقرة والأنعام أيضاً، وهذا الحديث يناسب قوله تعالى في سورة الأنعام: «بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ»۲. و«البديع» بمعنى الفاعل، أو بمعنى المفعول، من باب منع، وعلى الأوّل وصف بحال الموصوف كضارب الرجل، وعلى الثاني وصف بحال متعلّق الموصوف كحسن الوجه، و«البدعة» و«الابتداع»: ابتداء فعل شيء بلا مادّة سابقة، سواء كان الابتداء بإحداث ذلك الشيء أو بإحداث مادّته بشرط علم الفاعل بأنّ تلك المادّة إنّما تحدث لذلك الشيء خاصّة.
و«المثال»: الشكل والصورة، والمراد هنا: المادّة القديمة.
وقال برهان الفضلاء: والمراد بالمثال هنا الجسم. وفي الحديث - كما سيجيء في