311
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

بالفاء من الإفعال، وكذا في «يقضيه» في قوله: (ويقضيه ويمضيه) وكون الإقضاء والإمضاء هنا بمعنى: يَحكُم بما هو الأولى.

الحديث الثالث‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ‏۱، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ سَدِيرٍ ، قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَ أَبُو بَصِيرٍ وَ يَحْيَى الْبَزَّازُ وَ دَاوُدُ بْنُ كَثِيرٍ فِي مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا وَ هُوَ مُغْضَبٌ ، فَلَمَّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ ، قَالَ :«يَا عَجَباً لِأَقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّا نَعْلَمُ الْغَيْبَ ، لاَ يَعْلَمُ‏۲الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ؛ لَقَدْ هَمَمْتُ بِضَرْبِ جَارِيَتِي فُلَانَةَ ، فَهَرَبَتْ مِنِّي ، فَمَا عَلِمْتُ فِي أَيِّ بُيُوتِ الدَّارِ هِيَ ؟» .
قَالَ سَدِيرٌ : فَلَمَّا أَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَ صَارَ فِي مَنْزِلِهِ ، دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبُو بَصِيرٍ وَ مُيَسِّرٌ ، وَ قُلْنَا لَهُ : جُعِلْنَا فِدَاكَ ، سَمِعْنَاكَ وَ أَنْتَ تَقُولُ كَذَا وَ كَذَا فِي أَمْرِ جَارِيَتِكَ ، وَ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ تَعْلَمُ عِلْماً كَثِيراً ، وَ لَا نَنْسُبُكَ إِلى‏ عِلْمِ الْغَيْبِ .
قَالَ : فَقَالَ : «يَا سَدِيرُ ، قَرَأْتَ‏۳ الْقُرْآنَ ؟» قُلْتُ : بَلى‏ .
قَالَ : «فَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا قَرَأْتَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ : «قالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ» ؟» قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَدْ قَرَأْتُهُ .
قَالَ : «فَهَلْ عَرَفْتَ الرَّجُلَ ؟ وَ هَلْ عَلِمْتَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ ؟» قَالَ : قُلْتُ : أَخْبِرْنِي بِهِ.
قَالَ : «قَدْرُ قَطْرَةٍ مِنَ الْمَاءِ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ ، فَمَا يَكُونُ ذلِكَ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ۴ ؟» قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مَا أَقَلَّ هذَا !
فَقَالَ : «يَا سَدِيرُ ، مَا أَكْثَرَ هذَا أَنْ يَنْسُبَهُ اللَّهُ تَعَالى‏ إِلَى الْعِلْمِ الَّذِي أُخْبِرُكَ بِهِ . يَا سَدِيرُ ، فَهَلْ

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن عبّاد بن سليمان، عن محمّد بن سنان».

2.في الكافي المطبوع: «ما يعلم».

3.في الكافي المطبوع: «ألم تقرأ» بدل «قرأت».

4.في الكافي المطبوع: - «والسنّة».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
310

الحديث السادس في الباب الإحدى والثلاثين والمائة من كتاب الإيمان والكفر - : «أنّ الفحش لو كان مثالاً لكان مثال سوء».۱
وضمير (قبله) للكلّ في (كلّها)، أو للابتداع المفهوم من (فابتدع) و«الفاء» للتفريع، و«الواو» في (ولم يكن) عاطفة، قال اللَّه تعالى في سورة هود: «وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»۲، فلعلّ غرض الإمام عليه السلام من الاستشهاد أنّه عزّ وجلّ خلق الماء من كتم العدم بلا مادّةٍ مادّةً لجميع الأجسام والجسمانيّات، فابتداع الجميع بعلمه على غير مثال ومادّة قديمة قبلَه، فالماء المخلوق المجعول عذباً واُجاجاً - كما سيذكر حديثه - مادّةٌ حادثةٌ من غير مادّة لا قديمة ولا حادثة لغيره من الجسم والجسماني، قال اللَّه تعالى في سورة الأنبياء: «وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَىْ‏ءٍ حَىٍّ»۳ فلا تغفل عن الإشكال الوارد هنا بقول برهان الفضلاء: والمراد بالمثال هنا الجسم، وفي الحديث إلى آخر الحديث، قال اللَّه تعالى في سورة الجنّ: «قُلْ إِنْ أَدْرِى أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّى أَمَداً* عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً»۴، وسيذكر في الحديث أنّ المراد بالغيب في هذه الآية وقت ظهور القائم عليه السلام.
(فيما يقدّر من شي‏ء ويقضيه) التقدير بالإجمال، والقضاء بالتفصيل، وفيه البداء بعدُ إلّا أن يُمضى، ولا بداء بعد الإمضاء.
(قبل أن يخلقه). قرأ برهان الفضلاء بالقاف على المعلوم من الإفعال، أي يُخلقه ويبليه بالإفضاء والإمضاء.
(وقبل أن يفضيه) بالفاء على المعلوم من الإفعال.
(فيقضيه إذا أراد) بالقاف، أي يفصّله بعد التقدير والإجمال. وقرأ برهان الفضلاء

1.الكافي، ج ۲، ص ۳۲۴، باب البذاء، ح ۶.

2.هود (۱۱): ۷.

3.الأنبياء (۲۱): ۳۰.

4.الجنّ (۷۲): ۲۵ - ۲۶.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 142424
صفحه از 592
پرینت  ارسال به