33
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

يَكِيدُونَهُ؟ وَ لكِنْ كَتَمَهُمْ ذلِكَ، فَكَذَا أَبُوكَ كَتَمَكَ؛ لِأَنَّهُ خَافَ عَلَيْكَ.
قَالَ: فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ، لَئِنْ قُلْتَ ذلِكَ لَقَدْ حَدَّثَنِي صَاحِبُكَ بِالْمَدِينَةِ أَنِّي أُقْتَلُ وَ أُصْلَبُ بِالْكُنَاسَةِ، وَ إِنَّ عِنْدَهُ صَحِيفَةً1 فِيهَا قَتْلِي وَ صَلْبِي، فَحَجَجْتُ، فَحَدَّثْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام بِمَقَالَةِ زَيْدٍ وَ مَا قُلْتُ لَهُ، فَقَالَ لِي : «أَخَذْتَهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ، وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ يَسَارِهِ‏2، وَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ وَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ، وَ لَمْ تَتْرُكْ لَهُ مَسْلَكاً يَسْلُكُهُ».

هديّة:

(وهو مُسْتَخفٍ) أي مستور ، خوفاً من طواغيت بني اُميّة.
طَرَق فلان - كنصر - طَرقاً بالفتح وطُروقاً بالضمّ : إذا جاء بليل، أو بغتةً ليلاً أو نهاراً . وكلاهما وجيه خوفاً وشجاعة هنا.
(مِنَّا) أي من أهل البيت عليهم السلام.
(إنّما هي نفسٌ واحدة) يعني لا تكون الحجّة الناطق المفترضُ الطاعة بعد نبيّنا صلى اللَّه عليه وآله في كلّ زمانٍ إلّا واحداً من آله وذرّيّته صلى اللَّه عليه وآله.
وقال برهان الفضلاء سلّمه اللَّه تعالى: «يعني إنّما أنا شخص واحد ، لا يصير خروجي معك باعثاً لخروج جماعة» انتهى.
وبهذا المضمون نطق السيّد الأجلّ ميرزا رفيعا.۳
والفاء البيانيّة في قوله: (فإن كان) أنسب بما قلناه وبناء بيانه؛ على أنّ المقام مقام الكتمان.
ووجه التسوية ثبوت الحجّة للناس على اللَّه تعالى على ذلك التقدير، وقد قال اللَّه تعالى في سورة النساء: «لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً»۴.

1.في الكافي المطبوع : «لصحيفة» .

2.في الكافي المطبوع : «شماله» .

3.راجع : الحاشية على اُصول الكافي ،ص ۵۳۷ .

4.النساء (۵): ۱۶۵.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
32

وشيعته. وقد روي أنّه ارتكب ذلك وكلّمهم حيث كانت التقيّة شديدة في زمن الكاظم عليه السلام. وفي الخبر دلالات بفضل هشام وخيريّته وسلامته من الزلّة في اعتقاده إلى آخر عمره.
وفي بعض النسخ كما ضبط برهان الفضلاء : «والشناعة» بالنون ، مكان «الفاء» يعني : فاتّق الفضيحة من بعد الزلّة إن شاء اللَّه تعالى.

الحديث الخامس‏

0.روى في الكافي عَنْ العدّةِ، عَنْ ابْنِ عِيسى‏1، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبَانٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي الْأَحْوَلُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليهما السلام بَعَثَ إِلَيْهِ وَ هُوَ مُسْتَخْفٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا جَعْفَرٍ ، مَا تَقُولُ إِنْ طَرَقَكَ طَارِقٌ مِنَّا؟ أَ تَخْرُجُ مَعَهُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنْ كَانَ أَبَاكَ أَوْ أَخَاكَ، خَرَجْتُ مَعَهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ أُجَاهِدُ هؤُلَاءِ الْقَوْمَ، فَاخْرُجْ مَعِي، قَالَ: قُلْتُ: لَا، مَا أَفْعَلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ.
قَالَ: فَقَالَ لِي: أَ تَرْغَبُ بِنَفْسِكَ عَنِّي؟ قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا هِيَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ حُجَّةٌ، فَالْمُتَخَلِّفُ عَنْكَ نَاجٍ، وَ الْخَارِجُ مَعَكَ هَالِكَ، وَ إِنْ لَا يَكُنْ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ حُجَّةٌ2، فَالْمُتَخَلِّفُ عَنْكَ وَ الْخَارِجُ مَعَكَ سَوَاءٌ.
قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَ أَبِي عليه السلام‏3 عَلَى الْخِوَانِ، فَيُلْقِمُنِي الْبَضْعَةَ السَّمِينَةَ، وَ يُبَرِّدُ لِيَ اللُّقْمَةَ الْحَارَّةَ حَتّى‏ تَبْرُدَ؛ شَفَقَةً عَلَيَّ وَ لَمْ يُشْفِقْ عَلَيَّ مِنْ حَرِّ النَّارِ إِذْ أَخْبَرَكَ بِالدِّينِ وَ لَمْ يُخْبِرْنِي بِهِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مِنْ شَفَقَتِهِ عَلَيْكَ مِنْ حَرِّ النَّارِ لَمْ يُخْبِرْكَ، خَافَ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَقْبَلَهُ، فَتَدْخُلَ النَّارَ، وَ أَخْبَرَنِي أَنَا، فَإِنْ قَبِلْتُ نَجَوْتُ، وَ إِنْ لَمْ أَقْبَلْ لَمْ يُبَالِ أَنْ أَدْخُلَ النَّارَ.
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَنْتُمْ أَفْضَلُ أَمِ الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ: بَلِ الْأَنْبِيَاءُ، قُلْتُ: يَقُولُ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: «يَا بُنَىَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلى‏ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً»4، لِمَ لَمْ يُخْبِرْهُمْ حَتّى‏ كَانُوا لَا

1.في الكافي المطبوع: «عن أحمد بن محمّد بن عيسى».

2.في الكافي المطبوع : «حجّة في الأرض» بدل «في الأرض حجّة» .

3.في الكافي المطبوع : - «عليه السلام» .

4.يوسف (۱۲): ۵.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 121276
صفحه از 592
پرینت  ارسال به