335
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

بعد نبيّنا» والنبيّ يرى ويسمع، والمُحدَّث يسمع ولا يرى.۱
وقال برهان الفضلاء:
«ولا نبيّ بعد نبيّنا صلى اللَّه عليه وآله» للإشارة إلى أنّ القذف وكذا النقر إنّما هو تصوير للمعلومات السابقة، لا إلقاء العلم بقضيّة غير معلومة. وظاهرٌ أنّ استنباط المجهول من المعلوم ليس مختصّاً بالنبيّ، فيلزم بيان الفرق بين هذه المرتبة ومرتبة النبوّة.
ثمّ قال:
والحاصل أنّ علم الإمام على قسمين: علمه بالمكتوب في القرآن والجامعة وكتاب الوصيّة ومصحف فاطمة وأمثالها، وعلمه بغير ذلك من الحوادث. والثاني: على قسمين: علمه بالحوادث الصادرة قبل حدوث الإمامة بتعليم السابقِ اللاحقَ، وعلمه بالحوادث الصادرة بعد الإمامة يوماً فيوماً.
وقريب ممّا قال ما قيل: إنّ البيان الواضح للثلاثة: أنّ الأوّل هو الذي قد حصل له عليه السلام فيما تقدّم من جهة القرآن بتعليم السابق أو الإلهام أو التحديث في ليالي القدر أو أزمنة اُخر قبل الإمامة أو حالتها، سواء كان المعلوم ممّا مضى، أو ممّا يأتي. والثاني ما يحصل له من الزُّبُر غير القرآن في ما يأتي كذلك. والثالث ما يحصل له بالإلهام أو بالتحديث. والتسمية بالاتّفاق ب «المفسّر» و«المزبور» و«الحادث» باعتبار الأهمّ، فتدبّر.

الحديث الثاني‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ،۲عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنْ عِلْمِ عَالِمِكُمْ ، قَالَ :«وِرَاثَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وَ مِنْ عَلِيٍّ عليه السلام » .
قَالَ : قُلْتُ : إِنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ يُقْذَفُ فِي قُلُوبِكُمْ ، وَ يُنْكَتُ فِي آذَانِكُمْ ؟ قَالَ : «أَوْ ذَاكَ».

1.قال الفيض في الوافي، ج ۳، ص ۶۰۶: «ولمّا كان هذا القول منه عليه السلام يوهم ادعاءه النبوّة، فإنّ الإخبار عن الملك عند الناس مخصوص بالأنبياء، ردّ ذلك الوهم بقوله: «ولا نبيّ بعد نبيّنا» وذلك لأنّ الفرق بين النبيّ والمحدَّث إنّما هو برؤية الملك وعدم رؤيته، لا السماع منه».

2.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن عليّ بن موسى، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
334

أقول: لا شكّ أنّ الإمام بالمعنى الأخصّ لا جهة لعلمه من أوّل عمره إلى آخر عمره سوى اللَّه تعالى فبواسطة أو بدونها، والثاني إلهام، والأوّل فبواسطة الحجّة السابق، أوِ الزُّبُر الحقّة من القرآن وغيره - كالجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام أو المَلَك. فالأوّل مسمّى ب «المفسّر» إمّا باعتبار تبيين الحجّة السابق وتفسيره، أو باعتبار تفسير القرآن؛ لشرفه في سائر ما علّمه السابق اللاحق. والثاني مسمّى ب «المزبور» للزّبر، وفيها ما فيه ما يأتي أكثر ممّا مضى وهو مصحف فاطمة عليها السلام. والثالث مسمّى ب «الحادث» لحدوثه بالنقر في الأسماع بالتحديث، ولكون التسمية في الأقسام الثلاثة بالاعتبارات التي عرفت لا ينافيها كون المعلوم في كلّ منها ممّا مضى أو ممّا يأتي، وكذا لا ينافي هذا البيان ما في الحديث الثالث من قوله عليه السلام: «أمّا الغابر فما تقدّم من علمنا، وأمّا المزبور فما يأتينا».۱ أو أنّ الغابر بمعنى الماضي وكذا للمزبور إطلاقين [على‏۲ما عرفت، وأنّ الماضي العلم الحاصل والمزبور ما يحصل في المستقبل سيّما في ليالي الجمعة والقدر.
ولبرهان الفضلاء هنا بيان ستعرف حاصله.
(وهو أفضل علمنا) قيل: لأنّ لكلّ جديد لذّة.
وقال برهان الفضلاء:
«الأفضل» هنا إمّا بمعنى الأشكل - كما يظهر من كتاب بصائر الدرجات لمحمّد بن الحسن الصفّار في باب ما يلهم الإمام ممّا ليس في الكتاب والسنّة من المعضلات - أو بمعنى الألذّ، فإنّ التّاجر سروره من الربح أكثر منه من البضاعة.
وقيل: يمكن أن يكون الوجه خلوّ الأوّلين من إلهام اللَّه تعالى وتلاقي الملك بصوته.
(ولا نبيّ بعد نبيّنا صلى اللَّه عليه وآله) إشارة إلى الفرق بين الإلهام والوحي، والأوّل عامّ، والثاني خاصّ بالأنبياء عليهم السلام.
وقال بعض المعاصرين: والتحديث عند الأوهام خاصّ بالأنبياء، فلذا قال: «ولا نبيّ

1.الكافي، ج ۱، ص ۲۶۴، باب جهات علوم الأئمّة عليهم السلام، ح ۳.

2.]ما بين المعقوفتين أضفناه حسب السياق.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 124270
صفحه از 592
پرینت  ارسال به