واعلم أنّ اليمين واليسار وكذا الشمال تستعمل ب «عن» وسائر الجهات ب «مِن»، ولأهل العربيّة في هذا نكات.
وحاصل ما قال ابن هشام في مغني اللبيب : إنّ «عن» هنا اسم ، لا حرف ، واليمين واليسار يقصد بهما العضوان المخصوصان ، بخلاف بين يديه وخلفه وفوق رأسه وتحت قدميه، فالتقدير: من عن يمينه ومن عن يساره ، بمعنى من جانب يمينه ومن جانب يساره، حذفت «من» لكراهة اجتماع الخافضين من الحروف صورة ، وقد لا تحذف.
قال القطريّ:
ولقد أراني للرماح دَريئَةًمِن عَنْ يميني مرّةً وشِمالي۱
والدَّريئة بالمهملتين والهمز على فَعِيلَة : حلقة توضع على الهدف ، يُتَعَلَّم الطعنُ والرمي عليها.
قيل: لا يخفى ما من اللطف في ذكره عليه السلام الجهات الستّ ، فإنّ الفقرات المصدّرة ب «قلت» في كلام مؤمن الطاق ستّ.
واعلم أنّه صحّ عند أصحابنا بروايات صحيحة معتبرة۲ كما صرّح به معظم الأصحاب أنّ زيداً كان مَرْضِيّاً عند الصادق عليه السلام، وكان عليه السلام شديد المحبّة له ، وأنّه لم يكن يريد المجاهدة طلباً للرياسة والإمامة لنفسه، بل لرضاء آل محمّد صلى اللَّه عليه وآله.
قال السيّد الأجلّ النائيني ميرزا رفيعا رحمه اللَّه تعالى:
لعلّ مراد زيدٍ بقوله: (أَن أَخرُج) جهادُهم لدفع شرّهم عنه وعن أهل البيت عليهم السلام كجهاد المرابطين في زمن الغيبة لدفع الكفرة، أو كمجاهدة المرء عدوَّه على سبيل الدفع عن نفسه وحريمه وماله - أو جهادُهم لدفع الظَلَمة وإقامة الحقّ ليستقرّ الحقّ مستقرّه ، ويرجعَ الأمر إلى من هو الحجّة ، لا جهادُهم على سبيل الدعوة إلى نفسه بالإمامة ، كما