393
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

قَالَ : «فَأَطْرَقَ طَوِيلاً ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، قَدْ كَانَ مَا قُلْتَ ، وَ لكِنْ حِينَ نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله الْأَمْرُ نَزَلَتِ الْوَصِيَّةُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كِتَاباً مُسَجَّلاً ، نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ مَعَ أُمَنَاءِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ : يَا مُحَمَّدُ ، مُرْ بِإِخْرَاجِ مَنْ عِنْدَكَ إِلَّا وَصِيَّكَ ؛ لِيَقْبِضَهَا مِنَّا ، وَ تُشْهِدَنَا بِدَفْعِكَ إِيَّاهَا إِلَيْهِ ، ضَامِناً لَهَا - يَعْنِي عَلِيّاً عليه السلام - فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله بِإِخْرَاجِ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ مَا خَلَا عَلِيّاً عليه السلام ، وَ فَاطِمَةُ عليها السلام فِيمَا بَيْنَ السِّتْرِ وَ الْبَابِ .
فَقَالَ جَبْرَئِيلُ : يَا مُحَمَّدُ ، رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ ، وَ يَقُولُ : هذَا كِتَابُ مَا كُنْتُ عَهِدْتُ إِلَيْكَ ، وَ شَرَطْتُ عَلَيْكَ ، وَ شَهِدْتُ بِهِ عَلَيْكَ ، وَ أَشْهَدْتُ بِهِ عَلَيْكَ مَلَائِكَتِي ، وَ كَفى‏ بِي يَا مُحَمَّدُ شَهِيداً .
قَالَ : فَارْتَعَدَتْ مَفَاصِلُ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ، وَقَالَ : يَا جَبْرَئِيلُ ، رَبِّي هُوَ السَّلَامُ ، وَ مِنْهُ السَّلَامُ ، وَ إِلَيْهِ يَعُودُ السَّلَامُ ، صَدَقَ عَزَّ وَ جَلَّ وَبَرَّ ، هَاتِ الْكِتَابَ ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ ، وَ أَمَرَهُ بِدَفْعِهِ إِلى‏ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، وَقَالَ‏۱ لَهُ : اقْرَأْهُ ، فَقَرَأَهُ حَرْفاً حَرْفاً ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، هذَا عَهْدُ رَبِّي - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - إِلَيَّ ، وَ شَرْطُهُ عَلَيَّ وَ أَمَانَتُهُ ، وَ قَدْ بَلَّغْتُ وَ نَصَحْتُ وَ أَدَّيْتُ .
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : وَ أَنَا أَشْهَدُ لَكَ - بِأَبِي وَ أُمِّي أَنْتَ - بِالْبَلَاغِ وَ النَّصِيحَةِ وَ الصِّدْقِ‏۲عَلى‏ مَا قُلْتَ ، وَ يَشْهَدُ لَكَ بِهِ سَمْعِي وَ بَصَرِي وَ لَحْمِي وَ دَمِي ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام : وَ أَنَا لَكُمَا عَلى‏ ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : يَا عَلِيُّ ، أَخَذْتَ وَصِيَّتِي وَ عَرَفْتَهَا وَ ضَمِنْتَ لِلَّهِ وَ لِيَ الْوَفَاءَ بِمَا فِيهَا ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام :۳ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي عَلَيَّ ضَمَانُهَا ، وَ عَلَى اللَّهِ عَوْنِي وَ تَوْفِيقِي عَلى‏ أَدَائِهَا .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : يَا عَلِيُّ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُشْهِدَ عَلَيْكَ بِمُوَافَاتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : نَعَمْ، أَشْهِدْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله : إِنَّ جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ الْآنَ ، وَ هُمَا حَاضِرَانِ ، مَعَهُمَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ لِأُشْهِدَهُمْ عَلَيْكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، لِيَشْهَدُوا ، وَ أَنَا

1.في الكافي المطبوع: «فقال».

2.في الكافي المطبوع: «التصديق».

3.في الكافي المطبوع: + «نعم».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
392

فتدلّ على جواز تركها، وقد قيل: إنّ تقيّتهم عليهم السلام لم تكن على الوجوب دائماً، بل كانت كثيراً، اتّقاءاً من اُمور مكروهة، كالخفّة بكلام ركيك وغير ذلك.

الحديث الثالث‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيِ‏۱، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ لَهُ حُمْرَانُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَرَأَيْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ عليهم السلام وَ خُرُوجِهِمْ وَ قِيَامِهِمْ بِدِينِ اللَّهِ ، وَ مَا أُصِيبُوا مِنْ قَتْلِ الطَّوَاغِيتِ إِيَّاهُمْ وَ الظَّفَرِ بِهِمْ حَتّى‏ قُتِلُوا وَ غُلِبُوا ؟
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام :
«يَا حُمْرَانُ ، إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - قَدْ كَانَ قَدَّرَ ذلِكَ عَلَيْهِمْ وَ قَضَاهُ وَ أَمْضَاهُ وَ حَتَمَهُ ، ثُمَّ أَجْرَاهُ ؛ فَبِتَقَدُّمِ عِلْمِ ذلِكَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قَامَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ عليهم السلام ، وَ بِعِلْمٍ صَمَتَ مَنْ صَمَتَ مِنَّا» .

هديّة:

(ضريس) مصغّراً: ابن عبد الملك بن أعين الشيباني، كان يتّجر بالكناسة، وكان تحته بنت حمران، خيّر فاضل.
في بعض النسخ: «كان قدّر» بدون كلمة «قد»، و«علم بذلك» بزيادة المفردة. وقد سبق تخيير اللَّه تعالى إيّاهم عليهم السلام، واختيارهم لقاء اللَّه سبحانه.

الحديث الرابع‏

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُسْتَفَادِ۲أَبِي مُوسَى الضَّرِيرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليهما السلام ، قَالَ :«قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام : أَ لَيْسَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام كَاتِبَ الْوَصِيَّةِ ، وَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله الْمُمْلِي عَلَيْهِ ، وَ جَبْرَئِيلُ وَ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ عليهم السلام شُهُوداً۳ ؟» .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناني».

2.السند في الكافي المطبوع هكذا: «الحسين بن محمّد الأشعري، عن معلّى بن محمّد، عن أحمد بن محمّد، عن الحارث بن جعفر، عن عليّ بن إسماعيل بن يقطين، عن عيسى بن المستفاد».

3.في الكافي المطبوع: «شهودٌ».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 145699
صفحه از 592
پرینت  ارسال به