الوجود، وهو المأوّل عند متأخّريهم بوحدة الموجود وإيجاب الموجد، وقِدَم العالم، واقتضاء الطبائع القديمة المستعدّة لما ظهر في الوجود عارضاً عليه، من الأكوان والشؤونات والنزلات والتشكّلات في سلسلتي البدو والعود باعتقادهم الفاسد.
والقائل بها ليس بدّ له من إنكار مطلق البعث والنشور، واليومُ الآخر عندهم - كما صرّحوا به في كتبهم - عبارة عن عود نظام العالم بمقتضى طبيعة الوجود في كلّ أربعين ألف سنة أو في كلّ ستّ وثلاثين ألف سنة بعد انطباق المنطقتين إلى النظام الذي كان عليه بعينه في جميع الأحوال والأوضاع.
وقد عرفت مراراً أنّ كفرهم كفر ممزوج من ضلالات شتّى، ومن كفرهم طريق كنسج العنكبوت إلى كلّ صنف من صنوف الكفر؛ كفر الفلاسفة والدهريّة والتناسخيّة والعامّة بصنوفهم وغيرها من ضروب الكفرة وكفر مقالاتهم الخادعة للجهلاء بالرياضة وصفرة الألوان وقراءة القرآن وذكر الأحاديث والأمثال وإنشاد الأشعار والجوع والصمت والسهر والعزلة، وغير ذلك من أفاعيلهم العنديّة كوسخ الحديد المرصّع بالجواهر واليواقيت والذهب، وهذا الترصيع إنّما هو من تدقيقات أفكار إبليس اللعين في أواخر عمره الطويل كي يضلّ بمثله الفرقة الناجية؛ لعلمه بأنّ الشفاعة من وراء ذنوبهم، وأنّهم لا يخدعون في الاعتقاد بعقيدة من عقائد الاثنين والسبعين الهالكة من الثلاث والسبعين الذين إحداها ناجية؛ والسلام على مَن اتّبع الهُدى.