41
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

(لا يكون السفيه إمام التَّقِي) تفسيرٌ لامتناع إمامة الظالم ، سواء كان ظلمه سفاهةً على نفسه أو على غيره أيضاً.
وهنا دلالات : دلالةٌ على عموم الإمامة بالنصّ وهو قوله: «إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً» ، فلا يطلق الإمام بمعنى الحجّة إلّا على الحجّة على الناس جميعاً، وهذا هو القدر المشترك من مفهوم الإمامة بين الرسول والإمام.
ودلالةٌ على عِظَم الإمامة؛ لإعطائها بعد إتمام الكلمات وجمع المراتب كلّها ، فمن عِظَمِها في نظر الخليل عليه السلام طلب إدخالَ ذرّيّته في هذه العطيّة وجَعْلَها باقيةً في ذرّيّته، فاُجيب بأنّ عهد اللَّه لا ينال إلّا المتّقين بالعصمة منهم.
ودلالةٌ بمنطوق الجواب على حرمان الظالم، وبمفهومه على أنّ الإمامةَ إنّما هي في العدل من ذرّيّته بالعصمة إلى يوم الدِّين .
وتفسير الظالم ب «السّفيه» وجهه ظاهر.

الحديث الثالث‏

۰.روى في الكافي عَنْ العِدَّةِ، عَنْ أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ:«سَادَةُ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ خَمْسَةٌ ، وَ هُمْ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ عَلَيْهِمْ دَارَتِ الرَّحى‏: نُوحٌ، وَ إِبْرَاهِيمُ، وَ مُوسى‏، وَ عِيسى‏، وَ مُحَمَّدٌ صَلَّوات اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ عَلى‏ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ والأوصياء».

هديّة:

قيل: كنّى ب (الرَّحى) عن الشرائع لدورانها بين الاُمم إلى يوم القيامة، وشبّه اُولوا العزم بالماء الذي يدور به الرحى.
وقيل: يعني رحى الهداية ، الدايرة من أوّل الدنيا إلى آخرها ، قائمة بحجّةٍ معصومٍ عاقلٍ عن اللَّه ، ظاهر أو غائب، بواسطة أو بغير واسطة ، ولا أجد فرقاً بينهما إلّا بالإجمال والتفصيل.


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
40

واحتمالُ أن يكون السؤال لأخذ العهد لذرّيّته بالإمامة، والجواب أنّ من يفعل منهم ظلماً لا ينال عهد الإمامة ، فلا يصحّ إدخال ذرّيته عموماً في العهد ، فإنّ بعضهم ممّن يعبد الصنم أو الوثن حسنٌ.
والصنم والوثن بمعنى كما في كتب اللغة.۱
وقيل: الوثن ما يعبد بغير حقّ ، فيشمل أئمّة الضلالة ، فلا يحسن احتمال أن يكون الترديد من الراوي.

الحديث الثاني‏

۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ الشَّحَّامِ‏۲، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏ - اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام عَبْداً قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَهُ نَبِيّاً، وَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ نَبِيّاً قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَهُ رَسُولاً، وَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ رَسُولاً قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَهُ خَلِيلاً، وَ إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَهُ خَلِيلاً قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهُ‏۳ إِمَاماً، فَلَمَّا جَمَعَ لَهُ الْأَشْيَاءَ، قَالَ: «إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا»۴، فَمِنْ عِظَمِهَا فِي عَيْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «وَ مِن ذُرِّيَّتِى قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِى الظَّلِمِينَ»۵، قَالَ: «لَا يَكُونُ السَّفِيهُ إِمَامَ التَّقِيِّ».

هديّة:

كان إبراهيم عليه السلام - كما ورد - ملقّباً قبل النبوّة في أهل السماء والأرض ب «العبد الصالح» ، ثمّ شرّف قبل الرسالة بتشريف النبوّة ، ثمّ بالرسالة ، ثمّ بالخُلَّة ، ثمّ بالإمامة .
في بعض النسخ المعتبرة : «قبل أن يجعله إماماً» مكان (قبل أن يتّخذه إماماً). والضمير في (عِظَمِها) للإمامة، وقيل: لأسبابها من العلوم وغيرها .

1.كتاب العين، ج ۸، ص ۲۴۲؛ لسان العرب، ج ۱۳، ص ۴۴۲ (وثن).

2.في الكافي المطبوع : «زيد الشحّام» .

3.في «الف» : «أن يتّخذه» .

4.في الكافي المطبوع : + «قال» .

5.البقرة (۲): ۱۲۴.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 147979
صفحه از 592
پرینت  ارسال به