وروى ثقة الإسلام في الروضة بإسناده، عن أبي عبداللَّه عليه السلام: أنّه قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام هذه الآية، فقال: «بلى واللَّه، لقد كذّبوه أشدّ التكذيب، ولكنّها مخفّفة «فإنّهم لا يكذبونك»: لا يأتون بباطل يكذّبون به حقّك».۱
وهذا التفسير موافق لما فسّرها عليه السلام به هنا بقوله: (لكنّهم يجحدون بغير حجّة لهم)نقلت آية سورة الأنعام۲ بالمعنى وأوّلها في سورة الحجر۳ أيضاً.
«أكذبه»: وجده كاذباً، وأظهر كذبه بحجّة.
والمراد ب (هذه السورة) سورة ألم نشرح، وفي بعض النسخ: «هذه الآية» مكان «هذه السورة»، يعني آية «فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ».
قيل: الظاهر من أحاديث أئمّتنا عليهم السلام قراءة «فَانصَبْ» بكسر الصاد، يعني فإذا فرغت من حجّة الوداع فانصب علمك عليّاً عليه السلام، واعلن فضله.
أقول: لا حاجة للغرض إلى كسر الصاد، بل المقصود على القراءتين - كما يستفاد من أخبارهم عليهم السلام - أمرٌ واحد، فإنّ المعنى على فتح الصاد من «النَّصب» بمعنى التّعب: فإذا فرغت فاتعب بالرجوع عن سفرك من منزل الغدير الذي سافرت عنه؛ لما علمت بتعليم جبرئيل عليه السلام وأمره إيّاك بالرجوع والنزول في الذي ارتحلت عنه، وكانت مسافة الرجوع ستّة أميال في أربعين ألفاً من الناس. أو المعنى: فاتعب برفع علمك ونصبه على يديك، أو فاتعب بالصبر على إظهار المنافقين نفاقهم بالغمز والهمز والنجوى عند الإعلان، فتبادرهم بالتهنئة والتسليم قولهم ما قالوا جهاراً رئاءً، ثمّ قولهم ما قالوا تخافتاً نفاقاً، وصاحب الكشّاف بعد قطعه بنصب الصاد من النّصب بمعنى التّعب على معنى إذا فرغت من عبادة عقّب نفسك باُخرى واتعبها بالاشتغال بعد الاشتغال، قال:
ومن البدع ما روي عن بعض الرافضة أنّه قرأ فانصب بكسر الصاد، أي فانصب عليّاً