49
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

مُحَدَّثٍ)» قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَيْسَتْ هذِهِ قِرَاءَتَنَا، فَمَا الرَّسُولُ وَ النَّبِيُّ وَ الْمُحَدَّثُ؟
قَالَ: «الرَّسُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ لَهُ الْمَلَكُ، فَيُكَلِّمُهُ. وَ النَّبِيُّ هُوَ الَّذِي يَرى‏ فِي مَنَامِهِ، وَ رُبَّمَا اجْتَمَعَتِ النُّبُوَّةُ وَ الرِّسَالَةُ لِوَاحِدٍ. وَ الْمُحَدَّثُ: الَّذِي يَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَ لَا يَرَى الصُّورَةَ».
قَالَ: قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، كَيْفَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي رَأى‏ فِي النَّوْمِ حَقٌّ، وَ أَنَّهُ مِنَ الْمَلَكِ؟
قَالَ: «يُوَفَّقُ لِذلِكَ حَتّى‏ يَعْرِفَهُ، لَقَدْ خَتَمَ اللَّهُ بِكِتَابِكُمُ الْكُتُبَ، وَ خَتَمَ بِنَبِيِّكُمُ الْأَنْبِيَاءَ عليهم السلام‏1».

هديّة:

لا يخفى دلالة قوله: (ليست هذه قرائتَنا) بمفهومه على ما بيّناه آنفاً من معنى التحريف أو الغرض من الحكم لازمه، فيظهر علمه بذلك ، وسكوت الإمام عليه السلام عن الردّ بالإثبات قرينةٌ واضحة .
(وأنّه مِن المَلَك) أي الذي سمع يوفَّق لذلك حتّى يَعرِفَه ، أي يهيّأ له أسباب تلك المعرفة من العصمة وغير ذلك.
قال السيّد الأجلّ النائيني ميرزا رفيعا رحمة اللَّه عليه:
نبّه عليه السلام على أنّ كيفيّة تلك المعرفة إنّما يحتاج إلى علمها من كان نبيّاً أو من يحتمل نبوّته ، وهو لكم مفروغ عنه ؛ لانقطاع النبوّة بعد نبيّنا صلى اللَّه عليه وآله بقوله: «لقد ختم اللَّه بكتابكم الكتب ، وختم بنبيّكم الأنبياء عليهم السلام»۲.
أقول: في بعض النسخ: «ولقد ختم اللَّه» بزيادة الواو، والغرض أهميّة الردّ على الصوفيّة القدريّة، المبنيّة اُصولهم الفاسدة على قواعد الفلاسفة : من إيجاب الفاعل ، وقِدَم العالَم ، وكون الموجودات بأكوانها وشؤوناتها باستعدادات الموادّ وحصول الكمال حتّى النبوّة والرسالة للنفس البشريّة بالكسب من المبادئ العالية بالرياضات الشاقّة بأيّ وجه كان ولأيّ شخص كان، وصيرورة النفوس متساوية في الفضل والعلم بعد الوصول إلى درجة الكمال بالانقطاع عن عالم المادّيات والاتّصال بعالم المجرّدات.

1.في الكافي المطبوع : - «عليهم السلام» .

2.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۵۴۴ .


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
48

وَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ جُمِعَ لَهُ النُّبُوَّةُ، وَ يَرى‏ فِي مَنَامِهِ، وَ يَأْتِيهِ الرُّوحُ وَ يُكَلِّمُهُ وَ يُحَدِّثُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ يَرى‏ فِي الْيَقَظَةِ.
وَ أَمَّا الْمُحَدَّثُ، فَهُوَ الَّذِي يُحَدَّثُ، فَيَسْمَعُ، وَ لَا يُعَايِنُ، وَ لَا يَرى‏ فِي مَنَامِهِ».

هديّة:

(قُبُلاً) بفتحتين وبضمّتين وكعِنَب وكصُرَد، يعني عياناً ومقابلةً، وقُبْل الشي‏ء بضمّ القاف وسكون المفردة : أوّل زمانه ، فيناسب هنا (قُبْلَ الوحي)، هكذا كما قرأ برهان الفضلاء.
و(الرَّسالة) بالفتح : شغل الرسول ، وبالكسر : كلامه. وكانت مدّة رؤيا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ستّةَ أشهر قبل الوحي في اليقظة ، وربّما يُقال: إنّ معنى قوله عليه السلام: «إنّ رؤيا المؤمن جزءٌ من ستّة وأربعين جزءاً من أجزاء النبوّة»۱أنّ نسبة زمان نبوّته صلى اللَّه عليه وآله بطريق الرؤيا - وهي ستّة أشهر - إلى مدّة مجموع زمانها - وهي ثلاث‏۲ وعشرون سنة - نسبةُ الواحد إلى ستّة وأربعين .
وفي طريق العامّة أيضاً أنّ بَدْأَ نبوّته صلى اللَّه عليه وآله إنّما هو بالرؤيا ، أي رؤيته جبرئيل في المنام؛ فقد روى البخاري في صحيحه : أنّ أوّل ما بُدِئَ به رسول اللَّه من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فَلَق الصبح.۳

الحديث الرابع‏

0.روى في الكافي عَنْ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدٍ4، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ العِجْلِيِ‏5: عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليهما السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالى‏6: «وَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَ لَا نَبِىٍ‏7 (وَلَا

1.عدّة الداعي، ص ۲۷۸. وعنه في بحار الأنوار، ج ۷۳، ص ۲۲۰، ح ۳۰؛ صحيح مسلم، ج ۷، ص ۵۳؛ سنن الترمذي، ج ۳، ص ۳۶۳، ح ۲۳۷۳.

2.في الأصل : «ثلاثة» .

3.صحيح البخاري ، ج ۱ ، ص ۳ ؛ وج ۶ ، ص ۸۸ ؛ و ج ۸ ، ص ۶۷ .

4.في الكافي المطبوع: «أحمد بن محمّد و محمّد بن يحيى».

5.في الكافي المطبوع : «عن بريد» .

6.في الكافي : «عزّوجلّ» .

7.الحجّ (۲۲): ۵۲.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 151576
صفحه از 592
پرینت  ارسال به