503
الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3

حُقُوقِهِمْ وَخُذْ لَهُمْ البَرَاءَةَ،۱ لَا وَ اللَّهِ ، لَا أَدَعُ مُؤَاسَاتَكُمْ وَ بِرَّكُمْ مَا مَشَيْتُ عَلَى الْأَرْضِ ، فَقُولُوا مَا شِئْتُمْ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا تُعْطِينَا إِلَّا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِنَا ، و مَا لَنَا عِنْدَكَ أَكْثَرُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام‏۲ : «قُولُوا مَا شِئْتُمْ ، فَالْعِرْضُ عِرْضُكُمْ ، فَإِنْ تُحْسِنُوا فَذَاكَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَ إِنْ تُسِيئُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ وَ اللَّهِ ، إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ أَنَّهُ مَا لِي يَوْمِي هذَا وَلَدٌ وَ لَا وَارِثٌ غَيْرُكُمْ ، وَ لَئِنْ حَبَسْتُ شَيْئاً مِمَّا تَظُنُّونَ ، أَوِ ادَّخَرْتُهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ لَكُمْ ، وَ مَرْجِعُهُ إِلَيْكُمْ ، وَ اللَّهِ ، مَا مَلَكْتُ مُنْذُ مَضى‏ أَبُوكُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْئاً إِلَّا وَ قَدْ سَيَّبْتُهُ‏۳ حَيْثُ رَأَيْتُمْ».
فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : وَ اللَّهِ ، مَا هُوَ كَذلِكَ ، وَ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكَ مِنْ رَأْيٍ عَلَيْنَا ، وَ لكِنْ حَسَدُ أَبِينَا لَنَا وَ إِرَادَتُهُ مَا أَرَادَ مِمَّا لَا يُسَوِّغُهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ، وَ لَا إِيَّاكَ ، وَ إِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنِّي أَعْرِفُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيى‏ بَيَّاعَ السَّابِرِيِّ بِالْكُوفَةِ ، وَ لَئِنْ سَلِمْتُ لَأُغَصِّصَنَّهُ بِرِيقِهِ وَ أَنْتَ مَعَهُ .
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، أَمَّا إِنِّي يَا إِخْوَتِي ، فَحَرِيصٌ عَلى‏ مَسَرَّتِكُمْ ، اللَّهُ يَعْلَمُ ؛ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ صَلَاحَهُمْ ، وَ أَنِّي بَارٌّ بِهِمْ ، وَاصِلٌ لَهُمْ ، رَفِيقٌ عَلَيْهِمْ ، أُعْنى‏ بِأُمُورِهِمْ لَيْلًا وَ نَهَاراً ، فَاجْزِنِي بِهِ خَيْراً ، وَ إِنْ كُنْتُ عَلى‏ غَيْرِ ذلِكَ ، فَأَنْتَ‏۴ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، فَاجْزِنِي بِهِ مَا أَنَا أَهْلُهُ ، إِنْ كَانَ شَرّاً فَشَرّاً ، وَ إِنْ كَانَ خَيْراً فَخَيْراً ؛ اللَّهُمَّ أَصْلِحْهُمْ ، وَ أَصْلِحْ لَهُمْ ، وَ اخْسَأْ عَنَّا وَ عَنْهُمُ الشَّيْطَانَ ، وَ أَعِنْهُمْ عَلى‏ طَاعَتِكَ ، وَ وَفِّقْهُمْ لِرُشْدِكَ ؛ أَمَّا أَنَا يَا أَخِي ، فَحَرِيصٌ عَلى‏ مَسَرَّتِكُمْ ، جَاهِدٌ عَلى‏ صَلَاحِكُمْ ، وَ اللَّهُ عَلى‏ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا أَعْرَفَنِي بِلِسَانِكَ! وَ لَيْسَ لِمِسْحَاتِكَ عِنْدِي طِينٌ . فَافْتَرَقَ الْقَوْمُ عَلى‏ هذَا ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ .

1.في الكافي المطبوع: - «اقبض زكاة» إلى هنا.

2.في الكافي المطبوع: - «عليّ عليه السلام».

3.في «الف»: «شتّته».

4.في «الف»: «وأنت».


الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
502

مَدْحُوراً ؛ نَعْرِفُكَ بِالْكَذِبِ صَغِيراً وَ كَبِيراً ، وَ كَانَ أَبُوكَ أَعْرَفَ بِكَ لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ ، وَ إِنْ كَانَ أَبُوكَ لَعَارِفاً بِكَ فِي الظَّاهِرِ وَ الْبَاطِنِ ، وَ مَا كَانَ لِيَأْمَنَكَ عَلى‏ تَمْرَتَيْنِ .
ثُمَّ وَثَبَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ عَمُّهُ ، فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّكَ لَسَفِيهٌ ضَعِيفٌ أَحْمَقُ ، اجْمَعْ هذَا مَعَ مَا كَانَ بِالْأَمْسِ مِنْكَ ، وَ أَعَانَهُ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ .
فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْقَاضِي لِعَلِيٍّ عليه السلام : قُمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، حَسْبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ الْيَوْمَ ، وَ قَدْ وَسَّعَ لَكَ أَبُوكَ ، وَ لَا وَ اللَّهِ ، مَا أَحَدٌ أَعْرَفَ بِالْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِ ، وَ لَا وَ اللَّهِ ، مَا كَانَ أَبُوكَ عِنْدَنَا بِمُسْتَخَفٍّ فِي عَقْلِهِ ، وَ لَا ضَعِيفٍ فِي رَأْيِهِ .
فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلْقَاضِي : أَصْلَحَكَ اللَّهُ ، فُضَّ الْخَاتَمَ وَ اقْرَأْ مَا تَحْتَهُ ، فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ : لَا أَفُضُّهُ ، حَسْبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ مُنْذُ الْيَوْمِ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : فَأَنَا أَفُضُّهُ ، فَقَالَ : ذَلِكَ‏۱ إِلَيْكَ ، فَفَضَّ الْعَبَّاسُ الْخَاتَمَ ، فَإِذَا فِيهِ إِخْرَاجُهُمْ وَ إِقْرَارُ عَلِيٍّ عليه السلام لَهَا وَحْدَهُ ، وَ إِدْخَالُهُ إِيَّاهُمْ فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ عليه السلام إِنْ أَحَبُّوا أَوْ كَرِهُوا ، وَ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ حَدِّ الصَّدَقَةِ وَ غَيْرِهَا ، وَ كَانَ فَتْحُهُ عَلَيْهِمْ بَلَاءً وَ فَضِيحَةً وَ ذِلَّةً ، وَ لِعَلِيٍّ عليه السلام خِيَرَةً .
وَ كَانَ فِي الْوَصِيَّةِ الَّتِي فَضَّ الْعَبَّاسُ تَحْتَ الْخَاتَمِ : هؤُلَاءِ الشُّهُودُ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَ إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَ جَعْفَرُ بْنُ صَالِحٍ ، وَ سَعِيدُ بْنُ عِمْرَانَ ؛ وَ أَبْرَزُوا وَجْهَ أُمِّ أَحْمَدَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي ، وَ ادَّعَوْا أَنَّهَا لَيْسَتْ إِيَّاهَا حَتّى‏ كَشَفُوا عَنْهَا وَ عَرَفُوهَا ، فَقَالَتْ عِنْدَ ذلِكَ : قَدْ وَاللَّهِ ، قَالَ سَيِّدِي هذَا : إِنَّكِ سَتُؤْخَذِينَ جَبْراً ، وَ تُخْرَجِينَ إِلَى الْمَجَالِسِ ؛ فَزَجَرَهَا إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَ قَالَ : اسْكُتِي ؛ فَإِنَّ النِّسَاءَ إِلَى الضَّعْفِ ، مَا أَظُنُّهُ قَالَ مِنْ هذَا شَيْئاً .
ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً عليه السلام الْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاسِ ، فَقَالَ : «يَا أَخِي ، إِنِّي أَعْلَمُ‏۲ إِنَّمَا حَمَلَكُمْ عَلى‏ هذَا۳ الْغَرَائِمُ وَ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْكُمْ ، فَانْطَلِقْ يَا سَعِيدُ ، فَتَعَيَّنْ لِي مَا عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ اقْضِ عَنْهُمْ ، وَ اقْبِضْ زَكَاةَ

1.في الكافي المطبوع: «ذاك».

2.في الكافي المطبوع: + «أنّه».

3.في الكافي المطبوع: «هذه».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمّة الهدي 3
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ الطباطبائي،السّيّد محمود
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 120176
صفحه از 592
پرینت  ارسال به