حُقُوقِهِمْ وَخُذْ لَهُمْ البَرَاءَةَ،۱ لَا وَ اللَّهِ ، لَا أَدَعُ مُؤَاسَاتَكُمْ وَ بِرَّكُمْ مَا مَشَيْتُ عَلَى الْأَرْضِ ، فَقُولُوا مَا شِئْتُمْ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا تُعْطِينَا إِلَّا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِنَا ، و مَا لَنَا عِنْدَكَ أَكْثَرُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام۲ : «قُولُوا مَا شِئْتُمْ ، فَالْعِرْضُ عِرْضُكُمْ ، فَإِنْ تُحْسِنُوا فَذَاكَ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَ إِنْ تُسِيئُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ؛ وَ اللَّهِ ، إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ أَنَّهُ مَا لِي يَوْمِي هذَا وَلَدٌ وَ لَا وَارِثٌ غَيْرُكُمْ ، وَ لَئِنْ حَبَسْتُ شَيْئاً مِمَّا تَظُنُّونَ ، أَوِ ادَّخَرْتُهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ لَكُمْ ، وَ مَرْجِعُهُ إِلَيْكُمْ ، وَ اللَّهِ ، مَا مَلَكْتُ مُنْذُ مَضى أَبُوكُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْئاً إِلَّا وَ قَدْ سَيَّبْتُهُ۳ حَيْثُ رَأَيْتُمْ».
فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : وَ اللَّهِ ، مَا هُوَ كَذلِكَ ، وَ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكَ مِنْ رَأْيٍ عَلَيْنَا ، وَ لكِنْ حَسَدُ أَبِينَا لَنَا وَ إِرَادَتُهُ مَا أَرَادَ مِمَّا لَا يُسَوِّغُهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ، وَ لَا إِيَّاكَ ، وَ إِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنِّي أَعْرِفُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيى بَيَّاعَ السَّابِرِيِّ بِالْكُوفَةِ ، وَ لَئِنْ سَلِمْتُ لَأُغَصِّصَنَّهُ بِرِيقِهِ وَ أَنْتَ مَعَهُ .
فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ، أَمَّا إِنِّي يَا إِخْوَتِي ، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ ، اللَّهُ يَعْلَمُ ؛ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ صَلَاحَهُمْ ، وَ أَنِّي بَارٌّ بِهِمْ ، وَاصِلٌ لَهُمْ ، رَفِيقٌ عَلَيْهِمْ ، أُعْنى بِأُمُورِهِمْ لَيْلًا وَ نَهَاراً ، فَاجْزِنِي بِهِ خَيْراً ، وَ إِنْ كُنْتُ عَلى غَيْرِ ذلِكَ ، فَأَنْتَ۴ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، فَاجْزِنِي بِهِ مَا أَنَا أَهْلُهُ ، إِنْ كَانَ شَرّاً فَشَرّاً ، وَ إِنْ كَانَ خَيْراً فَخَيْراً ؛ اللَّهُمَّ أَصْلِحْهُمْ ، وَ أَصْلِحْ لَهُمْ ، وَ اخْسَأْ عَنَّا وَ عَنْهُمُ الشَّيْطَانَ ، وَ أَعِنْهُمْ عَلى طَاعَتِكَ ، وَ وَفِّقْهُمْ لِرُشْدِكَ ؛ أَمَّا أَنَا يَا أَخِي ، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ ، جَاهِدٌ عَلى صَلَاحِكُمْ ، وَ اللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ».
فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا أَعْرَفَنِي بِلِسَانِكَ! وَ لَيْسَ لِمِسْحَاتِكَ عِنْدِي طِينٌ . فَافْتَرَقَ الْقَوْمُ عَلى هذَا ، وَ صَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ .